شعر: محمد أسامة| أمريكا الشمالية
فوقَ المنابر خلْتُ الشَّام تأتلِقُ
بأحرفِ النَّصر إذ قد مسَّها العبقُ
وكبَّر الدهر في الآفاق مغتبطًا
في البَرِّ والبحرِ والأفراحُ تنطلِقُ
مدائنُ الشَّام في الأصقاع قد فرحت
من بعد حزنٍ ومنها البِشْرُ يندفِقُ
نِعم البلادُ بلادُ الشَّام كم شَرُفَت
بروعة الفتح كم في دربها الألَقُ
طلائع الخير في أركانها انتشرت
والشَّر يبلى بُعيد اليوم يحترِقُ
وأشرق الصُّبح في آلائه فرحًا
والليل أدبر مفلولًا وينسحِقُ
فيها الفخارُ ويومُ النَّصر مكرمةٌ
قد جاء مغتبطًا والحُزْنُ ينمحِقُ
أمست دمشقُ بثوب الفخر قد كُسِيت
من بعد دهر ومنها الفجر ينبثِقُ
سنونُ تمضي وعين الشام دامعةٌ
يلوكها القهر والأحزانُ والشَّفَقُ
فيها الظَّلام وعاش الخلق في دَلَسٍ
وغابت الشمس أعوامًا بها نَزَقُ
وأصبحَ القهرُ ذاك الوقتَ طابِعَها
والقتلُ والحبس حتى ذلَّها الرَّهَقُ
والظُّلْمُ ساد وفرَّ العدل منتحبًا
يبكي دموعًا وكم دُكَّتْ به العُنُقُ
قد شفَّها الهمُّ كم حقُّا أخالُ بها
طلائع الضَّيمِ حتَّى نالها الحَنَقُ
كأنَّها ساعةٌ بالهمِّ دائرةٌ
منها جَزِعْتُ إذا ما نالني الأرَقُ
حتَّى رأيتُ ليوث الشام قد نهضوا
برايةِ الحقِّ لا ينتابهم قلقُ
في ساحة الحرب كم لاحت جماجمهم
لها تضعضع أهلُ البغي فانزهقوا
أبطال أُمَّتِنا تقوى عزائمهم
إذ لا تلينُ وفيها العزمُ يتَّسِقُ
في روضة الشام كم تسمو مراتبهم
فوق الرُّؤوس وخِلْتُ الشَّهْدِ يُغْتَبَقُ
وزمجر الأسدُ المغوارُ زمجرةً
منها نخالُ عبيدَ الكفر كم صُعقوا
وانساح في الأرض إذ أمست محرَّرَةً
كأَّنما الكفر في أثوابه مزَقُ
لتفرحَ الأرض والأكوان قد رقصت
كم عزَّتِ الشَّام في أنهارها دَفَقُ
حتَّى أخالُ جنودَ الظُّلْمِ قد وقعوا
في أسرِهم وأخالُ الشَّامَ تنعتِقُ
الله أكبرُ لاح الصَّبح في بصري
وأدبر الليل مفلولا فيطَّرِقُ
ولَّى الظلام وأمسى في العيون ضحى
واستبشر الزَّهر إذ يزهو به الأُفُقُ
والجدبُ زال وخِلْتُ الأرض قد رُويت
والقلب مغتبِطٌ في حبِّه طَلِقُ
وينصرُ الله شعبًا بعد ذِلَّته
أمسى عظيمًا وعنه الشرُّ ينفرِقُ
فلتهنئ الشَّام كم أضحت معزَّزَةً
إذ كل أعدائها في البحر قد غرقوا
إنَّ الطغاةَ إذ عزُّوا بها زمنًا
ولَّوا فرارًا فلا يبقى لهم رَمَقُ
ما للسَّفيه بُعيد اليومِ منزلةٌ
حتَّى وإن عاش أعوامًا سينمحِقُ
عاشت بلادي بأرض الشام يانعةً
كلُّ السِّنين ومنها الخير يندفِقُ
لتنزِعَ اليومَ عن أثوابها ألمًا
وترتدي الفخرَ والأشواقَ تأتلِقُ
عاشت بلادي وكم أهوى خزائمها
في عزِّها اليوم خِلْتُ الرُّوحَ كم تَثِقُ