قراءة وامضة في مروية (حنين) للأديبة العربية بشرى أبو شرار

وليدة محمد عنتابي | سوريا

أجنحة الحنين تحلق في ذاكرة المدينة

من خلال لغة خلاقة امتطت متن السرد الروائي المشوق والمثير للمخيلة ، تأخذنا معها إلى تسلسل أحداث مصيرية أناخت بثقلها وجورها على شعب  مسالم وادع، لم يكن يوما يتوقع فيه أن تحاك له مؤامرة تنتزع منه أحقية وجوده على أرض خلق ونما على ثراها ، وتشربت خلاياه من مكوناتها حتى بات والأرض صيرورة آخذة بالتجدد في توالد لجيل بعد جيل .

كيف لحنين بطلة الرواية أن تستسيغ هذا البعد الحارق عن مدينتها، في محاولة لرش الملح على الجرح، وتضميد لكمات الغربة  بشاش الصبر؟!

حنين بما تمتلكه من روح متفردة وشخصية متميزة وفكر مترع بالأسئلة الملقاة في صندوق مفتوح ، برسم أن تنبت لها أجنحة، وتنطلق إلى مشارف أجوبة شافية .

من هي حنين؟

وما هويتها؟

هل من الممكن أن تصنف حقوقها على لائحة حقوق الإنسان؟!

(حنين هويتها وثائق الوطن المكتوبة ممزقة مدرجة بالدماء . مبللة بماء الوطن) .

في:  روايات بشرى أبو شرار تطلق الأسماء وجوهها الحقيقية، تمد أذرعها باتجاه شمس قادمة، هي لا تريد إطلاق دلالات غائمة لتثير شهية المتلقي للكز مخيلته وإحراز قصب السبق على جواد توقعاته لأحداث من حقها أن تتجلى بمصداقيتها وشفافيتها، هذه المصداقية التي لم تبخس الرواية حقها من الظهور بكامل طاقتها الإبداعية ، لتأخذ مكانها اللائق في واجهة السرد الروائي اللافت .

لست بصدد تلخيص لأحداث الرواية، ببضع صفحات ، بل سأدع للمتلقي أن يقتفي أثر سريانها في ظلمة ليل ناء بحمله منتظرا لحظة المخاض لصباح استرداد حق مسلوب.

وإلى حين تسطع شمس الحق لتجلو ظلام الباطل، ستظل حنين تلك القامة الرمزية الشاهقة تسكن في الوجدان وتطل من العيون وتلهج بالمعاناة على الألسن وفي الأبدان، حاملة مصباح ديوجين، لعل عميان البصيرة يرون عبثية ما جنت أياديهم الآثمة، ويرتدون عن غيهم وضلالهم، لتعود الأمور إلى نصابها وتضم الأرض أبناءها إلى صدرها بعد طول غياب، وقد تطهرت من أدران وآثام عششت طويلا وفوق احتمالها .

ما يؤخذ على الرواية الرائعة والحافلة بلغتها وأسلوب سردها وبليغ تأثيرها، أنها لم تمر على التدقيق اللغوي قبل طباعتها ونشررها.

لعل ذلك يستدرك في طبعة جديدة .

تحية للروائية المبدعة ولشعب فلسطين ولاأرضها المنتظرة عودة روحها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى