حياة
مروان عياش| سوريا
أنا لم أكن يوماً مواطناً بالفطرة
شاعراً بالفطرة
نهراً مثَّل الأطفال… طبيعياً
ولا حتى غَرسة دُفلةٍ بالفطرة
ما كنت يوماً
ذكرى مسجلةً
خانةً ملعونةً في قيدِ الحياة
أو شارعاً تفرعَ من فخذ قبيلة
ثم حارة في زواياها تتوارى ذنوبُ العاشقين
لم أعش يوماً وطنَ الفكرة
ولا صلاةَ الفكرة
ولاعصيانها
لم أحتفل بعيد الفطرة
هكذا وُلِدتُ أَعمى الأذن
أَصمُّ العينين
أمشي على يدين من جمر
قدماي مرفوعتان للسماء
جاهزتين للموت…
أنا لا أحفظُ من آياتِ الشعرِ إلا فاتحةً و بعضُ لعنات
أُلقنها للقصيدةِ النعسانة
كي تصرخَ في الكوابيس
ذاكرتي وردةٌ تستحي من النهار
ترقصُ طوال الليلِ مع الأحلام
كلُّ مُذكراتي مغموسةٌ بضوءِ القمر
في الصباح يذوبُ ليلي
كجناحي أيكاروس الأهبل
أَسقطُ في متاهات أبي
لا بحرَ يَحتضنُ خيبتي
فأنا لم أكن طيراً بالفطرة
صُنع أبي ومَن أبي
مِعمارٌ.. أحجارٌ.. مخطوطٌ و صبي
أنا لم أحزن يوماً بالفطرة
كلُّ أحزاني أضرارٌ جانبية
لم أحزن كما يجب للحزنِ أن يكون
في حزني الأول اِختبأت بين الخراف
تعلمت لغة ما
أصبحتُ صوفياً طيباً
في الثاني خَلعتْ قريتي أزرار قميصها
أَرضعت كلَّ المارين
كي نصبحَ إخوةً
ونلعبُ مع الذئب حولَّ البير
في حزني الأخير
غَنينا في المهجع نشيدَ الانكسارِ العظيم
الفطرةُ أن تكونَ عارياً بلا سوءات
أن تحفرَ تحتَ قدميك فينبعُ وطنٌ عذب
أن تُحلقَ في السماء إن أغمضتَ عينيك
بلا شمع ولا ريش
ولا خوف من الشمس
وأن تَرجعَ طفلاً.. كلما صحوت