رسائلي إلى مارغريت 18

صالح علي-شاعر وكاتب سوري

.

طاب صباحك يا مارغريت!
اكتب إليكِ وقد انقضى رمضان وانصرمت أيّامه، وأقبل العيد يختال بأثوابه حاملاً في راحته مسرّة الأطفال، وغصّة الواجدين، وسعادة المؤمنين وبؤس الخائبين ، وإلى اليوم لم أتسحّر على عينيك، ولم أُفطر على تفاح وجنتيك!

بل لم أسترق منك نظرة ترد رمقي، وتبلّل عروقي بحسن طلعتك أفيرضيكِ هذا؟!

وفي كلٌّ يومٍ أمنّي النفس باللقاء، وأُراوِدها على الصبرِ فتأبى!
وأنسجُ من الأمل خيوطًا تدثّرُ ألفَ عارٍ، وأحلامًا تشبع ألف جائع!
ولم أر من أنوار وصلك وميضًا يسكّنُ القلب ويطمئن الخاطر!
فتعسا لأعدائك لا تعسًا لك!

فإنّي وإن كنت أتحيّن مواقيت الإجابة، لأجهد بالدعاء عليك
والانتصاف منك، وأرفع يدي وأبلل ثيابي بالعبرات وألبس أطهر الثياب وأبعدها عن حزاز الإثم، فما إن أرفعهما حتّى
أحوّل الدعاء على أعداءك، وعلى حظي البائس الذي قادني إليك وياله من حظ!

فإنَّه وإن كان سببا في بؤسي وشقائي وحسرتي وعنائي، إلا انّه أول من فتق عيوني على محبتك وآنس قلبي بذكراك
وألهمني مهايع الهوى، وعلمني كتابة الخواطر، وسرد الأشعار والعزف على أنغام العصافير، والسباحة في معارج الحب،
فبعد أن كنت خاملا، أصبحت أدق فكرا وأعمق حسًا، وأطيب قلبًا، ويكأن قلبي بات أرقّ من قلوب الأطفال، ودمعي أغزر من دموع الثكالى، فلولاك لم أعرف للحزن لذيذ طعمة، وللبعد حلاوة بهجة!
ويحكِ – جعلني الله فداكِ – لا تحسبي ما بثتتك من كلامٍ متناقضًا وإنما هما حالان عتاب وتودد
ولكل مقام مقال!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى