أدب

أوراق الخريف.. ساحرة النيل (٧)

شرين خليل

جلست أفكر ولم اتحرك من مكاني حتى غربت الشمس حينها سمعت صوت ينادي عليه صوت حامد أخي التفت وجدته اقتربت منه ولكنه اختفى ناديت عليه حامد حااامد.. ولكنه لم يجب ولكني سمعت صوت آخر ينادي عليّ بشده إسماعيل اصحى يا إسماعيل إنت نمت مكانك؟؟ استيقظت وأنا لا أدري ماذا حدث لي فلقد غفوت مكاني وأنا لا أشعر ولم يشعر بي أحد فالمكان خالي تماماً من البشر ..
وعندما تأخرت جاء خالي مصباح ليطمئن علي فوجدني نائماً وايقظني من الحلم الذي رأيته:
ما لك يا إسماعيل في إيه إنت ازاي نمت مكانك وإنت قاعد كده.
-مش عارف يا خالي أنا قعدت أفكر أعمل إيه وهاقول لأمي إيه لقيت نفسي بابكي. بكيت كثير على حظي وحظي أمي واخويا حامد وفؤاد الله يرحمه ما حستش بنفسي غير وانا بنادي على حامد.. أنا نفسي حامد يرجع يا خالي أنا حاسس إني وحيد في الدنيا أمي بقت إنسانه منكسره نفسي افرحها بأي حاجه أنا حزين من جوايا يا خالي فشلت في جوازي مش عارف هاقدر ثاني اتجوز وأبدأ حياة تانية ولا أعمل إيه وحامد أخويا سندي وعكازي محتاج اللي يسنده ويقف جنبه وفؤاد راح وارتاح وأمي زي ما أنت شايف كل يوم تاخد القارب وتلف في النيل تدور على فؤاد وتنادي على حامد لما الناس بدأت تتهمها بالجنون أنا تعبان يا خالي مش عارف أعمل إيه..
-كل شيء في الدنيا له حل يا إسماعيل ودي فترة مؤقتة وكل شيء هيرجع تمام ..حامد إن شاء الله هيرجع بس طمني قل لي إيه اللي في الجواب.. -اتفضل الجواب أهو أقرأه بنفسك وشوف..
-هات يا ابني.
فتح خالى الخطاب وقرأه ثم قال لي :
بص يا اسماعيل احنا هنبعت لحامد الفلوس اللي هو عايزها عشان يسدد ديونه ويخلص نفسه من المشكلة اللي هو فيها ويرجع في أقرب وقت ويبدأ هنا حياته من جديد إحنا نقعد نتكلم مع أمك بهدوء ونفهمها الموضوع لازم تعرف المشكلة ولازم تعرف إن حامد في بخير بس حصلت له ظروف وممكن تحصل لأي حد بس أهم حاجه إنه بخير يلا يا إسماعيل نرجع البيت ونقعد مع أمك ونفهمها الحكاية..
وبالفعل ذهبنا إلى المنزل واخبرنا أمي بالخطاب وبصديق حامد وبالذي حدث معه..
وقالت أمي أنها مستعدة لفعل أي شيء لمساعدة حامد وأنها ستقوم ببيع قطعة أرض وترسل الأموال إلى حامد حتى يستطيع العودة..
أصبحت أمي إنسانه أُخرى قلبها مليء بالحزن والحب تحاول أن ترضينا بكافة الطرق وبالفعل بدأنا في إجراءات البيع وقمت بالإتصال بصديق حامد وأخبرته بأنني سأعطيه مبلغ من المال حتى يستطيع حامد سداد ديونه وتمت المهمة وبعد مرور شهرين من سفر صديق حامد..
أرسل حامد رسالة يخبرنا بأنه سدد كل ديونه وسوف يأتي قريبا جدا..
وجاء اليوم المنتظر وعاد حامد إلى الوطن ليعود لنا الفرح من جديد من بعد ما استوطن الحزن بداخلنا ..
عاد حامد ليحمل معه أمل من جديد ..
أمل حقيقي وليس زائف ..
أمل بأنه مهما بلغت الشدة ذروتها فلابد من انفراجها…
فرحت أمي وكأنها عادت إلى أيام الصبا مرة أخرى…
كانت صدمة كبيرة على حامد عندما علم بوفاة فؤاد وهو في الغربة ..ولكنها أقدار الله ..ولذا وتعاهدنا على ألا نفترق ولا نترك أمي وخاصة بعد وفاة فؤاد…
حاولنا بقدر الإمكان إسعاد أمي ..كنا نجلس تحت قدميها وكأننا أطفال صغار ونطلب منها تحكي لنا الحكايات …
وفي يوم طلبت مننا أمي طلب وكان لابد من تلبية طلبها فهو طلب مشروع ومن حقها وأيضاً من حقنا ..
طلبت مننا أن يبدأ كل واحد فينا بالبحث عن زوجة صالحة فهي تتمنى أن ترى أحفادها …
هذه المرة سوف أبحث عن الزوجة التي تقف بجانبي وتتحملني في تعبي وفي كل ظروفي …
أما حامد فلقد اختار زينب ابنة خالي فهي حقاً نعم الزوجة ..
وتم الزواج وأصبحت أمي سعيدة وخاصة بعد إنجاب حامد طفلاً جميلاً أسماه فؤاد…
اطمئنت أمي على حامد …
وحان الوقت لكي تطمئن علي فهي لن يهدأ لها بال إلا أن أتزوج …
وعدتها بأني سوف أتزوج في الوقت المناسب عندما أجد من أشعر تجاهها بالارتياح..
وعندما وجدتها غضبت أمي وثارت..
وعادت مرة أخرى لثوبها القديم …
وقالت لي بحده:
هي دي اللي اختارتها يا إسماعيل..بعد كل دا ..تختار دي ..ليه البنات خلصت ..
-يا أمي افهميني…
-افهم ايه بس وانت كل اختياراتك غلط ..
-صدقيني المرة دي مش هتكون غلط …
-يعني كل البنات اللي في البلد دي مفيش واحده عجبتك إلا صباح بنت أم صلاح ..الدنيا ضاقت بك يا إسماعيل..
-ياأمي صباح بنت طيبة وانتي عارفاها كويس ومتربية معانا …
-إنت ناسي أمها واللي كانت بتعمله معانا…
-يا أمي ما إنتي طلعتي روحها وبهدلتيها…
-خلاص يابني اللي إنت عاوزه اعمله ..أنا عارفة إني مش هاخلص معاك …
-يعني موافقه..
-الأمر لله ..هاقول إيه بس…
-قولي مبروك وإن شاء الله كل شئ هايكون زي ما إنتي عايزه..
-دا أنت شكلك اتفقت وخلصت ..
-مقدرش أعمل حاجه من غير موافقتك يا أغلى أم في الدنيا..كل الموضوع إني اتكلمت مع صلاح ولاقيته مرحب جداً..
-طبعاً هما يطولوا..
عموماً يابني ربنا يسعدك ويعوضك خير..روح لهم إنت وأخوك اتفقوا وأنا موافقه على كل حاجه …والحق بسرعه قبل ماغير رأيي…
-حاضر يا أمي.
أسرعت في إتمام الزواج …ولكن لم أكن أعلم بأن أمي ستكون قاسية معي ومع زوجتي..
فهي لم تنسي مافعلته أم صباح معها ..
وبدأت أمي المعارك التي لم أتوقعها ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى