قصيدة بنت العراق
هلال البهلاني-شاعرٌ عماني
دفنوك تحت كثيفة الأنقاض
كسف عليك من البنا المنهاضِ
.
حلم الحياة دهوه قبل تمامه
بقذائف حتى انتهى لرضاضِ
.
هي زهرةٌ ذبلت وصوَّح عودها
في مطلبٍ من تافه الأعراضِ
.
حَمَلٌ وخرَّ مضرجا بدمائه
في الليل تحت مخالب العرباضِ
.
ولقد رأيت مشاهدا لكنه
قد فاق في قتلي وفي إجراضي
.
فتناثر الدمع الهتون يُشِبُّه
جمر الهوى في قلبي الممراضِ
.
لكأنما مرت عليَّ مجدَّةً
في قطعها جسمي يد المقراضِ
دفنوكِ ما دفنوكِ بل دفنوا الحِجا
والرشد فانقلبوا بصُفرِ وِفاضِ
.
إن الذي زعموا أتوكِ لأجله
حُرِّيَّةٌ كلمى بشر مخاضِ
.
طفل العراق من الدمار يعيش في
مستنقعٍ للموت أو بِبُراضِ
.
وأدوا الطفولة والكهولة أيَّموا
بنتَ العراق بمدفع الأغراضِ
.
شرٌّ على شرٍّ وليلٌ دامسٌ
حاشى القذائف فاقدُ الإيماضِ
.
حرية زعموا أتوكِ لأجلها
فلعلها حمراءُ من أمراضِ
.
سفكوا الدماء مهدِّمين ديارنا
وسيوفنا سكنت وهن مواضِ
.
بمدافع الصُّلبان هُدِّم معقلٌ
ألوى بجند القيصر الجرواضِ
.
دخلوه ما رفعت لهم سوطا يدٌ
أوحى له من سرعة الإغماضِ
.
بيتٌ من العزِّ الأشمِّ تكسرت
شرفاته قد صار كالأحفاضِ
بنتَ العراق نصيبُ عيني دمعةٌ
حرَّى من المسفوك قبل محاضِ
.
بنتَ العراق نصيب قلبي حسرةٌ
ستصيِّرُ الأكباد بعض فُضاضِ
.
تالله بعدكِ ما سُررتُ بمُفرحٍ
كلا ولم أقطع دُجًى بغِماضِ
.
بنتَ العراق سيُعرضُ التاريخ عن
تلك الرزايا أيما إعراضِ
.
بنتَ العراق سيذكر التاريخ ما
ساموكِ لو لجأوا لأي إضاضِ
.
قد سودوا الصفحات بالدم زاكياً
لما أُريق فمن لها ببياضِ
.
إني برئت من الألى قد زيًّنوا
سفكَ الدماء بملبسٍ فضفاضِ
.
إني برئتُ من الحضارة ما مضت
تمشي اعوجاجا خلف كل خَضاضِ
.
إني برئت من الحضارة لو بدت
في العصر حُلَّتُها كزهر رياضِ
جفني أجب ظني بنصركَ خائني
لو كان منك الدمعُ ملءَ حياضِ
.
جفني أجب فكتابتي لقصيدتي
بالدمع قبل كتابةٍ بخَضاضِ
.
جفني أجب كي نغسل التاريخَ من
أدران ما صنعت يد الأوفاضِ
شعري أجب فلأنت لي في مرفإ
الأحزان تسليتي وسيفي الماضي (م)
.
شعري أجب فلأنت لي في غابة
التقتيل مِدرعتي ورمحي القاضي
.
شعري أجب فلأنت لي في مسرح
الأحداث حِسُّ يراعتي الجِرياضِ
.
ولقد بكيتُ بكَ العراق وأنتَ في
جرح الشعور تسيل من أبعاضي
.
قلمي لُبابٌ إن تباكى أو بكى
ويُعابُ في الأقلام غير مُضاضِ
قلمي بكيتَ فهل وفيتَ وهل غِنًى
بكَ لي وهل تُطفي لظى الإمعاضِ
.
بنتَ العراق بكيتُ جرحكِ دامياً
فبعثتُ فجرا في دُجًى وغِضاضِ
.
وحملتُ رايةَ خالدٍ بكتيبةٍ
خرساء ذاتِ نوافذٍ وقواضِ