سياسة

الصحفي ملعون حتى يموت

حنان بدران| فلسطين

كيف قدر لي أن أعيش ك كاتبة ألمي وألم غيري ،أن الكاتب يصرخ في قاع المدينة المرعب مثلما يغني خائف في الظلام، أن الألم الذبيح والحزن الكبير في صدري يموت مرات ومرات وهو يترصد حزن غيره ويعيشه مره حين يسمع الخبر ومرة حين يكتبه وهو ينزفه حرفا حرفا على جسد الورق ،أنا لا أكتب من برج( المطلق ) العاجي أنا كاتبة من هذا العصر ولي انتماءاتي لوطني وللمرحلة التاريخية التي يمر بها ، ومجتمعي العربي الذي جذوري منه شئت أم أبيت مأزقه هو مأزقي …
من هذا المنطلق أتطلع إلى ما حدث البارحة من اغتيال الصحفيان حمزة وائل الدحدوح ومصطفى ثريا من عالمنا الضاج بالانتصارات العالمية والسقطات الإنسانية في آن واحد ، يرعبني الرقي العلمي لا يرافقه رقي وحس إنساني ، يرعبني أختراع هذا الكم من الأسلحة المدمرة الدقيقة ولم يرافقه وعي إنساني بفكرة العدالة ،وهكذا يتحول ذلك الاختراع إلى خطيئة إنسانية يحاول مخترع البارود نوبل عبثا التكفير عنها ما بعد موته …
حينما يتحول تقدم الإنسان إلى خطيئة وإلى سلاح موجه إلى صدر الإنسان.
كم علينا أن نتألم ونخاف عندما تصبح هذه الاختراعات جزء لا يتجزأ من الأسلحة لاصطياد الشعوب الآمنة.
وإلى متى سوف نبقى نلملم أشلاء لحمنا ودمنا من براثن الامبريالية لتستخدم العلم العظيم لتحقيق مخططاتها الدنيئة الحقيرة وتدعي أنها لا تعمل إلى الانتقام بشكل شخصي من الصحفيين بعد تهديدهم، واستهدافهم في عملية دقيقة فكونك فلسطينيا وتعيش في غزة وتعمل في مهنة خطرة كمهنة الصحافة فهذا يعني أنك مستهدف بشكل متعمد وبطريقة ممنهجة تتجاوز الخطورة الطبيعية التي تحملها مهنة الصحافة الميدانية ،حين يتجاوز العدد مايقارب السبعين فهذا رقم تجاوز عقد كامل من قبل لجنة حماية الصحفيين، مقتلهم على مدار ثلاثين عاما حتى عام 2022 أقل من نصف هذا العدد (1) (2) ،ماذا يعني أن يهدد أمنك بشكل مباشر؟!
ماذا تعني أن تعيش واقع حياة مؤلم لا يخلو من الاعتقالات والتهديدات لإسكات صوت الحقيقة خوف أن يفضح ويعري سردية العدو الإسرائيلية وهم يجاهدون لفضح جرائمه والابادة العرقية التي يمارسها على الأرض، فكانت محاولات اغتيال الجبل الأب( وائل الدحدوح وزميله سامر ابو دقة) والذي لم يكتفي باستهداف الشهيد سامر ابو دقة مرة بل مرتين وقام باستهداف سيارة الإسعاف التي حاولت مساعدته حتى استشهد كل من فيها؟!
كل ذلك لطمس الحقيقة خوف نشر الإعلام لها…؟!
ومن أبشع جرائمه إنه لا يكتفي باغتيالهم بل تعدى ذلك لاستهداف عائلاتهم ،كما فعلوا مع (عائلة وائل الدحدوح ووالد أنس الشرفا، ومحمد ابو حطب في قناة فلسطين ليستشهد 11 من عائلته،22 من عائلة مؤمن الشرافي وانتهاء باغتيال حمزة الدحدوح وزميله الشهيد مصطفى ب مصطفى ثريا وحمزة..والقائمة تطول ..).
وكل المجتمع الدولي والنقابات و أحرار العالم والاتحادات الدولية والاعلامية والعربية والاقليمية المختصة بحقوق الإنسان تجاه هذا الشكل الإجرامي لقتل الصورة، وكتم الصوت، والتعتيم على الحقيقة، ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق الدولية وكأنه يقول لنا : أنا كيان مارق فوق القانون الدولي وغير الدولي أفعل ما أريد وكل ما أريد تحت قوة ردع طاحنة مجرمة لا أنسنة فيها ولا ترحم اصمتوا أو اسحقكم.
أليس علينا قبل أي اختراع أن نقوم بأنسنة العلم أولا…؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى