أيها الفلسطينيون أسمعوا العالم خبطات بساطيركم لا همس الناحبين

بقلم: عدنان الصباح

إننا نغضب كثيرا لأن العالم لا يرانا ولا يرى ولا يسمع قضيتنا ولا يهتم بها إلا بالأقوال بين الحين والآخر لكن أيا من قوى الأرض لم تكترث فعلا لما يلحق بنا وببلادنا وقضيتنا فقد توحد العالم بقطبيه ضد هتلر في الحرب الاستعمارية الأولى وتوحد الضدين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة ضد العدوان الثلاثي على مصر وانتفض الاتحاد السوفياتي لحماية كوبا في أزمة خليج الخنازير واصطفت المنظومة الاشتراكية برمتها إلى جانب فيتنام في مواجهة أعدائها وانتظم العالم كله معا ضد الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا وتم تجييش الأرض ضد العراق في أزمة احتلال الكويت وها هو العالم اليوم يتحد دفاعا عن اوكرانيا ويقف على قدميه بلا كلل ولا تعب ويتم دعم أوكرانيا بكل السبل ومن جميع الأطراف وحتى من لا يرغب فهو يكتفي بالصمت.

العالم يتحد ضد ما يعتقد أنه ظلم وافتراء واعتداء فهل الأمر فيما يخصنا ليس كذلك في نظر كل جهات الارض حتى وصل الأمر الى العرب انفسهم الذين باتوا يقتربون من اقامة الاحلاف حتى الامنية والعسكرية منها مع اسرائيل فهل المشكلة في العالم كل العالم ام ان المشكلة ذاتية لا اكثر ولا اقل وان العالم لا اعمى ولا اعور كما يحلو لنا نحن ان نسميه بل الحقيقة ان أحدا لا يراك إلا اذا اجبرته انت على فعل ذلك والا اذا جعلت انعكاس الضوء عن اعلان وجودك حادا ولماعا يصل الى حد ايذاء عين الرائي فيندفع للتخلص من ازمته هو لا من ازمتك انت.

يقول العلم بقدر معرفتي عن موضوعة العين ودورها إن العين ترى انعكاس الضوء عن الأجسام ولا ترسل هي بنفسها ذلك الضوء وحين لا تجد انعكاسا لوجود فهي بالتالي لا ترى هذا الموجود الذي لا يضع نفسه بمرمى الضوء لتتم رؤيته رغما عن كل الاعين وهو حالنا نحن باختصار فإعلاننا عن جودنا يبدأ بالحركة في مرمى الضوء وبكل الصخب لا ليرانا الاخرين بل لنجبر الضوء على فعل ذلك رغما عن انف من لا يريد ان يرى لانه لن يستطيع أبدا إغلاق عينيه الى الابد والا لأصبح اعمى لذاته لا اعمى عنا.

ان التوقف التام عن اتهام العالم بالجريمة بات اولى لنا من مواصلة البكاء فلا احد سيراك لأنك انت تريد ولا احد سيراك لأنه هو سيصحو يوما من سباته وقد بت يريد بل ان الحقيقة ان عليك انت ان تضع الضوء في عينيه رغما عنه لتضمن رؤيتك حين تصبح مزعجا له ويصبح من مصلحته ان يتخلص من هذا الانعكاس الحاد لواقع اكثر حدة لا يمكن لاحد تجاهله فالسائق ليلا يجد نفسه مضطرا لمواجهة انعكاس ضوء سيارات الاخرين بتركهم يمرون والابتعاد عن دربهم وهو سيدوس حتما اولئك الين لا تنعكس اضوائهم في عينيه.

ان التجارب العديدة التي مرت بنا منذ اواسط القرن الماضي وحتى اليوم تؤكد مسئوليتنا نحن عن ما يجي لنا فلا احد عبر تلك العقود قدم تنازلات في قضيته دون مقابل الا نحن حتى بات العالم اليوم اننا ذاهبون بأقدامنا الى الهاوية فلماذا سيتهب المشاهدون انفسهم بانقاذ البطل على شاشة السينما وهم يعلمون حتما نتيجة ما يحدث.

إن علينا نحن أن نعاود من جديد نفض الغبار عن اكتافنا واستعادة مكانتنا وصياغة رؤية حقيقية واضحة ومحددة لا تحتمل التراجع ولا التنازل ولا المساومة حقيقة قائمة على ان بلادنا لنا وان الحق سيبقى وان وسيلتنا الى ذلك لا يخرج من بين اكفنا وان التنازل ينبغي له ان يأتي من اللص لا من صاحب البيت فأوكرانيا اتفقنا معها ام اختلفنا فهي تقاتل بأيدي أبنائها ولم يذهب جندي غربي واحد ليقاتل نيابة عنهم ولم نر العويل والبكاء والاستغاثات تنطلق من كل حدب وصوب وسواء اتفقنا معهم ام اختلفنا فلا بد لنا ان نعترف ان هناك درسا أوكرانيا قاسيا لا أحد يحتاجه مثلنا لنقول لأنفسنا كفى انتظارا لعالم لا يراك لأنك لا تعلن عن حضورك بالفعل لا بالقول.

إذا لم نوحد ذواتنا بذات واحدة وأداوتنا برؤية واحدة واهدافنا بهدف واحد وإذا لم ننزل عن أسوار الانتظار إلى منتصف الشارع وتسمع الأرض خبطات بساطيرنا لا همس الناحبين وضجيج الناعقين فإن أحدا لن يأتي الينا بسقف خيمتنا قبل أن نأتي نحن بالسواعد التي ستدق بالأرض أوتادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى