عسى الله أن يكف بأسهم !!
د. أحمد الطباخ
لقد عتوا وطغوا وعلوا علوا كبيرا في غفلة من الأمة التي انشغلت عن دينها وعقيدتها ومقدساتها بما خططه الغرب ودبره حتى نصل إلى هذا الضعف والهوان الذي عليه الأمة اليوم فقد تكالبت أمم الأرض علينا من كل حدب وصوب وأمتنا متفرقة ضعيفة متشرذمة لا حول لها ولا قوة ركنت إلى هؤلاء واعتمدت على عدوها وهي تظن أنه من يدافع عنها ويحميها ونسيت أو أنسيت أن من معه الله فمعه كل شيء ومن توكل على الله أغناه وكفاه .
قد أمرنا الله بأن نظن بالله خيرا بعد الأخذ بالأسباب والاعتماد عليه اعتمادا حقيقيا لا يتسرب إليه مثقال ذرة من شك بأن الملك ملكه والخلق خلقه والأمر أمره وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهنا ينبغي على كل مسلم أن يطمع في الله بل يجب على سبيل الوجوب الإطماع من الله في بأسه الشديد فقد قال الله تعالى في سورة النساء :” وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا “.
حرض المؤمنين على أن يجاهدوا إذ سنن الله في خلقه المدافعة فهذا هو الأصل في الكون وليس الخنوع والخضوع الذي يولد الذل فمن أراد العزة فلله العزة ولرسوله وبعد هذا الإعداد والأخذ بالأسباب عليكم ووجب الطمع فالله أشد بأسا أي صولة وأعظم سلطان وأقدر بأسا على ما يريده وأشد تنكيلا أي عقوبة فكم كف الله بأس الذين كفروا في مرات عديدة والتاريخ خير شاهد على ذلك فقد صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فهو ينصر من ينصره فقد كف بأس المشركين ببدر الصغرى وأخلفوا ما كانوا عاهدوه من الحرب والقتال “وكفى الله المؤمنين القتال ” وبالحديبية أيضا عما راموه من الغدر وانتهاز الفرصة ففطن بهم المسلمون فخرجوا فأخذوهم أسرى وكان ذلك والسفراء يمشون بينهم في الصلح وهو المراد بقول الله تعالى في سورة الفتح :” وهو الذي كف أيديهم عنكم..”.
وقد ألقى الله في قلوب الأحزاب الرعب وانصرفوا من غير قتل ولا قتال كما قال الله تعالى:” وكفى الله المؤمنين القتال ” عندما اجتمعوا كما هو الحال اليوم في إعلان هذا العداء السافر ضد هذا الدين وقد خرج اليهود من ديارهم وأموالهم بغير قتال المؤمنين لهم فهذا كله بأس قد كفه الله عن المؤمنين مع أنه قد من اليهود والنصارى العدد الكثير والجم الغفير تحت الجزية صاغرين وتركوا المحاربة داخرين فكف الله بأسهم عن المؤمنين.
ليس ذلك على الله ببعيد بعد أن قتلوا ودمروا وحاصروا وفعلوا الأفاعيل دون هوادة ولا رحمة بل وجدوا من يقف معهم داعما لهم بالمال والسلاح فطمعنا بلا حدود في بأس الله والله أشد بأسا وأشد تنكيلا يحسبون ذلك بعيدا ونحسبه قريبا فالله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء هو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.