سفرة جنوبية

مصطفى العارف | العراق

انطلقت الحافلة من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في  بغداد إلى اهوار الجنوب في رحلة ترفيهية ,وعلمية تضم مجموعة من الفنانين والمبدعين, والرسامين العرب جلس علي بقرب الفنانة الكبيرة آلاء النحاس, وهي نحاته كبيرة قادمة من مصر طلب منها أن تنحت له تمثالا لزوجته التي قضت نحبها بعملية إرهابية جبانة في منطقة الكرادة , أخذت تفاصيل زوجته وبدأت تخطط في دفتر لقياسات التمثل.

جلس الأستاذ جاسم العلي على الجهة اليمنى من شباك الحافلة تبدو عليه آثار الحزن والهم, وهو يتأمل بدقة الطريق الزراعي الجميل النخيل من الجانبين  جلست قربه الدكتورة بلقيس ياسر -:قالت  مرحبا يمكن أن اجلس قربك ,التفت إليها ولم يعر لها أهمية تذكر أشار لها بالموافقة, وعاد ينظر من الشباك. – : عفوا هل زرت الاهوار سابقا حدثني عنها الطريق طويل وممل. -: الاهوار منطقة رائعة الجمال فيها الأسماك والطيور والزراعة وناسها الطيبين  قاطعته لماذا أنت حزين وكئيب ؟

نادى مسؤول الرحلة وصلنا إلى مدينة أور الأثرية , على جميع السياح التوجه  إلى منطقة الزقورة حتى نرى بشكل واضح  آثار قديمة وكتابات مسمارية ونصوص شعرية قديمة تعود الى الملاحم الشعرية القديمة اخذ الجميع يلتقط الصور ويشاهد هذا البناء الشامخ , كان مرتضى هو الدليل للسياح اخذ يشرح لهم عظمة البناء وثقافة الشعب العراقي , والشاعر السومري الذي نظم ارقي أنواع الشعر في العالم.

-: بدأت سوزان تحاوره وتسجل كلامه عن الآثار لأنها باحثة انثوبولوجيا لديها كتاب جديد يتحدث عن الآثار والرحلات العالمية.

بعدها تحدث الدكتور مصطفى الرسام المتخصص بالشعر السومري عن قدم الحضارة في بلاد وادي الرافدين -: قال أيها السيدات والسادة أسعدتم صباحا انتم اليوم على موعد مع المحاضرة العلمية عن تاريخ هذه المدينة الموغلة في القدم إنها أقدم بقعة على ارض البشرية ضمت بيت النبي إبراهيم عليه السلام , وقد نقبت البعثات الدولية والعالمية عن آثار تعود إلى مئات السنين , وهناك رسوم مرسومة على جدران الزقورة , وفي أعماق البيت وجدنا أشعارا سومرية قديمة تحتاج إلى مترجمين ومختصين لمعرفتها وترجمتها وما زالت البعثات مستمرة لكشف الآثار المدفونة تحت الزقورة , والتي سرق منها الكثير وهرب إلى خارج البلاد لنهب الحضارة وطمس ملامحها  , وبعد نهاية المحاضرة تجول الأدباء في أروقة المدينة الجميلة , توجهت بهم الحافلة إلى جنوب الناصرية لزيارة الاهوار الجنوبية التي تعد من أروع معالم المدينة , كان الأستاذ حسن العودة هو المرشد السياحي لنا دخلنا الهور كانت المياه تحطنا من جميع الجهات الطيور فوقنا تحلق بشموخ وكبرياء, صعدنا البلم الجنوبي وتجولنا في أعماق الاهوار الطيور من فوقنا تؤدي التحية وتتطاير فرحا , والإوز تصفق وتنحني لنا والأسماك تطير إلى السماء وتسقط مغميا عليها من فرحة لقاؤنا , جلسنا في مساحة صغيرة من اليابسة تحطينا المياه من كل جانب قام الأصدقاء بشوي السمك الطازج بطريقة المسكوف وقدم الطعام إلى الجميع والكل منبهر بهذه الطبيعة الجميلة والبيئية الجنوبية الرائعة , وقد بذل جهودا مضنية الدليل الجنوبي  في تقديم الخدمات إلى الجميع , جلست الفنانة آلاء بجانب جاسم وبدأت تأكل السمك , كان يراها تنظر إليه  بعينيها الواسعتين قائلة -:  لماذا لا تأكل السمك معنا ؟, ولماذا أنت بعيد عنا ؟ سقطت دموعه واخذ يبك بصوت عال انتبه الجميع . -:  قال جاسم : فقدت عائلتي بحادث سير ونجوت من الموت بأعجوبة  كنت أتمنى أن أكون معهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى