أخبار

ورشة حول التعايش السلمي بالتعاون مع السفارة الهندية نفذتها مؤسسة نما للتدريب الإعلامي

تزامنا مع الذكرى 70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الهند والعراق

كتبت – رجاء حميد رشيد
أقامت مؤسسة (NAMA) نما للتدريب الإعلامي بالتعاون مع السفارة الهندية في بغداد، ورشة حول التعايش السلمي والخطاب الإعلامي المعتدل، بمشاركة ( 38) من الصحفيين والقانونيين والمدونين، يوم الأربعاء 2023/3/22.


تناولت الورشة التي حضرها السفير الهندي لدى بغداد السيد براشنت بيساي ، التعريف بتجربة دولة الهند حول تعزيز السلام والتنمية والتعايش السلمي ، كما تناولت أيضا الفنون الإعلامية ، تطبيقات المواقع الالكترونية ، والخطاب المعتدل وتأثيره على المجتمع العراقي.
وقدم السفير الهندي نبذة عن تجربه بلاده منذ تحريرها من الاستعمار البريطاني عام 1947 ولغاية الوقت الحاضر والتطورات الحاصلة في كل الجوانب الحياتية قائلاً: ” من أهم عوامل بناء الدول هو النهوض باقتصادها ، عملت الهند عام 1991 على خصخصة اقتصادها والاعتماد على شركات القطاع الخاص وليس الاعتماد على القطاع الحكومي فقط ، حيث عملت شركات عملاقة على توفير فرص عمل كثيرة جدا للشباب من خلال 100 شركة يونيكوم ، منها شركة جامتسني تاتا لمؤسسها إيراني الأصل من الديانة الزرادشتية ، والهند متطورة جدا في مجال تكنولوجيا المعلومات ، مؤكداً النهوض بالجانب الاقتصادي هو أساس للتعايش السلمي “.
القانون يسري على الجميع
وأوضح سعادة السفير : “وفرت الدولة الهندية البيئة الخصبة والمناسبة للعيش بسلام لكافة الطوائف والأديان المتنوعة فيها من خلال احترام القوانين النافذة والديمقراطية والدستور الذي تضمن كل ما يتعلق بحياة الهند ولا يمكن تجاوزها ، والقانون يسري على الجميع دون استثناء ،وهذا ما ساعد اقتصاد الهند بالنمو والتطور سريعاً خاصة وان الشعب الهندي متنوع الأديان واللغات والثقافات ، حيث توجد ( 22) لغة رسمية ، و(1000) لهجة محلية في ( 30) ولاية بالهند ، لدى كل مجموعة لغتهم وملابسهم وثقافتهم المختلفة ولكن كلهم متوحدين ويسعون أن يكون الهند أفضل بلد بالعالم ، عن طريق نبذ العنف والتطرف وهذا جزء من فلسفتهم منذ 5000 عام والعيش بسلام وأمان معاً “.

ثقافة الحوار والأديان
وتابع سعادة السفير: “الهندوس هي الديانة الرئيسية في الهند حيث تمثل 75% ، ثم المسلمين 15% ما يقارب 200مليون مسلم فيها قياساً بعدد نسماته ، ويمثل المسيح 2% من سكانها ، وهناك ثلاثة ديانات أخرى (البوذية ، السيخ ، الجانية) ، استقبلت الهند ديانات من حضارات مختلفة لان الحياة في الهند ترتكز على نقطة مهمة وهي تحقيق الوحدة للبلد انطلاقاُ من إيمانهم بفلسفتهم بان العالم يستطيع العيش سوية وان احدهما يكمل الآخر ، وهناك مقابر كثيرة وتكيات صوفية ومراقد ومساجد أسلامية جاءت من وسط آسيا ومصر، وهناك تفاعل كبير بينهم وحتى أن الكثير من الهندوس يزورون هذه المراقد ويتباركون بها ،وهذا ما يعكس تعايشهم السلمي وقبولهم الآخر المختلف ، فالهند أصبحت ملجأ للكثير من الأديان والمذاهب هاجروا من بلدانهم الأصلية بسبب معاناتهم واضطهادهم وعدم إمكانية ممارسة طقوسهم بحرية واستطاعوا العيش بسلام وأمان فيها منهم البهائية والزرادشتية من بلاد فارس والبهرة من اليمن وغيرها ، وكان هناك استقبال كبير للصوفية صوت التعايش السلمي والإيمان بمبادئ الصوفية عززت تفاعل الهنود مع قيم الأخوة والتسامح والتعايش السلمي في الهند “.


التوعية والتثقيف أساس تقدم الشعوب
وعن التقدم والديمقراطية في الهند قال السفير الهندي :” منذ 75 عام وصلت الهند إلى الديمقراطية بعد تحررها من الاستعمار البريطاني ،وهي الحل الأمثل للعيش بسلام وتناغم تضمنها الدستور ، ونفذت حملات توعية لكل الشعب الهندي بمفهوم الديمقراطية والعمل على تأسيسها ونشرها حيث وصلت لكل المناطق النائية والجبال والصحراء وشملت كل الفئات العمرية وحتى الإنسان البسيط مهما كانت ثقافته أو تعليمه والإنسان الأمي البدائي ، وهذا يساعدهم على اختيار ممن ينتخبون في الدورات الانتخابية التي تقام كل خمس سنوات وفقاً للدستور الهندي الذي استغرق سنتين ونصف لكتابته بعد دراسة دساتير الدول المتقدمة ، وأصبح الدستور الهندي من أهم الدساتير في العالم ، منح الفرص للأقليات والطوائف والأديان والمرأة فرص متساوية في تسنم الكثير من المناصب وحسب فوزهم في انتخابات نزيهة عادلة وكل حسب كفاءته ومؤهلاته ، والمشاركة في الانتخابات لا تقل عن 80% دائماً ، هناك اختلافات قبل الانتخابات ولكن التعامل معها يكون بصورة متحضرة وسلمية دائما وحسب القيم الإنسانية والتسامح والاحترام ، واستطاعت الهند القضاء على الأمية والفقر حيث بلغت نسبته الآن 15% بعد أن كان عند استقلالها 50% ،وكذلك النهوض بمستوى التعليم عموما، وهناك ولايتين نسبة التعليم فيها 100% ” ونهضت أيضا بالمجال الصحي وأصبحت الهند تستقبل الكثير من الحالات المرضية من كل دول العالم للعلاج في مستشفياتها “.


رفض التطرف والعنف
وأكد السفير الهندي :” بفعل هذا التناغم والديمقراطية استطاع الهنود رفض التطرف والعنف مستشهداً بالشخصية الأشهر في العالم المهاتما غاندي رسول سياسة اللاعنف ومواجهته بطرق سلمية للاستعمار البريطاني ، حيث استطاع غاندي مواجهة الاحتلال من خلال عدد لا بأس به من السكان ومن طبقات فقيرة لكنها ترفض الاستعمار بشكل سلمي وبدون أي عنف ، فالهنود يناضلون من اجل الحرية وفخورين بأجدادهم الذي كافحوا من أجل الحرية والديمقراطية والدستور ،وأصبحت الهند اليوم هي البلد الثاني التي ترسل قوات حفظ السلام إلى الدول التي تواجه نزاعات وأوضاع غير مستقرة “.


دور الصحافة والإعلام في تعزيز السلم المجتمعي
وأشار السفير الهندي إلى الدور الكبير والمهم الذي يلعبه الإعلام في تعزيز السلم المجتمعي ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر ونشر ثقافة الديمقراطية من خلال الاعتماد على الإعلام العمود الرابع لأي بلد ، وأضاف لدينا 1000 قناة تلفزيونية ، آلاف من الصحف التي تصدر باللغات المحلية ما يقارب 1000 لغة ، كما احتلت تكنولوجيا المعلومات في الهند المرتبة الأولى بين دول العالم ، والصحف في الهند مستقلة ولها قوتها ولها دور في كل المجالات وتقدم نقدها لكل السلطات ويتم الأخذ بها ، والشعب الهندي مواظب على قراءة الصحف والكتب الورقية رغم التطورات التكنولوجيا والصحف الالكترونية والمواقع والشبكات والتي يترأسها مدراء من أصل هندي مثل كوكل ومايكروسوفت “.

صحافة تحليلية
أوضحت رئيس مؤسسة نما للتدريب الإعلامي عن الهدف من عقد هذه الورشة قائلة :” مؤسسة نما للتدريب الإعلامي هي من المؤسسات التي تسعى باستمرار إلى تنمية الإعلاميين والصحفيين وتمكينهم بكافة الوسائل والطرق المتاحة ” وجدنا أن هناك نقص في فهم الكثير من الموضوعات الإعلامية والصحفية وكيفية تناول الموضوعات الدولية وإخضاعها للتحليل ونقلها إلى الجمهور ، وجدنا أن الكثير من الشباب لا يعي حقيقة بان بإمكانه الكتابة عن تجارب الدول الأخرى خاصة التي تمتلك واقعاً شبيهاً مع الواقع العراقي من الناحية الجغرافية ، الديموغرافية ، لذلك وجدنا في تجربة الهند بداية هي تجربة قابلة للنقل وقابلة لإخضاعها للتحليل والتفسير ونحاول قدر الإمكان أن نأخذ أوجه الشبه وعوامل القوة في تعزيز التعايش السلمي في الهند على الرغم من تعدد الديانات والطوائف والقوميات والأحزاب السياسية المتواجدة فيها ، وترجمة هذا الواقع وكيف تمكنوا من تأسيس مجتمع مسالم محافظ يتبنى مفاهيم التسامح وامكانية نقل هذه التجربة إلى العراق ، وماهي العوامل التي يجب أن يكتب عنها الإعلامي والصحفي من اجل أن يوصل هذه المعلومات للجماهير وللمجتمع العراقي .
وأضافت صقر :” لمسنا أيضا أن بعض الصحفيين خاصة الشباب بأنهم عادة يأخذون الأخبار وينقلونها ولكن هذا ليس مفهوم الصحافة فقط ، فالصحفي دوره أن يفهم ما معنى السلطة الرابعة ويعمل على نشر هذا الوعي إلى المتلقي وبالتالي يجب أن يتناول الموضوعات التي من الممكن أن تخدم المجتمع وتساهم في بناء الدولة من ناحية التوعية وجعل المواطن يفهم ويبصر الكثير من الحقائق حول أوضاع البلد السياسية والاجتماعية والتشريعات وغيرها ويفسرها للجمهور حتى يفهمها ويستوعبها ويتخذون من خلالها مواقف وآراء بصورة سليمة وليست بصورة قد تكون منقادة أو منحازة دون فهم أو استيعاب ، وهذا الأمر خطير فالإعلامي يقع على عاتقه توعية الناس كي تشارك في تأسيس الدولة بصورة سليمة “.
فيما تحدث المدير التنفيذي لمؤسسة نما للتدريب الإعلامي رحيم الشمري عن التجربة الهندية ومدى تطورها تكنولوجيا مقارنة مع العراق ، مشيرا إلى التطورات الحاصلة في الهند والخدمات والأبنية العمرانية والتي شاهدها خلال زيارته الأخيرة للهند ، مهم أن يأخذ التقدم والمعرفة ويستفاد العراق بالنهوض بالعديد من البنى التحتية .
واختتم الشمري حديثه بالقول “تعد هذه الورشة الأولى التي تقيمها السفارة الهندية في الشرق الأوسط لمد أواصر قوية الشعب العراقي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى