تجوال في فكر وإبداع الناقد والشاعر عبد المنعم عواد رائد الشعر الحديث

د. عبير خالد يحيي| ناقدة ذرائعية – سورية

“كل إبداع يفرز نقده, هذه حقيقة لا مفر من التسليم بها, وبقدر ما يكون وضوح صورة الإبداع, تكون سهولة اقتحام عالم النص أمام الناقد”.

وكل من سيحتفي بقامته سيتحدّث عنه كشاعر مجدّد ورائد الشعر الحديث (التفعيلة ), ولكني أودّ أن أتحدّث  عنه كناقد له دراساته وأبحاثه وكتبه النقدية المنشورة ضمن منشورات الهيئة العامة لقصور الثقافة, وسأختار منها كتابه (القصيدة الحديثة .. وتجلياتها عبر الأجيال),  الذي يقول فيه:…قبل بروز مدارس النقد الحديث, لم يكن أمام الناقد المتعامل مع النص القديم, إلا أن يحلّل النصّ إلى مفرداته الأساسية من أفكار ومعان ومعجم لفظي وصور بلاغية, ثم يقرّر ما إذا كان المبدع موفّقًا في استخدام هذه الأدوات أم جانبه التوفيق, وإلى أي حدّ كان التوافق بين أدوات المبدع الفنية ومحاوره الفكرية, وبقدر هذا التوافق كان – الناقد- قديمًا- يحكم للنص أو عليه”[1].

يتابع الشاعر الناقد حديثه مختزلًا مسيرة طويلة سارها النقد الحديث متجاوزًا ظهور مدارس الشعر الحديث وصولًا إلى ظهور مدرسة الشعر الحر:… ولم يتغير الأمر كثيرًا بعد ظهور مدارس الشعر الحديث, الديوان وأبوللو والمهجر وغيرها مع تنوّع اتجاهاتها من رمزي ونفسي واجتماعي إلى آخر هذه الاتجاهات, والتي كان على الناقد أن ينسب النص المفقود إلى واحد من هذه الاتجاهات ويحاكمه على ضوء معطياته”[2].

وهنا يشير الناقد عبد المنعم عواد إلى اختلاف التناول النقدي للنص عند النقاد باتجاه السياق الخارجي, أي من خارج النص, بعد أن كان التناول النقدي يتمّ سابقًا من داخل النص عبر الأنساق اللغوية واللسانية البلاغية. يستأنف الناقد عبد المنعم عواد طرحه فيقول: إلى أن ظهرت مدرسة الشعر الجديد, أو ما اصطلح على تسميته بالشعر الحر, والتي واكب ظهورها اتجاه نقدي جديد ينظر إلى النص من خلال وظيفته في خدمة الناس والمجتمع, هذا الاتجاه الجديد هو ما عرف بالاتجاه الواقعي في النقد, والذي تبلور في كتاب نقدي مهم ظهر في الخمسينيات هو ” في الثقافة المصرية ” لمحمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس, وأدى ظهور هذا الكتاب إلى اشتداد النقاش حول قضية ( هل الفن للفن أم الفن للناس والمجتمع)[3].

هنا يتحدّث الناقد عبد المنعم عواد عن المرحلة التي ظهرت فيها (مدرسة الفن للمجتمع) وهي التي أعقبت أو تلَت (مدرسة الفن للفن) كتطوّر طبيعي ومحتمل لتطور الأغراض الشعرية القديمة, وخروجها باتجاه قضوي, تفاعلًا مع قضايا المجتمع المحدثة, والتغيّرات التي طالت المجتمع والأفراد جرّاء الأزمات السياسية والاقتصادية والحياتية والثقافية.

ويرى عبد المنعم عواد, أن مهمّة الناقد, في تلك الفترة, اتّسمت بالسهولة, مهما كان موقفه من هذا الاتجاه (الفن للفن) أو ذاك( الفن للمجتمع):“كانت النصوص, مع عمق التناول وتوغّل الرؤية تتسم بالوضوح والشفاقية, ومن ثم كان التعامل معها نقديًّا لا يحتاج إلّا إلى التزوّد بالأدوات النقدية الصحيحة, مع قدرة الناقد على التغلغل إلى أعماق النص المقصود واستكناه أغواره”[4].

ينتقل الناقد عبد المنعم عواد في الحديث عن مرحلة تيار الحداثة الجديد, أو مرحلة ما بعد الحداثة التي شهدت ظهورَ قصيدة النثر, والتي قدِمت إلينا غربية وغريبة على لسان (سوزان برنار) التي قدّمتها بتعريف لا يمكن أن يتفق مع قصيدة النثر العربية المعاصرة, والتعريف:“هي قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية, موحدة, مضغوطة, كقطعة من بلّور, خلق حرّ, ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجًا عن كل تحديد, وشيء مضطرب, إيحاءاته لا نهائية “[5].

وكان من حق الناقد عبد المنعم عواد أن يستهجن النصوص الجديدة كما كتبها شعراء قصيدة النثر في زمن قدومها وعلى الصورة التي وردت فيها إلينا, حيث وجدها: “نصوص زئبقية لا تستطيع الإمساك بها, فليس هناك أطر عامة تحدّد مساراتها… الموسيقى تخلّى عنها الكثيرون تحت اسم قصيدة النثر, والتي يزعمون أن لها موسيقاها الداخلية وإيقاعاتها الخاصة بها, وكأن القصيدة قبلها كانت خلوًّا من هذه الموسيقى الداخلية !!……

 التعامل مع المعجم الشعري تعامل غريب .. المفردات توضع في غير مواضعها, والتراكيب تحتاج إلى جهد حتى تحدد مساراتها, أفعال لا تدري أين الفاعل لها, ومبتدآت بلا أخبار, وتحت زعم تفجير اللغة, حدّث ولا عليك, بل لقد وصل الأمر بالبعض إلى عدم الاعتراف بدورالنحو وإلى الانفلات من قيوده… أمّا عن الغموض وتعمّد الإلغاز والتعتيم والاندفاع وراء التداعي الذهني الذي يصل حدّ الهذيان فهي أمور أساسية في الكثير من الإبداعات الحداثية… ومحاولة التخلص من الصورة الشعرية بشقَّيها الجزئي والكلي, وإحلال السرد محلّها… والأدهى والأمر من كل ذلك إسقاط الوظيفة – في الشعر- وكأنها العودة من جديد إلى نظرية: الفن للفن, تحت ستار آخر, ناهيك عن هذين الأقنومين اللذين أصبحا يشكّلان العصبين الأساسيين في الإبداع الشعري الحداثي, وهما الجنس والتعدّي على الذات الإلهية والتجديف “[6]

وكنت أتمنّى أن يكون الشاعر الكبير والناقد الحصيف عبد المنعم عوّاد بيننا الآن, لأطلعه على المنظور الذرائعي فيما يختص بقصيدة النثر, وأن الذرائعية تتفق معه بما طرحه حول قصيدة النثر, وترى أن : “…تلك السمات الغريبة  على الشعر العربي خرّجت قصيدة النثر من الشعر تمامًا! وهذا شيء خلافي حين تقرأ قصائد النثر لشعرائنا العرب في كل الحقبات, وينتفي هذا الخلاف الكبير بين النقاد والباحثين العرب الذي زرعه فيهم رأي سوزان برنار وبعض الأدباء والباحثين والنقاد العرب, حيث باتوا لا يفرقون بينها وبين الشعر الحر, إلا أن الأمر في حقيقته يكمن في إطلاق تسميتين لنمط كتابي واحد, والبعض يرى بأن هذين الجنسين – الحر والقصيدة النثرية – مختلفان تمامًا… “[7]

وترى الذرائعية, حسب رأي المنظّر الذرائعي عبد الرزاق عوده الغالبي, أنّ: قصيدة النثر العربية  هي قلب الشعر الحر لكونها تمرّغت بكامل الحرية في موسيقاها الداخلية, وهي الوحيدة التي تستحق التسمية (قصيدة النثر الحر), ومن جهة أخرى يقودنا هذا الأمر إلى أن قصيدة النثر قد رأت نفسها بين أيدي العرب بشكل أكمل وأجمل منها وهي بين أيدي شعراء الغرب … “[8]

ويستثنى من هذا التأثير المتبادل بين أنواع الشعر, (السريالية):“التي تبنى أصحابها الحداثة الغربية السلبية بغرض ومفهوم غربي بحت, ونفّذوا ما نصت عليه المخابرات الغربية من تشويه في البنية الأدبية العربية الرصينة عن طريق الإيغال في الغموض المتصحّر حتى تاهوا في مسالك الإسفاف والغموض المظلمة, وعزلوا أنفسهم عم هموم ومعتقدات وأخلاق مجتمعهم العربي, بدافع التحليق الشخصي في الفراغ, وبمبدأ (خالف تُعرف), واستمروا في نسق الحداثة السلبية المرفوضة عربيًّا وإسلاميًّا, وجنحوا نحو التنويم المغناطيسي, ولا يزال الكثير منهم محلّقًا بالغموض والفراغ والإسفاف, ولا يدري ولا يفهم شيئًا عن واقعه, وما يدور حوله من كوارث سببها الفكر يتبناه ويفكّر ويحلّق فيه هو نفسه …”[9]

ويعود شاعرنا الكبير ليعلن أنه ليس ضد قصيدة النثر, كمنتج فني جديد تفرض إنتاجه ضرورة فنية, ولا يرفض أن يدرسها نقديًّا, بل يقبل على ذلك فعليًّا, لكن تحت شرطين أساسيين, يقول:

… وحتى لا يُفهم أنني ضد كل هذه الطروحات الحداثية, أقرّر أنني لست ضد قصيدة النثر, إذا كانت هناك ضرورة فنية حقيقية لإنتاجها, وليست مجرد مبرر للهرب من الموسيقى بسبب العجز والقصور. كما أنني لست ضد الغموض إذا كان يعني عمق التناول والبعد عن المباشرة والتسطيح”[10].

وفعلًا, تناول ناقدنا وشاعرنا الكبير, بالنقد والدراسة,العديد من القصائد النثرية للعديد من الشعراء الحداثيين, منهم الشاعر شريف رزق, بعد أن وجد أن لجوءه إلى قصيدة النثر لا يتأتّى من عجز وقصور, بل في القصائد إبداعات متميزة, كما أن القصائد منزّهة عن الغموض والإلغاز والتعتيم والتعمية, كما قال.

يتّفق الناقد والشاعر عبد المنعم عواد في تصوّره عن القصيدة الحديثة مع مقولتنا الذرائعية من أن ( الأدب عرّاب المجتمع)[11], يقول: “لقصيدة الحديثة في تصوّري هي نتاج موقف إيجابي من العصر, بكل تداعياته السياسية والاجتماعية, بحيث يؤدّي هذا الموقف  الفاعل إلى  رؤية واعية يعتنقها الشاعر, وهذه الرؤية المنفتحة على العصر وقضاياه, بدورها, لا تعدو أن تكون نقطة انطلاق, ينبثق منها العمل الإبداعي في صورة فنية, تتضافر أدوات الإبداع المختلفة حتى تتم ولادتها على الشكل المنشود”[12].

وأن القصيدة العربية تحديدًا, هي شكل ومضمون, يتباريان في سباق, قد يفوز فيه الشكل على المضمون, أو العكس, لكن قمة الإبداع أن يتوازيا, وهذا ما تراه الذرائعية أيضًا, يقول:

“وإذا كان العمل الفني – في أبسط صوره – هو تعانق بين شكل ومحتوى, فإن توازي هذين العنصرين في القصيدة أمر لابد منه لكي تتحقق وظيفتها, فلا يمكن أن يتبنى شكل فني متخلف رؤية منفتحة على العصر وقضاياه, كما أن شكلًا فنيًّا تتحقق فيه شروط الإبداع المنظورة لا يمكن أن يصدر عن رؤية متخلّفة لنبض العصر وهمومه”. [13]

يدعو الناقد عبد المنعم عواد شعراء القصيدة الحديثة إلى التكثيف في التجربة الفنية في قصائدهم, بعيدًا عن الثرثرات التي تهلهل القصيدة, ويدعو الشاعر إلى التحكّم في القول الشعري, ف: “الشاعر لا يقول إلّا ما يجب أن يُقال”[14]

كما يدعو شعراء قصيدة التفعيلة أن ينوّعوا في استخدام البحور, غير مقتصّرين على الكامل والمتدارك والمتقارب, بل دعاهم أيضًا إلى أبعد من ذلك, إلى مجتزءات البحور الصافية, يقول على الشاعر:“….. أن يفيد من إنجازات القصيدة التفعيلية الحديثة, التي لم تعد تتعامل مع البحور الصافية فحسب, وإنما استطاع عدد من شعراء الحداثة التعامل مع البحور المركبة التي تعتمد على تفعيلتين مختلفتين أو أكثر…”[15]

كما شجّع على استخدام تقنية التدوير, التي تكفل استمرار الدفق الشعوري, بدلًا من الاقتصارعلى السطر الشعري المحدود: “….فعنصر “التدوير” كفيل باستمرارية الدفق الشعوري وتنامي التجربة دون توقّف حتى تصل إلى الذروة الانفعالية”.[16]

تحدّث الناقد عبد المنعم عواد عن قصيدة الومضة, وهي ما أسمتها الذرائعية بالهمسة, ويراها عبد المنعم عواد: إضافة إلى أن  الصورة المكثفة التي تكتفي بعدد قليل من الخطوط والظلال تشكل عنصرًا فنيًّا أصيلًا فيها, إلى جانب عدد من الآليات الفنية الأخرى, منها المعجم محدود الألفاظ, وعنصر السرد الذي يجعل من القصيدة “الومضة” شيئًا أشبه بالقصة كاملة العناصر, والتي تلعب “المفارقة” فيها دور ما عرف بـ “لحظة التنوير” التي تنتهي بها القصة القصيرة”.[17]وقد درس الناقد هذا اللون الشعري الحداثي عند الشاعر كمال نشأت.

والحديث عن الناقد والشاعر الكبير عبد المنعم عواد يطول ويطول, فلا تتّسع له أمسية ولا مهرجان ولا حتى مؤتمر, لذلك اخترت أن أنهي مقالتي هذه بقصيدة وفاء وحب نبض بها قلب الشاعرة الدكتورة ثريا العسيلي, شريكة عمره, ورفيقة درب حياته, وسند إبداعه, وأم لآلئه, وأقتبسُ من قصيدتها (ذاكرة الأحباب)[18] هذه النبضات:

وقلتَ يا حبيبي

في شعرك الجميل

نموتُ مرّتين

فمرّةً نموت حينما

تشدُّنا لحتفنا الأسباب

ومرّةً نموت حينما

نغيب عن ذاكرة الأحباب

لكنني أقول

لقد ذهبتَ للإله ربنا العظيم

لأنه اصطفاك

حين بلغت ذروة اليقين

أصْعَدَ روحَك الجميلُ عنده

بأروع الجنان

تقول إننا نموت حينما

نغيب عن ذاكرة الأحباب

فكيف يوصفون بالأحباب

من نسوا حبيبهم

لا يا حبيبي أحبابُك لا ينسون

في ذاكرة الأحباب أنت دائمًا تكون

ذكراك لا تغيب لا تهون

تظلُّ حيًّا

تعيش في القلوب والعيون

تظلُّ يا حبيبي ولن تغيب

عن ذاكرة الأحباب لن تغيب

عن قلوبهم

عن حياتهم

لا لن تغيب

حتى لقائنا الأخير

لديك بالجنات

لن تغيب

المصادر والمراجع

  • القصيدة الحديثة.. وتجلياتها عبر الأجيال- عبد المنعم عواد يوسف- الهيئة العامة لقصور الثقافة- كتابات نقدية – شهرية 118- يناير 2001
  • الذرائعية والعقل- تأليف عبد الرزاق عوده الغالبي- الدراسات التطبيقية الناقدة د. عبير خالد يحيي – منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق- المكتبة الوطنية – بغداد – العراق – ط1 – 2021
  • قصيدة النثر العربية بمنظور ذرائعي – تأليف الدكتورة عبير خالد يحيي- دار الحكمة للطباعة والنشر والتوزيع- القاهرة – مصر – ط1- 2021-
  • عبد المنعم عواد رائد الشعر الحديث في وجدان الأدباء- الكتاب التذكاري – إعداد د. ثريا العسيلي- دار وعد للنشر والتوزيع – القاهرة – مصر – ط1 – 2011
  • سمات قصيدة النثر – الناقد العراقي داود سلمان الشويلي – مقال – مجلة دراسات نقدية.

[1]-القصيدة الحديثة.. وتجلياتها عبر الأجيال- عبد المنعم عواد يوسف-  الهيئة العامة لقصور الثقافة- كتابات نقدية – شهرية 118- يناير 2001 – ص 137

[2]– المرجع السابق – ص 137- 138

[3]– المصدر السابق – ص 138

[4]– المصدر السابق –  ص 138

[5]– سمات قصيدة النثر – الناقد العراقي داود سلمان الشويلي – مقال – مجلة دراسات نقدية.

[6]– المصدر السابق – ص139- 140

[7]– الذرائعية والعقل- تأليف عبد الرزاق عوده الغالبي- الدراسات التطبيقية الناقدة د. عبير خالد يحيي – منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق- المكتبة الوطنية – بغداد – العراق – ط1 – 2021- ص 220

[8]– المصدر السابق – ص 220

[9]– قصيدة النثر العربية بمنظور ذرائعي – تأليف الدكتورة عبير خالد يحيي- دار الحكمة للطباعة والنشر والتوزيع- القاهرة – مصر – ط1- 2021- ص 17-18

[10]– القصيدة الحديثة .. وتجلياتها عبر الأجيال – مصدر سابق- ص 140

[11]-مبدأ ذرائعي تتبناه النظرية الذرائعية إلى جانب مبادئ أخرى على شاكلته وهي : النقد عرّاب الأدب, الناقد عرّاب الأديب

[12]– المصدر السابق – ص 173

[13]المصدر اسابق – ص 173- 174

[14]– المصدر السابق – ص 178

[15]– المصدر السابق – ص 177

[16]– المصدر السابق – ص 177

[17]– المصدر السابق – ص 212

[18]– عبد المنعم عواد  رائد الشعر الحديث في وجدان الأدباء- الكتاب التذكاري – إعداد د. ثريا العسيلي- دار وعد للنشر والتوزيع – القاهرة – مصر – ط1 – 2011 – ص 131

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى