الإسلام صنع الأحرار وصانهم

د. أحمد الطباخ | مصر
جاء الإسلام والناس فوضى لا تلم بهم إلا على صنم قد هام في صنم والفوضى ضربت بأطنابها في كل أحوالهم فلا أعراض مصونة ولا عقول ولا قلوب ولا ضمير وإنما الأحوال تزداد سوءا فليس للعقل دور يذكر وإنما عادات وجد الأبناء آباءهم عليها فلم يعملوا عقولهم في تغيير هذا الواقع الآسن وإعمال لها لتفكر فيما آلت إليه أحوالهم وما أحاطها من أغلال وقيود ليأتي هذا الدين فيحرر الإنسان من تلك الأغلال والعبودية فلا يعبد سوى الله الواحد الأحد الديان ويأمره ربه ألا يعطل عقله عن التفكير والتفكر والتدبر في هذا الكون الواسع الذي يحتاج إلى عقول نيرة وألباب ساهرة وقلوب منيبة مخبتة.
لقد أسهم هذا الدين في بيان الغث وإظهار السمين وإحياء الطيب وإماتة الخبيث فصنع رجالا على عينيه رفع لواء الحق وعصفوا أذهانهم وأعملوا عقولهم حتى صاروا رعاة الدين وحراس العقيدة ليس بما يحملون من أنساب ولكن بما يملكون من تلك القلوب المؤمنة وتأمل رد هذا الراعي على هذا الماكر الخبيث الذي أراد أن يطعن هذا الدين ويأتيه من كتابه الكريم ولكن أنى له ذلك وفي المسلمين أمثال راعي الغنم هذا .
يُروى أن أحد اليهود مرّ على قرية مسلمة وأراد أن يلقي “بشبهات” على علمائها ولكنه قبل بلوغ القرية وجد راعي أغنام مسلم فقال: اليهودي في نفسه دعني أبدأ بهذا (الراعي الجاهل) وأشككه في دينه الإسلام ، فأظهر اليهودي للراعي أنه مسلم وعابر طريق، وبعد الجلوس معه بعض الوقت قال له اليهودي: ألا ترى أننا كمسلمين نجد في حفظ القران مشقة شديدة لأنه يتكون من ثلاثين جزءًا؟، وفيه آيات كثيرة متشابه فلماذا لانحذف المتشابه منها؟، لأنها بلا فائدة ، وإنما تكرار للكلام فقط، ثم أردف اليهودي قوله وهو يبتسم ابتسامات ماكرة، وبعد ذلك الحذف ستقل عدد أجزاء القرآن وسيسهل علينا حفظه ومراجعته؟
كل هذا الوقت والراعي يستمع بإنصات لليهودي فلما فرغ وانتهى. قال الراعي لليهودي: كلامك يا هذا جميل ومقنع.. ! ، فسُرَّ اليهودي الخبيث وفرح فرحة شديدة، لظنه أن الراعي سقط في حباله، ولكن الأعرابي أكمل بقوله: لكن لدي سؤال: أليس في جسدك أنت أشياء متشابهه لا فائدة منها؛ مثل يدين اثنتين وقدمين وإذنين وعينين ومنخرين؟
فلماذا لا نقطع هذه الزيادات المتشابهة، ليخف وزنك ويستفيد جسمك مما تأكل بدل أن يذهب غذائك لأشياء في جسد كمتشابه؟ كما أنك سترتاح من حمل أشياء متشابه في جسدك لا فائدة من تكرارها!
هنا قام اليهودي فوراً وحزم متاعه وهو مسوّد الوجه عائدا من طريقه يجر أذيال الحسرة والخيبة وهو يقول: ألجمني رد وفكر راعي أغنامهم، فكيف بردّ علمائهم.
اللهم فقّهنا في الدين و ثبتنا والمسلمين على الصراط المستقيم. اللهمَّ وفِّقنا للدَّعوة إليك، ولدلالة خلقك عليك اللهمَّ فِّقهنا للدَّعوة إلى الحقِّ بحقٌّ، وإلى المعروف بمعروفٍ و احفظ بلادنا من كل مكروه وسوء.




