لمن أعطيت قلبي

د. نجاة الجشعمي| مصر – العراق
مزجت وجع ابنتي بصوت الغياب
الأشد إيلامًا
ونسجت السطور بدقة
لتبقى القصيدة قطعة مني
لا أخون إحساسي
ولا أُبرر وجعي
لكني نطقته بصدق
لمن أعطيت قلبي؟
أعطيتُ قلبي لمن لا قلبَ له،
ووهبتُ عمري لمن لم يرَ فيّ عُمقًا يستحق البقاء.
مشيتُ حافية فوق جراحهم،
وأهديتُهم ظلي في عزّ شتائي.
لمن أعطيت قلبي؟
قالوا: “أنتِ قوية”
فأخفوا عني الماء…
وراقبوني أذبل.
قالوا: “حنانك زائد
فزرعوا خناجرهم في ظهري باسم الحب.
لمن أعطيت قلبي؟
أنا التي بكَتْ من وراء الأبواب،
أنا التي صفعتْ كل مرة
وبكل جرحٍ قالت: “لا بأس”.
أنا التي صدّقتُ وعدَ الأب… والابن … والصديق… والأخ
فأين هم الآن؟
لمن أعطيت قلبي؟
أين من قالوا: لن نرحل أبدًا ؟
لمن أعطيت قلبي؟
كنتُ أكتب رسائل العتاب بحبر الصمت،
وأنثر الدعاء على أعتابهم،
لكنهم أغلقوا الأبواب دون حتى نظرة وداع.
لمن أعطيت قلبي؟
قالوا:
احذري طيبتكِ ستؤذيكِ”
لكنهم لم يخبروني
أن قسوتهم
هي التي ستنجيني.
لمن أعطيت قلبي؟
ربما قسَوا لأن قلبي فضح ضعفهم،
فخافوا صدقي…
وغاروا من دفئي
الصامت.
لمن أعطيت قلبي؟
حتى أبي…
ذلك الذي نظرتُ إليه طيلة عمري كملجأ،
أغلق بابه قبل أن أصل،
وغابت نبرته حين احتجت لصوته أكثر من أي وقتٍ مضى.
لمن أعطيت قلبي؟
لم يُخلق هذا القلب ليُرمى، ولا هذه الدموع لتُسفك دون عزاء.
هم لم يبتعدوا
لأني صعيفة.. بل لأنني أقوى من أن انافق ،
أو
أساوم، بل
حبي لهم غير مشروط
لمن أعطيت قلبي؟
فمن ذا يَحتوي تلك الطفلة التي بداخلي؟
التي كانت تُغني لهم،
وتنسى أن تحتضن نفسها.
فهل هو
العقاب الحقيقي؟
أنني كنتُ أُنقذهم من غرقهم، بينما كنتُ أغرق في صمتي.
أنني قتلتُ سنيني كي يعيشوا،
ثم دفنوني… حين تنفّسوا.
لكنني اليوم أعود…
لا لأنتقم،
بل لأستعيدني من الرماد.
وأبني وطناً في صدري لا يُطرد فيه الحنين،
ولا يُهان فيه الحُب….
لمن أعطيت قلبي؟؟؟




