سياسة

رسالة من غزة

محمود قشطة|مصر
وردتني هذه الرسالة من صديقتي (علا علاء أبو كرش) التي كانت تنوي المجيئ إلي مصر هي وأختها (لينا علاء أبو كرش)؛ ليقدما أوراقهما للدراسة في كلية الطب بالقاهرة ولتستقرا البنتان مع والدتهما المقيمة في القاهرة.
تقول علا:
أنت تعلم يا صديقي أننا كنا نعيش مع خالي وزوجته وأولاده الأربعة الذين قتلوا جميعاً ودفنت أجسادهم تحت الأنقاض ونجوت أنا وأختي لينا بأعجوبة ولكننا نخرج من تحت الأنقاض لا نعلم أين نذهب فأخذت بيد أختي وذهبنا إلي منزل أحد عائلة أبي ولكن مع الأسف المنزل تحطم وقتل كل من فيه وذهبنا إلي قريب آخر فوجدنا المنزل تحطم وقتل كل من فيه أيضاً فسألنا علي باقي عائلة أبي فاكتشفنا أن العائلة قتلت كلها ولم يبقي من عائلة أبي فرد واحد علي قيد الحياة. نعم صديقي مات تسعه واربعون شخصاً من عائلة أبي ومات خالي وزوجته وأولاده الأربعة ولا أعرف أين أذهب. ولكن أخذنا المسير إلى شارع صلاح الدين ومعنا عدد غفير من الأطفال والنساء والرجال والمصابين ورغم ذلك كله ضربتنا قوات الاحتلال الإسرائيلي بقنابل من الفوسفور الذي أشعل النيران في أجساد الأطفال السائرين معنا علي الطريق.واكملنا رحلتنا يا صديقي حتي وصلنا إلى صحراء رفح في تمام الساعة الواحدة والنصف ليلاً وبسبب التعب الشديد نام الجميع على الرمال في الصحراء ومع تمام الساعة الثالثة ليلاً سقطت الأمطار الغزيرة فاستيقظنا من نومنا الذي لم يتجاوز الساعتين وأكملنا المسير ولا نعلم أين نذهب. الرصاص والقنابل والنيران من حولنا والأمطار من فوقنا حتي حل علينا الصباح ونحن سائرون في الطريق حتي وصلنا إلى احدي المدارس القريبة من رفح وعندما دخلنا المدرسة استلقي كل منا علي الأرض لا نستطيع السير أكثر من ذلك. هل تعلم يا صديقي أننا لم نتناول الطعام منذ يومين وإذا أكلنا لا نأكل سوي رغيف من الخبز وقطعة من الجبن وزجاجة صغيرة من المياه.

أرسلت إليك رسالتي يا صديقي ومعها الكثير من الصور الحقيقية والفيديوهات التي تعبر عن الحال الذي نعيش فيه.انشر يا صديقي رسالتي وأخبر العالم أن غزه بها بشر. أخبر العالم أن غزه بها إنسان. أخبر العالم أن غزه بها أطفال ونساء وشيوخ. أخبر العالم أن أهل غزه أناس لهم حقوق وبشر يشعرون ويتألمون. أخبر العالم أنهم مقصرون في ما يجب أن يفعلوه معنا. أخبر العالم العربي والإسلامي أننا سوف نسألهم يوماً ماذا فعلتم لإنقاذنا. هل قطعتم بترولكم وأموالكم عن أمريكا؟
هل أنهيتم التطبيع مع إسرائيل؟ لا تنسَ يا صديقي أن تخبر أمي بالقاهرة
أننا صامدون في غزه وأن اللقاء نصيب وإذا كان هناك نصيب ونلتقي فبإذن الله سوف نلتقي.
تحياتي لك يا صديقي ولا تنسانا من الدعاء
                                                                 صديقتك. علا علاء أبو كرش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى