الراهبة

عمرو البطا | شاعر مصري
دِمَاءٌ
عَلَى ثَوبِهَا
لَمْ تَبِنْ فِي السَّوَادِ، ولَكِنَّهَا
أُشْرِبَتْ فِي الجَبِينِ،
وفي بُحَّةِ الصَّوتِ،
في رَعشَةِ النَّظرَةِ التَّائِهَهْ

دِمَاءٌ عَلَى ثَوبِهَا
تَتَحَرَّشُ بِالمُستَحِيلِ،
وتَفتَحُ بَوَّابَةً تَحتَ سُرَّتِهَا
لِلجَحِيمِ،
وتَفضَحُ جَنَّتَهَا الشائِهَهْ

عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
فِخَاخٌ:
نُجُومِ المَسَاءِ،
الجِرَاءِ،
عُوَاءِ الأرَاغِنِ،
أَيْقُونَةٍ في الجِدَارِ،
المَسَامِّ عَلَى جِلدِهَا.
كُلُّ شَيْءٍ هُنَا
شِظْيَةٌ مِن جَهَنَّمَ
مَخبُوءَةٌ أَسْفَلَ الوَاجِهَهْ

لِذَا
خَلعَتْ قِشرَةَ الأرضِ
حَتَّى تَكُونَ أخفَّ، فَتَطفُوَ فَوقَ الجَحِيمِ،
ولَمْ تَدْرِ أَنَّ الجَحِيمَ استَدَارَ
لِيَسقُطَ فِي جَوفِهَا!

فِي التَّرَاتِيلِ
مُتَّسَعٌ
لِتَتَبُّعِ أفكَارِهَا التَّافِهَهْ:
كِتَابُ الصَّلاةِ تَهَرَّأَ مِن كَثرَةِ الصَّلَوَاتِ،
وتِلكَ الذُّبَابَةُ وَاقِفَةٌ فَوقَ أُخرَى
إلَهَيْنِ مُكتَمِلَيْنِ عَلَى الأرضِ،
فِي طَرفِ هَذَا الجِدَارِ
طِلاءٌ
تَسَاقَطَ عَن شَكلِ وَجهٍ:
هُوَ امرَأَةٌ
جَعدَةُ الشَّعرِ،
مُشْرَعَةُ الشَّفَّتَيْنِ،
مُكحَّلَةُ المُقْلَتَيْنِ..
ولا أَنفَ!
هَلْ يَستَطِيعُ امرُؤٌ أنْ يَعِيشَ
ولا أَنفَ؟

بَعدَ الصَّلاةِ
تَعُودُ إِلَى الأرضِ
مِن بَاطِنِ الأرضِ، لَا المَلَكُوتِ!

أَفِي وُسْعِ ذَا “اللَّاَنِهَائِيِّ” مَلْءُ “النِّهَائِيِّ”؟
هَلْ هُوَ إلَّاهُ، ثُمَّ نَفَيْنَاهُ؟
هَلْ تَستَطِيعُ يَدَاهُ
احتِمَالَ سُخُونَةِ خُبزِ الصَّبَاحِ؟
أَلَنْ تَعشُوَ المُقْلَتَانِ الإلَهِيَّتَانِ إِذَا رَأَتَا
حَلْمَةً فَارِهَهْ؟

عَلَى وَجهِهَا: عَدَمٌ،
ولَهَا فِي الخَيَالِ
مَسِيحٌ جَديدٌ
لَهَا وَحدَهَا لَا شَرِيكَ لَهَا:
جِلْدُهُ حَطَبٌ يَتَلَظَّى،
وفي شَعرِهِ تَتَلَوَّى الثَّعَابِينُ،
يَلتَهِمُ اللَّحمَ نِيْئًا،
ويَلتَهِمُ العَابِرَاتِ بِعَيْنَيْهِ،
لَيسَ يُحِبُّ المَوَاعِظَ،
يَشتُمُ بِالأُمِّ،
فِي كَفِّهِ سَمْهَرِيٌّ
عَلَى نَصلِهِ تَلمَعُ الشَّمسُ والجُلَّنَارُ.
مَسِيحٌ تَعَمَّدَ بالوَحلِ،
مَا قَارَبَ الآخَرَ النَّاصِرِيَّ،
ولا شَابَهَهْ

تَمَرُّ النَّهَارَاتُ.. مَرَّ الحَيَاةِ،
وكُلَّ مَسَاءْ
تَتَسَلَّلُ تَحتَ الظَّلَامِ إلى
جَنَّةٍ مِن لَهِيبٍ
مُدَثَّرَةٍ فِي الغِطَاءْ:
تَتَسَلَّقُ رَبوَتَهَا،
تَفرُكُ العُشبَ،
تَغرَقُ فِي الوَحلِ،
تَغرِسُ نَصلَ أَظَافِرِهَا في الجُذُوعِ،
وتَلعَقُ أشجَارَ لَحمٍ وَدَمٍّ،
وتَنزِفُ بِالجُرحِ
والفَاكِهَهْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى