قطر في الخرائط الجغرافية والتاريخية (150 – 1931م) دراسة جغرافية تاريخية

د. محمود رمضان | مدير مَرّكَزُ الخَلِيجَ للبُحوثِ وَالدّرَاسَاتِ التَّارِيخيَّةِ

قطر.. تاريخ وحضارة

سجلت قطر حضورًا قويًا في المصادر والوثائق العربية والإسلامية والأجنبية كالخرائط والمعاجم وأمهات الكتب، فضلاً عما دلت عليه الاكتشافات الأثرية لعمليات الحفر التي تمت بواسطة البعثات الوطنية والأوروبية المختلفة في مناطق متفرقة من البلاد، ولقد اكتشفت هذه البعثات عدة مواقع ترجع إلى فترات عدة من العصر الحجري، وتدل على حضارات امتدت إلى قطر كالحضارة العبيدية.وتروي مصادر التاريخ بعصوره المختلفة شواهد متعددة على مكانة قطر المرموقة وبراعة أهلها في ركوب البحر وصنع وتقويم الرماح التي كانت تعرف بالرماح الخطية وإتقان نسيج الثياب والبرود التي كانت تنسب إلى قطر وتسمى بالبرود القطرية ، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يلبس واحدة منها، وإذا كان وصف قطر ورد في كثير من أمهات الكتب مثل كتاب معجم البلدان للجغرافي العربي (ياقوت الحموي) وفي قصائد فطاحل الشعراء أمثال الشاعر الجاهلي المثقب العبدي ، والشاعر الأموي جرير والشاعر الراعي النميري.، فإن اسم قطر ورد أيضا في العديد من الخرائط التي رسمها الجغرافيون الأوائل الذين صمموا ووضعوا خرائط العالم من أمثــال (بطليموس ولازارو لويس) وغيرهما.ويأتي هذا الكتاب الذي يقدمه الدكتور محمود رمضان ويستعرض من خلاله حوالي مائة خريطة لأشهر وأعظم الجغرافيين وقد ورد فيها اسم قطر ليكون إضافة جديدة للمكتبة العربية ومعلمًا بارزًا على طريق الباحثين الراغبين في إجراء المزيد من البحوث والدراسات في هذا المجال، ومن أهم ما تؤكده الخرائط والوثائق التاريخية التي وصفت قطر أن مسيرة التحديث والنهضة التي تشهدها دولة قطر -في الوقت الحاضر-إنما ترتكز على قاعدة تاريخية صلبه، وتنطلق بالتالي نحو مستقبل واعد ومكانة شامخة بين الأمم.

كتاب ” قطر في الخرائط الجغرافية والتاريخية 150-1931م” الذي يوضح بالادلة والبراهين العلمية الموقع الجغرافي لدولة قطر عبر الخرائط الجغرافية والتاريخية حيث يقول الدكتور محمود رمضان في كتابه :

الموقع الجغرافي لشبه جزيرة قطر، وكذلك الاسم الدال عليها ظهر للمرة الأولى على جغرافية كلاديوس بطليموس Claudius Ptolemaeus 90-150م، والتي وضعها في عام 150م، ونشرت في سنة 882هـ/ 1477م، وقد نشرت أيضا في الأطلس الإسلامي التاريخي An Historical Atlas of Islam حيث ظهر بصيغة “قطارا “Catara، كما أن الخرائط الجغرافية المبكرة والتي بدأ نشرها في بداية القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي، وبالتحديد في سنة 917هـ/ 1511م عن طريق برناردوس سيلفانوس Bernardus Sylvanus اعتمدت على الخريطة الجغرافية المأخوذة من جغرافية العالم كلاديوس بطليموس Claudius Ptolemaeus في عام 150م

في إشارة إلى أهمية الخرائط الملاحية البرتغالية، إلا أن تلك الخرائط وما تبعها من خرائط أدخلت عدة تعديلات على صور الخليج في العصور الكلاسيكية القديمة، بالإضافة إلى وضع معلومات في قوالب زخرفية لحواشي وجوانب الخرائط، مع اتجاه الغرب إلى السيطرة على الخليج والهند كاتجاه استعماري للسيطرة على طرق التجارة وإنشاء ممالك جديدة للغرب في الشرق، ظهر اتجاه آخر جغرافي وملاحي لخدمة الاتجاه الرئيسي للمستعمرين، وتمثل في ظهور نوعين من الخرائط عرفا عند الجغرافيين المتخصصين بخرائط الجغرافية الدقيقة والمدروسة، وخرائط ملاحية تعتمد في وضعها على التخيل الجغرافي للمنطقة المراد توقيعها على الخرائط من النوع المشار إليه.ويضيف الدكتور رمضان:ساهم رسامو الخرائط البرتغاليون الأوائل في رسم خرائط ملاحية للخليج وبلدانه المختلفة بصور اقرب إلى الواقع الجغرافي المعروف في الوقت الحاضر مع اختلاف الحدود السياسية والجغرافية التي أصبحت فاصلة بين العديد من الدول والإمارات العربية بمنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية في الوقت الحاضر، ومن هذه الخرائط الملاحية خريطتان من رسم الجغرافي كاسبارو فيجاس Gaspao Viejas، يحتويان على موقع جزر غير مسماه تقع فيما بين شط العرب والبحرين.كما أن خريطة الجغرافي البرتغالي لازارو لويس Lazaro Lewis في سنة 970 هـ/ 1563م البحرية لشرقي الجزيرة العربية وبلاد ما بين النهرين

تعد من أهم وأقدم الخرائط التي تمثل نوعية الخرائط البحرية البرتغالية المتطورة للخليج، حيث ظهرت بها شبه جزيرة قطر، باسم مدينة قطر SiDa Dc DC catar، وعلى هيئة نتوء بارز داخل مياه الخليج ورمز إلى قطر بشكل حصن كبير به أربعة أبراج ومدخل ضخم محصن ويشرف مباشرة على سيف الخليج، وقد أمكن التعرف على الحصن المذكور واتضح انه حصن الحويلة الذي كان قائماً في تاريخ إعداد خريطة لازارو لويس Lazaro Lewis المشار إليه، كما أشار لازارو لويس في خريطته البحرية الثانية إلى قطر بصيغة Catar ورسمها بشكل اقرب إلى النتوء البارز الذي رمز به إلى شبه جزيرة قطر في خريطته الأولى

إلا انه لم يضع الحصن الذي ظهر في الخريطة المشار إليها.واستمر ظهور شبه جزيرة قطر بذات الموقع الجغرافي والرمز إليه بشكل النتوء البارز في الخليج، كما في خريطة الجغرافي لانجرين Langren في سنة 1005 ه/ 1796م، حيث أطلق على قطر اسم قاطورا Catura ، وكذلك في خرائط ب. لنجنز B. Langenes في سنة 1025هـ/ 1616م، وهندوس وبرتو Hondius and Bertius بامستردام في سنة 1025هـ/ 1616م، أما خريطة جان جونسن Jan Jansson في 977- 1075 هـ/ 1588 – 1664م فقد تغيّر بها صيغة اسم قطر إلى قطارا Catara ورمز إليها بحصن كبير مثل الحصن الذي ظهر من قبل في خريطة لازارو لويس في سنة 970 هـ/ 1563م.    أما خرائط الفرنسي الشهير نقولاس سانسون Nicolas Sanson (1600 – 1667م) ومنها خريطة رسمت في سنة 1063هـ/ 1652م، فقد ظهر النتوء الجغرافي لشبه جزيرة قطر في الجهة المقابلة للبحرين وهو ما يماثل الموقع الجغرافي الحالي لقطر، وفي خريطة أخرى رسمت في سنة 1065 هـ/ 1654م، ظهر النتوء الجغرافي المميز لشبه جزيرة قطر بالخليج العربي أيضاً.  وفي نهاية القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي كان الخليج ودوله على موعد مع خطوة جديدة في رسم الخرائط وتسجيل معالم تلك المنطقة، وذلك على يد الهولندي جان هاوخن فان لنسخوتن الذي كان يعمل لصالح البرتغال في الهند، ومن بعده يوحنا فنكبويز Vingboons 1071 هـ/ 1660م، حيث ظهرت شبه جزيرة قطر قطارا Catara في خرائطهم على نفس النسق الذي ظهرت به من قبل في خرائط لازارو لويس، وقد أكمل جا تكسيره البارناز 1108 هـ/ 1696 م في خرائطه رسم قطر كشبه جزيرة أيضاً.ولم تخرج خرائط الجغرافي جون بلاو Joan Blaeu 1072 هـ/ 1662 م الذي عمل لصالح شركة الهند الشرقية (1638هـ/ 1673 م)، وخريطة فاليملين/ فان كولين Valemlyn Van Keulen في سنة 1112 هـ/ 1700م، على ذكر اسم قطر (قطارا(Catara إلا أن خريطة الفرنسي مورتيه – جابيوه Mortier – Jaillot البحرية وهي نسخة معدلة من خريطة بحرية فرنسية طبعت في هولندا، قد سجلت اسم قطر بصيغة قاطورا Catura وقطرا Catra .

– الصيغ اللغوية لاسم قطر منذ أن ذكر بصيغةقطارا Catara -بخريطة الجغرافي كلاديوس بطليموس 150م إلى 1931م

وفي النهاية فقد وردت قطر بأسماء متعددة خلال الفترة من 150/ 1350 هـ- 1931م) نذكر منها وفقاً للحصر الذي ورد في هذه الدراسة، كما يلي: (كَطَرَة أو كطْرَة أو قطارا Catara) ، مدينة قطر SiDa Dc Dc catar ، قطر Catar ، قاطورا Catura ، قطارا Catara ، ورمز إليها بقلعة ذات أربعة أبراج، قطر QTAR ، وبوابة قطر CATAR AGADS، قطرا Catra ، كاتوريا أو قاطوريا Catarei، قطارا Catara وقاطرنا أو قطرنا Caterna ، كتارا أو قطارا Katara ، جتر Gattar ، قاطوراك katurak ، عقير Aigar ، قطر، قطاراCadara ، القطر EL-QATAR ، قطر بصيغتها العربية، قطر QATTAR، شبه جزيرة قطر pe,ninsule Pen. de Katar، وقطرQATAR.كما ظهرت بعض أسماء المدن القطرية الشهيرة خلال القرن الحادي عشر – الرابع عشر الهجريين، السابع عشر – العشرين الميلاديين، وسجلت على الخرائط الجغرافية مثل (الحويلة، فريحة، الدعسة، اليوسفية، الزبارة، راس ركن، دوحة الحصين، حالول، البدع، العديد، راس عمران، جزيرة شراعوه، والدوحة.لقد شملت الدراسة والبحث ما يقرب من 512 خريطة خاصة بالخليج وشبه الجزيرة العربية، تمكن الباحث من خلال دراستها -وذلك للمرة الأولى- استخلاص الخرائط التي ذكر بها اسم قطر أو ظهرت بها شبه جزيرة قطر كنتوء بارز داخل الخليج، وقد بلغ عدد الخرائط المشار إليها 100 خريطة جغرافية.هذا ويعتبر اسم  “كتارا” (Catara) هو أول وأقدم مسمى استخدم للإشارة إلى شبه الجزيرة القطرية في الخرائط الجغرافية والتاريخية منذ العام 150 ميلادي. وقد ظهر الاسم للمرة الأولى في خرائط كلوديوس بطليموس عام 150 م والتي صدرت عام 882 هـ-1477م.، وبعد ذلك في أطلس تاريخ الإسلام – كما سبق أن اشرت-، حيث حددت الخرائط شعوب شبه الجزيرة العربية في منتصف القرن الثاني الميلادي. كما حددت موقع قطر الجغرافي تحت اسم كتارا Catara جنوب غرب مدينة الجرهاء، غرب مدينة كدارا.

أما اسم “كتارا” (Katara)، فظهر في الخرائط الجغرافية والتاريخية في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي. وفي خريطة فرنسية لساحل شبه الجزيرة العربية، وللبحر والخليج كُتب اسم كتارا على شكل Katara بدلاً من Catara حيث ذكرتْ في الخريطةِ الفرنسيةِ التي أُخذت مَن المراجعِ الفرنسيةِ للمحيط الشرقي حيث حُول فيها حرفُ Cإلى حرفِ K فكتبتْ كتارا Katara بدلا من Cataraالتي اعتادَ الجغرافيونُ ذكرَها بالاسمِ الأخيرِ منذُ خريطةِ بطليموس عام 150 حتى 1738م ، ونُشرتْ تلكَ الخريطةُ في سنة 1153هـ/1740 م،  كما نشرها بر يفوست Prevost ، ومنها نسخة محفوظة في مكتبة الأرشيف الوطني العام بهولندا ، و نشرها سلوت B. J. Slot أيضاً.كما ذُكرت كتارا Katara في خريطةٍ فرنسيةٍ نُشرت سنة1151 هـ/ 1738م لإفريقيا وجزءٍ من غرب آسيا والخليج، وقد رُسمتْ في سنة 1150 هـ/ 1737م، ونَشرها بريفوست Prevost ، ومنها نسخةَ محفوظةَ في مكتبةِ الأرشيفِ الوطني العام بهولندا، ونشرها سلوت  B. J. Slot أيضاً. وعادتْ خريطةُ المنطقةِ العربيةِ التي رُسمت في إيطاليا في سنة1153 هـ/1740م. وفي خريطةِ شبهِ الجزيرةِ العربيةِ التي رسمها دوموريبا Domoriaba في سنة 1158 هـ/ 1745م فظهرَ بها اسمُ قطر كتارا أو قطارا Katara ، وذلك للمرة الثانية التي يُحولُ فيها الحرف الأول من لفظِ قطر المشار إليه من  C إلى  K  واستمرَ ذكر تلك الصيغةِ في خريطةِ شبه جزيرة العرب التي نشرها بريفوست Prevost في سنة  1158 هـ/ 1745م ، فورد اسم قطر ( كتارا (Katara، واستمرَ الاسمُ كتارا Katara و Katar يستخدم من 1738 حتى 1919م، أي لمدة 181 عاماً بالخرائطِ الجغرافيةِ والتاريخيةِ،مستخدماً حرف K، بدلاً من حرف C في بدايةِ الصيغةِ اللغُّويةٍ لاسمِ قطر Katar ، وهو من أشهرِ الأسماءِ والصيغ اللغُّوية التي عُرفتْ بها قطر في الخرائطِ الجغرافيةِ والتاريخيةِ،كما أنه يمثلُ المرحلة الوسط بين القديمِ والحديث، والأسهلُ نطقاً، وذو جرسٍ موسيقيٍ أيضاً.أما في خريطةٍ بعنوان Sketch of Arabia والتي نشرت في سنة1340 هـ/1921م

فقدْ سُجلتْ فيها قطرُ بصيغة قطر Qatar حيث حُول فيها الحرف الأول  من لفظِ قطر المشار إليه من  K إلى  Q  وهي الصيغة اللغُوية   Qatar التي ما زالت تستخدم حتى وقتنا الحاضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى