الصحراء المغربية : مرصد الصحراء للتنمية والشراكات يبرز النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية
المملكة المغربية من السمارة ـ الصحراء المغربية | بوشعيب خلدون :
بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، أشرف مرصد الصحراء للتنمية و الشراكات بشراكة مع عمالة إقليم السمارة، بمقر الكلية المتعددة التخصصات، وذلك يوم السبت الماضي 29 نوفمبر 2024 بمدينة السمارة، على تنظيم ندوة وطنية. تم خلالها تقديم التقرير السنوي الاستراتيجي للتنمية في الأقاليم الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، تم برمجة عدة عروض ومداخلات ضمن الجلسات العلمية يمشاركة نخبة من الدكاترة والأساتذة الأجلاء .
برنامج هذا اللقاء العلمي أفتتح بآيات بينات من الذكر الحكيم و الإستماع للنشيد الوطني ثم كلمة ترحيبية بإسم مرصد مرصد الصحراء للتنمية والشراكات.
كلمة عامل إقليم السمارة السيد ابراهيم بوتوميلات:
كما تضمن البرنامج كلمة هامة لعامل الإقليم السيد ابراهيم بوتوميلات أبرز فيها أهمية التنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة وأكد انه لا يمكن أن يُختزل بمعزل عن النموذج التنموي الجديد الذي أُطلق في عام 2014. يُعَدُّ هذا النموذج خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق التوازن الإقليمي، وتفعيل مبادئ الجهوية المتقدمة التي تم ترسيخها منذ دستور 2011. مبرزا النقاط الأساسية للنموذج التنموي الجديد وتشمل:
1. الحكامة الجيدة:
تقوم الحكامة الجيدة بدور محوري في ضمان الشفافية والفعالية في تدبير المشاريع التنموية. وقد أتاح النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية إطارًا جديدًا لإدارة الموارد المحلية بشكل متوازن ومنصف، مع تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
2. التنمية المستدامة:
يشمل النموذج مشاريع مبتكرة تعتمد على الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، واستغلال الموارد الطبيعية بطرق مسؤولة. كما يهدف إلى تقليص الفوارق المجالية، وتعزيز البنية التحتية لتسهيل الربط بين الأقاليم الجنوبية وباقي مناطق المملكة.
3. التوازن الإقليمي:
يركز النموذج على معالجة الاختلالات المجالية من خلال دعم المناطق الأقل حظًا، مع توجيه الاستثمارات نحو تحقيق التكامل بين الشمال والجنوب. كما يُعتبر موقع الأقاليم الجنوبية استراتيجيًا لتعزيز التواصل التجاري مع إفريقيا وأوروبا.
4. التنمية الاجتماعية والثقافية:
تشمل هذه الجهود تحسين الخدمات الصحية، وبناء مستشفيات جامعية، وتعزيز التعليم العالي، والحفاظ على التراث الثقافي المحلي. بالإضافة إلى تمكين الشباب من خلال خلق فرص عمل ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وتطرق السيد العامل إلى التحديات والمعوقات ولخصها في عدد من النقاط مبرزا أنه :
رغم النجاحات التي حققها النموذج التنموي الجديد، فإنه يواجه تحديات بارزة، من أبرزها:
• معدلات البطالة بين الشباب: رغم المشاريع الكبرى، لا يزال توفير فرص العمل تحديًا أساسيًا.
• التكوين المهني: هناك حاجة لتعزيز برامج التكوين المهني لملاءمة مهارات الشباب مع متطلبات سوق العمل.
• جذب الاستثمارات: ضرورة استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للاستفادة من الإمكانات الاقتصادية للأقاليم الجنوبية.
التقييم والتطوير:
مع مرور عشر سنوات على إطلاق هذا النموذج، يتطلب الأمر تقييمًا مستمرًا للمشاريع المنجزة، وتحليل نقاط القوة والضعف. ويُعتبر الالتزام السياسي من أعلى مستوى من أبرز نقاط القوة، إذ يمثل هذا المشروع نموذجًا للتنمية الشاملة والمستدامة، مع رؤية استراتيجية لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
و ختامًا ذكر السيد العامل أن نجاح النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية يعكس إرادة سياسية قوية، ورؤية مستقبلية متكاملة تسعى لتحويل هذه المناطق إلى محرك للتنمية الوطنية والإقليمية. ولكن هذا النجاح يستدعي مشاركة فعالة من جميع الفاعلين، بما في ذلك المجتمع المدني، والشباب، والقطاع الخاص، لضمان استدامة المكتسبات وتحقيق الأهداف المنشودة.
كلمة السيد عبد الجليل الإدريسي عميد الكلية المتعددة التخصصات بالسمازة:

وبعدها تناول الكلمة عميد الكلية الذي شكر العرض المستفيظ للسيد العامل وايضا شكر المرصد ورئيسته على هذه الندوة الهامة والتي اتاحت الفرصة لتدارس عديد من النقاط التي تخص مدينة السمارة والمناطق المجاورة وايضا كل التراب في جنوب المملكة مـذكرا ان الكلية المتعددة التخصصات بالسمارة هي جزء من هذا النموذج التمنوي الجديد، مؤكدا أن الكلية تُعد مركزًا حيويًا لتعزيز التنمية المحلية، من خلال تكوين الكفاءات ودعم البحث العلمي. تسهم في تأهيل الطلبة وتمكين المرأة للمشاركة الفاعلة في مختلف المجالات مذكرا بعدد من النماذج التي تألقت محليا ووطنيا. كما ذكر أن الكلية تُركز على الابتكار والتخطيط الاستراتيجي لمواكبة احتياجات الإقليم، مع تعزيز دور الشباب والنساء كركائز أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
كلمة اعزيزة إسماعيلي – رئيسة مرصد الصحراء للتنمية والشراكات:

وبعدها استعرضت الأستاذة اعزيزة إسماعيلي – رئيسة مرصد الصحراء للتنمية والشراكات، محاور التقرير بمناسبة تقديم التقرير السنوي للمرصد، الذي يركز على النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وتطوير البنية التحتية والمرافق العمومية، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات الاجتماعية والتعليم. يتناول التقرير دور مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في تثمين الموارد الطبيعية وخلق فرص العمل، فضلاً عن تسليط الضوء على السياحة الصحراوية ودور الصحراء المغربية كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا. كما يستعرض الدينامية الدولية للاعتراف بمغربية الصحراء.
وتطرقت إسماعيلي إلى مكانة الأقاليم الجنوبية في مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية بفضل النموذج التنموي الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس في 2015، والذي يركز على التنمية المستدامة وتحسين البيئة الاقتصادية. كما أشارت إلى التقدم الدبلوماسي المتمثل في فتح قنصليات للدول الصديقة، مما يعكس الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.
وأكدت أن الأقاليم الجنوبية ستظل محوراً أساسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع رؤية لتسريع النمو في السنوات القادمة. وأعلنت أن التقرير سيكون متاحًا باللغتين الإنجليزية والإسبانية لتعريف المجتمع الدولي بالإنجازات التنموية في هذه الأقاليم.
الجلسة العلمية :
الجلسة العلمية تواصلت بعد تكريم المرصد للسيد العامل ورجال السلطة ورؤساء المصالح وايضا الفاعلين في المدينة ورؤساء الجماعات المحلية وشيوخ من مدينة السمارة ومنتخبون والسادة الأساتذة والدكاترة وطلبة الكلية، وتواصلت العروض و المداخلات و التي جاءت كمايلي :
مداخلة للدكتور الولي جودا رئيسا للجلسة، باحث وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان ، العيون الساقية الحمراء :

تناول فيها الجانب الثقافي والحقوقي مبرزا أن الجانب الثقافي المحلي يلعب دورًا حيويًا في التنمية بالمناطق الصحراوية المغربية، من خلال الحفاظ على التراث الثقافي الغني وتعزيز الهوية الصحراوية. كما تُساهم المشاريع الثقافية في تعزيز السياحة والتنمية الاجتماعية. أما الدور الحقوقي، فيتمثل في تمكين المجتمع المحلي، خاصة النساء والشباب، وضمان المساواة والعدالة الاجتماعية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
مداخلة للدكتور مولاي اسماعيل الناجي، أستاذ جامعي ، جامعة ابن زهر :
أبرز الدكتور دكتور مولاي اسماعيل الناجي أهمية الدور القانوني والأسس القانونية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلى الآليات التي تسعف في تطوير النموذج التنموي الجديد، خاصة في المناطق الصحراوية المغربية ، مبرزا أن برامج التنمية تعتمد على قوانين ولوائح تؤطر العمل التنموي، بدءًا من توفير الإحصائيات الدقيقة حول السكان والموارد، إلى دعم المبادرات المحلية التي تعزز المشاركة المجتمعية. تشمل هذه المبادرات تحسين الخدمات التعليمية، وتوفير فرص العمل، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية.
مداخلة الدكتور يحضيه بوهدا، روائي باحث في التاريخ :
أبرز الدكتور يحضيه بوهدا الدور الأساسي للمرأة الصحراوية التي تلعب دورًا أساسيًا في النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية، حيث تشارك بشكل فاعل في جميع المجالات التنموية، من التعليم والصحة إلى الزراعة والصناعة. تسهم المرأة في تنمية المناطق الصحراوية من خلال المشاركة في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، وتعتبر حجر الزاوية في تعزيز الاستقرار والتنمية المحلية.
تسعى المرأة الصحراوية إلى الحفاظ على الهوية الثقافية والموروث المجتمعي من خلال الحفاظ على العادات والتقاليد الصحراوية الأصيلة، وتساهم في نقل هذه الثقافة إلى الأجيال القادمة. كما أن دورها يتجاوز التنشئة الأسرية إلى المشاركة في قيادة التغيير الاجتماعي والاقتصادي.
من خلال المشاريع التنموية المستدامة التي تستهدف المرأة في هذه المناطق، يتم تمكينها اقتصاديًا وتعليميًا، مما يعزز دورها في تطوير المجتمع المحلي وحمايته من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. بالتالي، تظل المرأة الصحراوية عنصراً حيويًا في ضمان استدامة التنمية وحفاظها على الهوية الصحراوية.
مداخلة الأستاذ بوشعيب خلدون، فنان تشكيلي وصحفي، رئيس تحرير جريدة آربريس :

وفي عرضه أبرز الأستاذ بوشعيب خلدون الدور المحوري الذي تلعبه الثقافة والفنون وهو دورًا أساسيًا في تنمية مدينة السمارة والصحراء المغربية، حيث تسهم في تعزيز الهوية الوطنية والمحلية، وتقوية الروابط الاجتماعية، وتحفيز النمو الاقتصادي. الثقافة الصحراوية الغنية بالتقاليد الشفوية والفنون التراثية مثل الشعر الحساني والموسيقى الشعبية والصناعات الحرفية تمثل ركيزة أساسية لاستدامة التنمية في المنطقة.
أهمية الثقافة والفنون في هذه المنطقة تتمثل في عدة جوانب، أولها تعزيز الهوية الثقافية، حيث تسهم الفنون التقليدية والحديثة في الحفاظ على التراث الصحراوي ونقله للأجيال القادمة. ثانيًا، تلعب الأنشطة الثقافية دورًا في التنمية الاجتماعية، حيث توفر فرصًا لدمج الشباب وتمكين النساء من خلال تدريبهم على المهارات والمشاركة المجتمعية. كما تساهم الصناعات الثقافية والسياحة المرتبطة بها في النمو الاقتصادي، بما في ذلك جذب السياح المحليين والدوليين وخلق فرص عمل.
لتعزيز التنمية الثقافية، يُقترح إنشاء بنية تحتية ثقافية تشمل مراكز ثقافية وفنية، ومتاحف ومعارض لتوثيق التراث الثقافي. كما يجب إدراج الفنون والتراث في المناهج الدراسية وتنظيم ورش عمل لتطوير المهارات الثقافية والفنية. دعم الإنتاج الثقافي والفني من خلال منح وتقديم الدعم للمبدعين المحليين، بالإضافة إلى تنظيم مهرجانات ثقافية لتعزيز الثقافة الصحراوية. أيضًا، يُوصى بتشجيع السياحة الثقافية من خلال تطوير مسارات سياحية تسلط الضوء على المعالم الثقافية للمنطقة.
ورغم التحديات مثل الظروف المناخية الصعبة والاعتماد على الدعم الحكومي، فإن الجهود المستمرة والإرادة السياسية تدفع نحو تحقيق تنمية مستدامة تعكس رؤية شاملة لتطوير الصحراء المغربية.
وتأتي هذه الندوة الوطنية بأهداف علمية تهدف إلى تسليط الضوء على مسيرة التنمية ومصارها في الأقاليم الجنوبية للمملكة، مع إبراز أبعادها الاستراتيجية المختلفة.
برقية ولاء وإخلاص إلى جلالة محمد السادس حفـظه الله :
وفي نهاية الندوة رفعت السيدة اعزيزة اسماعيلي رئيسة مرصد الصحراء للتنمية والشراكات، برقية ولاء وإخلاص إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفـظه الله ونصره، باسمها ونيابة عن أعضاء المرصد وكل المشاركين في هذه الندوة العلمية الهامة .