السعادة الحقيقية أن تمنح السعادة للآخرين
د. عادل جبار الربيعي / أكاديمي من العراق
(قلآئل أولئك الذين يستطيعون منح السعادة للآخرين، وأقل منهم أولئك الذين ينثرونها نثرا على الجموع)
يختلف منظور ومفهوم السعادة من فرد لآخر؛ إلّا أنها شعور عام يشعر ويشترك الناس به، فالناس تختلف في طباعها واتجاهاتها، حيث قد يرى البعض السعادة بالمال والبعض الآخر قد يرى السعادة بالإنجاز والنجاح، وبشكل عام فإنّ السعادة هي شعور نسبي يختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكاناته ودوافعه؛ إلّا أنّها تُعتبَر القَدَر أو الظرف المشترك بين الناس الذي يعود عليهم بالخير والمنفعة.
لقد عرّف علم النفس السعادة بأنها نتائج الشعور أو الوصول لدرجة رضا الفرد عن حياته أو جودة حياته، أو أنّها الشعور المُتكرر لانفعالات ومشاعر سارّة، وفيها الكثير من الفرح والراحة وهذا يعني أنّ السعادة في علم النفس، مفهومٌ يتحدّد بحالة أو طبيعة الفرد، فهو من يقرر سعادته من تعاسته، أو أنّ الأمر منوطٌ به، وبطبيعة تفاعله مع الظروف المحيطة، والمواقف الحياتية التي يمرّ بها
احيانا. يشعر الانسان بالسعادة عند جلوسه في بيته او الجلوس في مقهى وربما في دار عبادة واحيانا في ملعب او شارع او سوق وهكذا والبعض يجدها في قراءة كتاب او جريدة اوكتابة شيء يجول في صدره وعليه لايمكن ان نضع لها مقاييس يسير عليها من يرغب بالظفر بها
يعتقد البعض ان الشخصيات المشهورة التي يشاهدها ترتع في قصور فارهة او جزر عائمة في المياه اكثر الناس سعادة فلربما شاهدت احدهم يحتضن اطفاله في غرفة من الطين وياكل الاطباق البسيطة وهو في سعادة غامرة يحسد عليها
ستيف جوبز الملياردير ومؤسس شركة ابل المعروفة والذي مات بسرطان البنكرياس قال بعد اصابته بالمرض
(إذا كان المنزل الذي نعيش فيه هو 300 متر مربع ، أو 3000 متر مربع. الوحدة هي نفسها. ولن تتحرك أو تنام على مساحة أكثر من بضعة أمتار.
سعادتك الداخلية الحقيقية لا تأتي من الأشياء المادية التي تملكها. سواء كنت تسافر في الدرجة الأولى، أو الدرجة الاقتصادية. إذا تحطمت الطائرة ، تحطم معها الجميع.
لذا ، آمل أن تفهم أنه عندما يكون لديك هدف سامي في الحياة، ويكون لك مآثر أسعدت بها الغير، فهذه هي السعادة الحقيقية!)
أما بالنسبة للفلاسفة فينظر أفلاطون إلى السعادة على أنّها عبارة عن فضائل الأخلاق والنفس؛ كالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة، كما أضاف أفلاطون بأن سعادة الفرد لا تكتمل إلا بمآل روحه إلى العالم الآخر. في حين عرّف أرسطو السعادة على أنّها هبة من الله وقسمها إلى خمسة أبعاد، وهي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس. لكن ما يجب أن نعرفه أيضا أن السعادة نوعين “السعادة القصيرة المدى والطويلة المدى”، فبالنسبة للسعادة القصيرة المدى أو المؤقتة، هي التي تدوم لفترةٍ قصيرةٍ من الزمن، وغالباً ما ترتبط بموقف أو حدث سار عابر، يشعر به الفرد لبعض الوقت، بعدها يعود إلى حالته الانفعالية العادية، المرتبطة بشخصيته أو كينونته الداخلية.. أما السعادة الطويلة المدى، هي التي تدوم لفترةٍ زمنيةٍ طويلة، ولعل أغلب الناس يبحثون عنها، ويتمنون الحصول عليها، كونها تُعطي المرء شعوراً مستمراً بالسعادة، ما يُحسّن حياته، ويجعله ينطلق بكلّ إيجابيةٍ ورحابةٍ نحو الحياة.
أن السعادة هي منظومة كاملة تتدخل فيها عدة عوامل كالعلاقات الاجتماعية المتميزة، والأسرة المتماسكة، والعطاء الخيري، والشعور بالرضا النفسي، وتقدير الأشياء الجميلة التي تحيط بك، الى جانب التحلّي بالصحة البدنية وتمام سلامتها، ووضع الأهداف وتحديدها شرط أن تكون أهداف واقعية وقابلة للتحقيق، كذلك شغل الأوقات بالأعمال المفيدة والنشاطات المنتجة، وتحلي الفرد بالأنماط السلوكية السوية والسليمة بشكل عام، وكذا قدرة الفرد على تغاض وتجاهل المثيرات السلبية ومسببات التعاسة والإبتعاد عنها، وتأكد جيدا أن الظروف الصعبة التي تمر بها فهي حالة مؤقتة وليس نهاية السعادة،
ذكر العلماء المسلمون أنّ السعادة هي وصول الفرد إلى حالة من تحقيق التوازن بين ما يتطلّبه الجسم والروح، وبين متطلبات الفرد ذاته وبين متطلبات المجتمع الذي يعيش به، وبين الحياة الدنيوية للفرد وبين آخرته وعمله لها، كما أشار العلماء المسلمين إلى أن السعادة الدنيوية هي سعادة آنيّة وناقصة، وأن السعادة الحقيقية هي السعادة الخالدة في الدار الآخرة والظفر في الدخول إلى الجنة؛ أي أنّ السعادة تشتمل على مرحلتين، وهما: السعادة الدنيوية في ظل الأحكام والضوابط الشرعية، والسعادة الأخرويّة التي تتحقّق بدخول الجنة كل فرد بحسب درجة صلاحه في حياته الدنيا السابقة
تبدأ السعادة بإسعاد الناس، فحسب الدراسات الأناس الذين يسعون لإسعاد الآخرين يشعرون بالسعادة أكثر من غيرهم فهو عندما يسعد الاخرين فربما يُنجي بذلك حياة شخص فقد الأمل ويعطيه فرصة جديدة و يجعله متمسكا بالحياة أو ربما يجعله إنسانا مختلفا تماما و كأنما ولد من جديد، ليس ذلك فقط بل أن ذلك الشخص سيسعد الاخرين أيضا فتنتشر السعادة والتفاؤل بين جميع الناس
احترم كل الناس، احترم الناس مع اختلاف أفكارهم و تفكيرهم واعلم أن الاحترام هو أجمل ما تتركه في قلوب الاخرين
إسعاد الناس فن لا يعرفه كثير من الناس لقد خلق الله الإنسان بشكل فريد وزوده بالعقل والأحاسيس وكل شيء يوجد في الإنسان كي يسخرها لصالح الناس، من أجل ذلك فرق الله الإنسان عن سائر المخلوقات، فكر لحظة، مجتمع سعيد و متفائل هل سيكون به ضجيج و هل سيتشاجر أهله مع بعض؟ بالطبع لا، سعادة الآخرين من سعادتك فنحن على سفينة واحدة وبيئة واحدة إذا سعينا لإسعاد بعضنا البعض فكلنا سيعيش في سعادة، اعتباراً من اليوم يمكنك ان تُسعد الناس و تَسعد، من أبسط الطرق لإسعاد الناس مثلا ابتسم كل حين، يُقال الابتسامة مُعدية نحن ننسى التبسم
، ساعد الناس، أطعم الفقير اعطف على اليتيم ساعد في كل مكان في البيت في المكتب في المدرسة ساعد جيرانك وأسرتك وأصدقائك وزملائك ساعد الجميع في كل ما يحتاجونه هذا سيسعدك بقدر ما يُسعدهم وأكثر.
أحب بلا مقابل، أحب الناس بلا مقابل انظر لهم كأنها أمانة من الله قيمهم كما تحب أن تعطى القيمة افعل لنفسك مشاركة وجدانية عاملهم كما تحب أن يعاملوك به، لا تفعل الشر إذا لم تستطع فعل أي شيء، هذا سيجعلك اكثر سعادة من الآخرين.
يقول الخبراء هناك فوائد كثيرة لصحة الإنسان إن اسعد الآخرين وهي أن فعل الخير والدوام عليه يجلب الخيرات، مساعدة الناس تقلل من الضغط النفسي و من الإصابة بمرض الاكتئاب، مساعدة الناس يعصم من التكاسل و يصبح الإنسان صاحب نشاط و خفيف الحركة، عند مساعدة الناس يفرز الجسم هورمونات الفرح والسعادة.
عندما تكون عديم الفائدة لنفسك أو لمن حولك فستكون حياتك مملة ورتيبة وعلى العكس تكون حياتك متجددة وانت تشعر بانك تنشر زهور السعادة لكل من اجدودبت ايامه وتسقيها بعطر الحب والمودة فتزرع الامل بعد حالة حزن واحباط وتنظر الى بريق عيونه الممتنةلك
السعادة التي تغمرك لايمكن وصفها فهي حقيقية تمنحك جرعة عالية من الامان والطمأنينة فحاجة الآخرين لك من افضل النعم للانسان والتي يهبها الله وهي طريق السعادة الحقيقية ولعل السر في ذلك الى الاقتراب من رضا الله ورحمته
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد