سياسة

ما مدى الاختراق في صفوف المقاومة؟

سالم بن محمد بن أحمد العبري
حين اغتيل الأمين العام الأول لحزب الله  في ١٩٩٢، كان الأمر لا يمثل موشرا وجرس إنذار لأن المقاومة في حينها كانت في مرحلة النشآة وتنظيمها العسكري والأمني غير مكتمل وغير محكم ولم تكن من القوة والخبرة في حال اليوم. ومن ثم تكون حالة الاغتيال شيء ممكن ومتوقع وغير مستحيل خصوصا أنها كمقاومة هي عبارة عن مقاومة لبنانية صغيرة تسعي للصد العدوان للاحتلال الإسرائلي ولم تكن اشتهرت كمقاومة عالمية ولم يقو عودها ولا تمتلك ماهي عليه الآن من إمكانات.
أما اليوم فإن سلسلة الاغتيالات التى تنهش في جسدد المقاومة ودولها في سوريا وإيران والعراق ولبنان و في فلسطين تبعث على انزعاج حاضنية المقاومة تلك الحاضنية الممتدة في العالم كله وليس عندنا نحن العرب في وطننا الممتد بين المحيطين الهندي و الأطلسي فقط بل في كل أنحاء العالم فالعرب والمسلمون منتشرون في كل قارات العالم بحيث قد يكون عددهم في الأوطان الجديدة قد يمثل نصف عددهم في الوطن الأصلي، بل إن هذه المقاومة العظيمة البارزة القيمة صارت نبراسا للحرية ومقاومة للبغي والاستعماري السياسي والاقتصادي في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية؛ لذلك صارت المقاومة العدو الأول للغرب الاستعماري وعلى رأسه امريكا.
وكان للحضور و التميز و الشجاعة التى تمثلت في شخص السيد حسن نصرالله أثرا وفاعلية وانتشارا بحيث لم ينزل في هذه المكانة والحضور والتأير، والمصداقية حتى مع الأعداء منذ وفاة الزعيم جمال عبدالناصر -رحمه الله- و ربما ما جعله في هذه المكانة أنه كان تعويضا عن تلك القامة البارزة لعبدالناصر وإن (نصرها) لم يكن ممن ذهبوا إلى إنكار المرحلة الناصرية ولم يمشِ هو أو القيادات في الثورة الإيرانية إلى الإساءة للزعيم عبد الناصر، بل ذكروا مواقفه في مناصرة حركات التحرر العالمية بما ذلك دعم الإمام الخميني العظيم في أيام حركته الأولى وليس حين تبدت تباشير انتصاره والقضاء على نظام الشاه الذى كان شرطي الاستعمار كما هي إسـ ــــ ــ رائيــ ـ ل
إن مقتل المجاهد و القائد (عماد مغنية) بدمشق في ٢٠٠٨ قد يمثل بدء الشك أو التساؤل: هل هنالك اختراق في صفوف المقاومة خصوصا أن دمشق خاصة وسوريا كلها كانت هي المحصنة الأولى أمنيا على مستوى العالم بما في ذلك دول المعسكر الغربي، لكن بمقتل مغنية شرع السؤال، ولكن لم يلح بسبب انبثاق ما سُمي بحراك الربيع العربي الآثم الأسود وكان مركزه ومبتغاه المركزي إسقاط الدولة الوطنية السورية التى لم تطأطيء رأسها لكولن باول وهو خلف ظهره وهو يشير إلى بغداد عشرات الآلاف من جنودهم وحلفائهم وأتباعهم قيل له: افتحوا فلسطين للفلسطينين ولن يبقى فلسطيني واحد بسوريا  وطن العروبة كلها. هذا فكرنا ودستورنا لكنهم أي الفلسطينين متمسكون بوطنهم ويعدون الساعات ترقبا للعودة.
نعم اغتيال عماد مغنية مع عظم دوره بحزب الله وإعداد كوادره ودوره الكبير في صد وإفشال حرب ٢٠٠٦ على لبنان التي كانت فاتحة لإعلان ولادة الشرق الأوسط الجديد كما أعلنت (ريس) وأزلامها من العرب
أما منذ قرابة العامين وتحديا منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وقد صدم العدو والكيان بحركة المقاومة المباركة من غزة والإنجاز الذى لم يتمكن الكيان والأعداء كلهم من تجاوزه وخلخلة صفوف المقاومة وحركاتها و دولها. وكان لحزب الله و قيادة السيد نصرالله الأثر الأقوى و الأمنع والواثق بالنصر.
وشهر بعد شهر والمحور هو الجبل الأخضر الأشم إذا توجهت وجهة الأعداء ومحورهم العالمي غربه و شرقه. إذا فكان الطريق الأسهل لهم هو التصفيات للقيادات، ونحن لم نتوسع في إحصاء كل هذا السبيل الذى يتقنه الاستعمار للوصول لأهدافه في إنهاء كل مقاومة أو حركات التحرر فيه، لذلك بدا هذا النهج سبيل الكياني منذ ارتفاع عداد الاغتيال من السوريين وتاني الهجمات وتبلور بالهجوم على القنصلية الإيرانية بدمشق، ثم اغتيار صالح العرور بالضاحية الجنوبية لبيروت و تابع مسلسل الاغتيالات للعديد من القادة وأبرزهم إسماعليل هنية في طهران وفي وضح النهار بعد اغتيال  إبراهيم رئسي ووزير خارجيته الذى لم أقتنع يوما أنه عمل مدبرا استخباريا، ثم هذا التتابع في اغتيال قيادات أساسية في حزب الله وأجدني مع بعض الإشارات والبيانات موقنا أن خلالا و اختراقا ممكنا واضحا وإلا كيف يخرج السيد الشهيد الكبير نصر من مأمنه ليقع بعد مسافة ليست ببعيدة في موقع اغتياله واستشهاده.
نحن من حرصنا و تمسكنا بحزب الله وبوصفه العمود الفقري للمقاومة على ساحة المقاومة الوطنية في وطننا وفي العالم تدريبا وخبرة وإمدادا ننبه ونرجو ونأمل أن يُسد هذا النزف وهذا الخلل وتحصين الصفوف وترصين العمل والتزام السرية لتكون في الحلقة الصغيرة كما أشار الشهيد الكبير في خطابه الأخير الخاتم
وفي الأخير أقول: لقد قيض الله لهذه الأمة و لفلسطين وللحركة العالمية وللحرية والتحرر رجلا من أصلب رجالها مع ثلة من رفاقه. وما النصر إلا من الله العزيز الحكيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى