عكرمة الذي والده الملقب بأبي جهل
بقلم: د. أحمد الطباخ
رفع الإسلام رجالا فجعلهم أبطالا لأنهم أبلوا بلاءا حسنا قي ميادين الوغى فجاهدوا في الله حق الجهاد فما وهنوا ولا ضعفوا ولا استكانوا وإنما حملوا أرواحهم على أكفهم اشتروا الجنة بأنفسهم فحققوا الأمجاد وحازوا فضل السبق في كل ميدان لاسيما ميدان الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام وعندما كان ينادي مناد الجهاد يسعى الرجال لنصرة الدين الحق ففتحوا البلاد وقلوب العباد بتلك القيم التي حققت العزة والكرامة لأمتنا وعندما أوشك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا بمحاصرتهم من كل جانب، تناول هذا البطل الإسلامي الفذ سيفه واتخذ القرار الأصعب على الإطلاق في حياة أي إنسان، لقد اتخذ عكرمة قرار الموت، فنادى بالمسلمين بصوت يشبه الرعد:أيها المسلمون من يبايع على الموت؟
فتقدم إليه 400 فدائي، ليكوَّنوا ما عرف في التاريخ باسم “كتيبة الموت الإسلامية“، عندها اتجه خالد بن الوليد نحو عكرمة وحاول منعه من التضحية بنفسه، فنظر إليه عكرمة والنور يشرق من جبينه وقال: إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول اللّه سابقة، أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول اللّه فدعني اكَفّر عما سلف مني ولقد قاتلت رسول الله في مواطن كثيرة، وأفرُّ من الروم اليوم؟!! إن هذا لن يكون أبدًا!
انطلقت كتيبة الموت الإسلامية، وتفاجأ الروم بأسود جارحة تنقض عليهم لتكسر جماجمهـم، وتقدم الفدائي تلو الفدائي من وحدة الموت العكرمية نحو مئات الاَلاف من جيش الإمبراطورية الرومانية، وتقدم عكرمة بن أبي جهل بنفسه إلى قلب الجيش الروماني، ليكسر الحصار عن جيش المسلمين، واستطاع فعلًا إحداث ثغرة في جيش العدو بعد أن انقض على صفوفهم انقضاض طالب الموت، فأمر قائد الروم أن تصوب كل السهام نحو هذا الفدائي، فسقط فرس عكرمة من كثرة السهام التي انغرست فيه. فوثب قائد كتيبة الموت الإسلامية الفدائي البطل عكرمة بن أبي جهل من على ظهر فرسه وتقدم وحده نحو عشرات الآلاف من الروم يقاتلهم بسيفه، عندها صوب الروم سهامهم إلى قلبه. فلمّا رأى المسلمون ذلك المنظر الإنساني البطولي، اختلطت المشاعر في صدورهم، فاندفع فدائيو كتيبة الموت العكرمية نحو قائدهم لكي يموتوا في سبيل اللّه كما بايعوه، فلم يصدق الروم أعينهم وهم يرون أولئك المجاهدين الـ 400 يتقدمون للموت المحقق بأرجلهم، فألقى الله في قلوب الذين كفروا الرعب، فرجع الروم القهقرى، ولاذوا بالفرار وصيحات اللّه أكبر تطاردهم من أفواه فدائى عكرمة، فاستطاعت تلك الوحدة الاستشهادية كسر الحصار عن جيش المسلمين.
ففتش خالد بن الوليد على ابن عمه عكرمة ليجده وهو ملقى بين اثنين من جنود كتيبته الفدائية: (الحارث ابن هشام) و (عياش بن أبي ربيعة) والدماء تسيل منهم جميعًا.
وطلب الحارث ابن هشام بعض الماء ليشربه، وقبل أن يشرب قطرة منه نظر إلى عكرمة بن ابي جهل وقال لحامل الماء:
اجعل عكرمة يشرب أولًا فهو أكثر عطشا مني. فلما اقترب الماء من عكرمة أراد ان يشرب لكنه رأى عياش بجانبه فقال لحامل الماء: احمله إلى عياش أولًا، فلما وصل الماء إلى عياش قال: لا أشرب حتى يشرب أخي الذي طلب الماء أولا!!
فالتفت الناس نحو الحارث بن هشام فوجدوه قد فارق الحياة، فنظروا إلى عكرمه فوجدوه قد استشهد، فرجعوا إلى عياش ليسقوه شربة ماء فوجدوه ساكن الأنفاس.
هؤلاء من يجب تدريسهم لٲبناءكم لا الإسكندر الأكبر ولا نابليون ولا ميسي ولا كرستيانو رونالدو ولا غيره
المصادر: البدايه والنهايه ابن كثير – تاريخ الطبري – السير للإمام الذهبي