ما رُوِيَ عن الزمخشريّ وأبي الفرج والصّغار الّذين يملؤون ليلا بطون العجائز وعلب السجائر 

وليم فوسكرجيان | فلسطين

اليوم.. وقبل مغيب الشمس بقليل، وأثناء توجهي إلى بيتي، وأسكنه رغما عنّي، مع تلك المرأة الّتي كتب عليّ أن أعيش معها العمر كلّه،  إعترض طريقي أحد حرّاس المخفر الذي بقبع ورغما عن أنوفنا، وسط المخيم، وقرب مكتب الحكومة الّذي يوزّع بين فترة وأخرى .. وعلى ساكني المخيّم، أنواعا رديئة من طحين أصفر اللون، ومعلبات أطعمة، وحليب العجائز والحوامل، وأحذية  لا بأس بها، وملابس موتى وآخرين.. 

وقال لي، وكأنه يعرفني منذ عشرين سنة  أو أكثر:

  • يا زلمه، وبعدين معاكم.. ومش عيب لسّه في عندكم ناس ما عندها ذوق، وبيرموا الزبالة في الشارع، وكمان الميّه الوسخة بيرموها في الشارع.. السّيارت وبتوقفوها في الشارع .. وقلنا طيّب .. والأولاد بيلعبوا في الشّارع ..وكمان قلنا طيّب ..  والنسوان تنشر غسيلها فوق الأسطحه، وعلى مواسير الميّ، وعمدان الكهربا.. وقلنا كمان طيّب.. وإحنا متضايقين ، ومش عارفين مع مين نحكي .. وإحنا بدناش نضغط على حدا ، وبدناش حدا يعتب علينا..                           

وأرمق الرجل بعينين ساخطتين، والكلمات والجمل الساخطة تندلق من فمي وشفتيّ  وأنا أقول:

  • بدل ما تحكي معي يا زلمه، إحكي مع المختار ما هو الكل بالكل، وكلمته مسموعه عند الحكومة..

ويسعل الرّجل ثم يسعل، ثم يبصق لعابا شديد الاصفرار، على كومة قمامة ملقاة بالقرب من قدميه الغير مباركتين، دون أن يخجل من ذلك، ويقول وكأن الأمر لا يعجبه:

  • بس إنت عارف ، إنّه هو مشغول هاليومين مع عروسته الجديدة ، يعني زوجته الرابعه، وإحنا بدناش انعكّر مزاجه ، وإنت من هالحارة، وأقرب واحد للمختار ..

وأقول معاتبا وأنا أنظر بعينيه،  وقد امتلئتا سذاجة صفقة واصفرارا:

  • وأنا ما بقدر أحكم على النّاس إيش يعملوا، وإيش ما يعملوا، وإنت عارف هالكلام ..  وكمان .. البيوت هون ، وأبوابها وشبابيكها بتطل  على الشّارع..  يعني الشارع هون، والبيوت وكأنها مزروعة في وسط الشارع من هون..  وإنت عارف ، الأرض ما هي كبيره اكتير، وبدهم يسكّنوا في المخيم أكبر عدد من الناس، وعلشان هيك، هناك تصرفات مش مزبوطه بتصير هون وهناك، وأنا مش معاها..  على كلّ .. إتفضّل هاي سيجاره وروقها، وبحاول أحكيلك مع المختار،  وكمان  مع رجال ونسوان الحاره، وإن شاء الله، ما بيصير إلاّ كل خير..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى