على شاطئ الذكريات
شعر: محمد القاضي
هي النجمات ما عادت تسامرنا
هي الدمعات ما عادت تواسينا
–
هي النبضات في قلب يرافقنا
ولا تدري بجرح نازف فينا
–
هي الأحزان قد عقدت حواجبها
وما رقت لها إلا قوافينا
–
هي الأفراح قد نصبت مراسمها
فأين الروح منا من تهانينا
–
هي النظرات في المرآة تسألنا
عن الوجه الذي واراه ماضينا
–
عن الإحساس ما عادت مشاعله
تنير بضوئها الدافي ليالينا
–
عن الأحباب كم نشتاق ضمتهم
وقد ناءوا بعيدا عن مرافينا
–
ترى الأيام قد سئمت حكايتنا
أم الأشياء ما عادت تحاكينا
–
على أمس مضى فاقرأ تحيتنا
على أمس مضى رتل أغانينا
–
على تلك الربى الخضراء ساحتها
سقاها الحب إيلافا رياحينا
–
على الأطفال في الطرقات مجلسهم
بضوء الشمس والنسمات يلهونا
–
بأوراق بنوا قصرا بنوا ملكا
بنوا حبا وميزانا وزيتونا
–
بنوا ناسا لكل الناس بسمتهم
وبالعهد الذي أعطوه يوفونا
–
بنوا نفسا وإنسانا يهذبها
يقيها في مسيرتها الشياطينا
–
بنوا أشياء كالأشياء تحسبها
من الروح التي فيها تنادينا
–
هممت أقول كفوا عن تخيلكم
فما الدنيا كما أنتم تظنونا
–
رأيت النور في الأحداق يسألني
بحق الله لا تطفئ أمانينا
–
دع الأطفال لا تفسد براءتهم
قريبا من سذاجتهم يفيقونا
–
سكت وقلت ما أحلاه من ورق
مضيت وهم على الطرقات يبنونا
–
وقف نشدو بأحلام مؤجلة
بإشراق الغد الآتي تمنينا
–
زرعناها بقلب الشمس إذ تصحو
رويناها يقينا راسخا فينا
–
رسمناها بألوان مزركشة
على صبح قريب سوف تأتينا
–
فما برحت إلى الآفاق تأخذنا
تحفزنا تبشرنا ترجينا
–
ونحن نطوف حول الكون في شغف
ننادي السعد هيا الآن وافينا
–
نجاوز في السما نجما يداعبنا
نطير وسائر الأحياء يمشونا
–
كأنا من سنا صبح صناعتنا
وأن الأصل يوما لم يكن طينا
–
فأين الآن يا أحلام غايتنا
تناءت عن ربانا عن مراسينا
–
سلام الله يا أحلام قد عقمت
بطون الصبح من صبح يراضينا
–
فدعنا نسأل الماضي حكايتنا
حديث الأمس ترياق يداوينا
–
وخبرني عن الأصحاب كم لعبوا
وكم تعبوا وكم ثاروا يصيحونا
–
وكم من مرة غضبوا فلا تدري
لم الأصحاب بعد الصفو يبكونا
–
ويجري الدمع فوق الخد في أسف
تقول الآن أعداء يصيرونا
–
فما يمضي شعاع الشمس في شفق
وقد عادوا كما كانوا يغنونا
–
وبين الأهل جنات بها نفس
من الرحمن يحرسنا يراعينا
–
كأن الأرض في أحضانهم فرشت
على الأرجاء أنهارا بساتينا
–
ترى أما كغيث زار عالمنا
وأمضى العمر بالخيرات يسقينا
–
ورب البيت بالأخلاق يأمرنا
وبالإحسان بين الناس يوصينا
–
يقول الله يا أحباب حافظكم
وحصن الله لا ينفك مأمونا
–
ننام الليل والأحلام تملؤنا
ووجه السعد زاه في مآقينا
–
نقول الصبح نكملها مسيرتنا
نهادي الزهر آلافا ملايينا
–
ويسقي نبعنا الصافي شوارعنا
ويكسو وردنا الزاهي الميادينا
–
برب البيت لا تستيقظوا أبدا
أطيلوا النوم في جنات ماضينا
–
فما الإصباح كالماضي وروعته
ولا الماضي سيبقى نابضا فينا