شيوخ الضلال!

صبري الموجي

مقيتٌ هو تسييس الدين، وليُّ أعناق النصوص لخدمة فكرة أو تأييد رأي أو دحض مُخالف ربما كان الحقُ معه، لكنه عجز عن إثباته ونُصرته لعدم امتلاك أدوات التصحيح والترجيح، وهو شأن كثيرٍ من العوام ممن جعلهم الجهلُ لقمة سائغة في أفواه شيوخ لبسوا ثوب الزهد ليأكلوا الدنيا بالدين.

ولا يعني كلامي أنه حملةٌ علي رجال الدين، والحريصين علي الالتزام، بل هو صيحةُ تحذير ضد (التابوهات) من البشر الذين عدَّهم الناسُ أصحاب رسالة، وأهل فضيلة فانبروا يُحلون في الدين ويحرمون بلا ضابط ولا رابط، كما لو كانوا يُلقون وحيا من لدن عليم خبير.

إن إجلال الشيخ وتعظيمه من الدين، ولن ينال المرءُ علما إلا بصبر وجلد ومُزاحمة الشيوخ الحقيقيين بالرُكب والأخذ من علمهم وفضلهم، أما الالتفات حول دعاة  مزيفين جعلوا رسالتهم الأساسية وشغلهم الشاغل الجرح والشتم، فلم يسلم من نقدهم عالم، ولم ينجُ من تجريحهم شيخ؛ بغية السيادة رافعين شعار: أنا وإن كنت الأخير زمانه… لآت بما لم تأت به الأوائل،  فهذا هو الجهلُ بعينه، وتلك هي العصبية المقيتة للشيوخ؛ لأنه – كما قال مالكٌ – كلٌ يُؤخذ من قوله ويُرد إلا صاحب هذا القبر يعني المصطفي صلي الله عليه وسلم.

والمعني أن الحق المطلق لا يُمكن أن يكون لامرئ مهما كان علمه وفضله؛ لأن النصوص حمالةُ أوجه، والأفهام متفاوتةٌ، فقد يهديك عقلُك إلي فهم مع أن الشرع يقصدُ شيئا آخر !

فالزم عزيزي طالبَ العلم من الشيوخ من تجد فيه إخلاصا وحلما، وتجنبَ الشاذ، وسقطات العلماء من أجل شهرة زائفة، حصلها غيرُه من الأدعياء من مُخالفة السواد الأعظم من أهل العلم والفهم، ممن سلكوا هذا الطريق وقدموا للأمة عصارة فكرهم، وتعبَ أيام وليال بحثا ومُطالعة، وإلي جانب ذلك لابد أن تكون أخي طالب العلم ذا عقل راجح يُقارن بين الأقوال، ويميز بين الغث والسمين، فيرد الواهي والضعيف، ويعض علي الصحيح بنواجذه؛ لأن في ذلك نجاتك وفوزك برضا ربك، وجنته التي عرضها كعرض السموات والأرض.

والحذرَ الحذرَ من أصحابِ الآراء الشاذة ممن يُحرمون حلالا ويُحلون حراما اعتمادا علي أدلة واهية أحيانا ومغلوطة في أغلب الأحيان والذين ينتشرون علي الفضائيات كالنحل فنسمع لهم طنينا، بل قُل كالنمل فنسمع لهم دبيبا؛ لأنهم الخطر بعينه والشر المستطير الذي يجب أن تتصدي له الدولة؛ حفاظا علي الناشئة من تسميم أفكارهم، أو تضييع دينهم، والذي بضياعه يصير المرء مسخا كريها، بلا نصوص شرع تحميه، أو قواعد تُنير طريقه؛ ليتفادي فخاخ الشطط والضلال .

إن الوسطية هي شعار الإسلام وتعني أن يسير المرء حذرا خشية أن تنزلق رجله في تفريط يمينا أو إفراط يسارا، ومتي حرص المرء علي ذلك المنهج القويم، وجعله نُصب عينه وصل بلا شك إلي بر الأمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى