كم للتصبِّرِ فِي الهوى تتكلَّفُ

صالح علي |شاعر سوري مقيم بلبنان

كم للتصبِّرِ فِي الهوى تتكلَّــــــــفُ
ومدادُ شوقك في القصائد يرعـفُ

وأراك تدعو كاذبًــــــا نسيــــــانهم
عبثًـــا تحــــــاولُ والمُنى لا تُنصِـفُ

هجرَ الأحبَّة ناظِريكَ وغــــــادروا
بالصدر جرحًـــــــــا من ضلوعك ينزفُ

غابوا وما غابت نسائم وِدِّهـــــم
بل مثلُ طيـــــــرٍ في رُباكَ ترفــــرفُ!

فتهيج أحزانُ الفؤادِ لفقدها
وبحسرة تنعــــى البعادَ وتهتفُ

لمّا وقفت بربعهم متعــــرّضًا
نفحــــات ودّ بالجلال تكـــــشّف

ورأيت من طول التفكّر معلمًا
كانت به الدنيا تطيب وتلــــــــطفُ

قد حال عن عهد المسرّة جانبًا
وبه الخــــــــــراب بكلّ ساقٍ يزحفُ

أنزلت رحلي خلف ظهري حاسرا
شعري، وصدي بالشقاء مــــــــخوّف

وصرخت أبكي حين عاودني الأسى
والقلب من حرَّ الشجى يتلــــــهفّ

حيّيت من طلل تقادم عهـــــــــده
فــــــيه العيون لأهلهِ تتشــــــــــــوفُ

رحلوا قبيل الصبح في غدواتهم
قطعوا المهامه في البلاد وطوّفوا

رحلوا ولم يقضوا لبانة عاشقٍ
يصحو على همٍّ به لا يوصـــــفُ!

ويرى البعادُ أذابَ صخرة قلبه
فـــــــــي غربة فيها البلاء مكـــلّفُ

ماذا أقولُ ودمع عيني ناضبٌ
من طول ما ألقى يرِّقُ ويرهــــفُ

ذكرُ الحبيب يزيد قلبي لوعةً
وجنى الوصال بعذله لا يقطفُ

وأغارُ إن هبَّ النسيــــم بثوبه
خوفًا عليه فناظري لا يصــرفُ

قولوا لعذال الهوى إن أسرفوا
لومًا وعذلا بالغرامِ وعنَّفــــــوا

لو كنتمُ أدركتمُ سرَّ الهوى
لعذرتمُ الأقوامَ حين تصوَّفـــــــوا

كلُّ القصائد دون مدحك خدعةٌ
أهذي بها عن أصلها تتــــــحرفُ

إن لم تكن في وصف حسنك لم تكن
إلا سرابًا لا يحسُّ و يُـــــــــــرشفُ

لولاك ما طاب البكاءُ لناظري
يومًا وما زعمـــــــوا بأنيّ مدنفُ

أنت الذي أنصفتني وظلمتني
يوم أقتربت ، وما لظلمك منصفُ!

أُهديك من أشعار قلبي بلغةً
في درب وصلك كم تميل وتعطّفُ

وعزفت ألحان الجمال تصابياً
لولا الصبا ما كان عودي يعزف

وأراك قد أسقيتني عذب الهوى
غصصا وما صبري لذلك يُسعفُ

كم ذا تواعدُ ثم تخلف لاهيًا
والحرُّ إن عزمَ الوفا لا يخلفُ؟!

هلا أرحت القلب من أحزانه
فشموس وصلك عنده لا تُكسفُ!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى