العراقي نجم والي.. لا أهلاً بقدومك ولتعتذرعمّا فعلت

 

الشاعر مراد السوداني| الأمين العام للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين

“في سياق استقطاب الأقلام العالمية لفبركة رؤيا تخص الاحتلال وتبرّر له جرائمه واحتلاله .. دعت بلدية القدس الاحتلالية، مؤخراً، الكاتب الياباني هاروكي موراكامي لنيل جائزة “حرية الفرد في المجتمع” وهو الخداع والمخاتلة التي يحملها ظاهر الجائزة لتبيان أن هذا الاحتلال من الحرية والديمقراطية بحيث يمنح جائزة الحرية .. وكأنّه أتى لفلسطين في زيارة سياحية لتقديم نصائح الحضارة للهندي الفلسطيني الأحمر .. وكأن فلسطين تخلو من الموت والقتل والحواجز التي تزيد على خمسمائة حاجز يشظي الوعي والمكان. في حينه رفضنا هذه الزيارة وأدنّاها باعتبارها انحياز للجلاد الذي لم ينظف سكينه من دماء غزة الشهيدة والشاهدة.

ويأتي هاروكي للقدس ويلقي خطاباً تكفهر له وجوه قادة الاحتلال وتحديداً شمعون بيرس. “ولكن في منتصف خطابي تصلّب وجهه، وعلى خلاف الآخرين فهو لم يقف بعد انتهائي”. هكذا كان موقف وشاشة وجه بيرس ، ويتابع هاروكي: “وعندما نشر خبر حصولي على الجائزة في الصحافة الإسرائيلية كان بالتوازي يتم الإعلان عن أن 1300 فلسطيني قتلوا في الهجوم”.

ويضيف: “إسرائيل تنفذ سياسة تحدّد إقامة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهي سياسة تسلب حق اللاجئين في العودة لأرضهم”.

وينتقد هاروكي الاحتلال ويشبه وجوده بالجدار الحصين الذي تتكسّر عليه بيضة، هي في تشبيهه، الفلسطينيين العزّل الذين قتلوا في الهجوم الأخير على غزة. وقال إن واجبه كأديب يفرض عليه التعاطف مع البيضة الهشّة أيّاً كان موقفها.

سقنا الكلام أعلاه لتبيان العديد من الملاحظات:

– حرص الاحتلال على تدعيم الثقافة وفبركة روايته عن فلسطين مكاناً وإنساناً بما يجعل العدو حرّاً وحضارياً .. كيف لا وهو يمنح جائزة القدس منذ ما يزيد على 46 عاماً. وقد نالها ما يزيد على عشرة ممن نالوا جائزة نوبل، وكأنّ إسرائيل ممر إجباري نحو نوبل !!

– استغلال مقولة هؤلاء الكتّاب في تجميل وجه إسرائيل في العالم.

– التأكيد على أن القدس هي ملك للاحتلال. وليّ عنق التاريخ عن طريق الخداع. وكأنّه لا علاقة للفلسطينيين بالقدس .. وهذا يؤكد أنها ما زالت ترزح تحت أنياب الاحتلال . وما التدمير والتهجير والتغريب وإغلاق المؤسسات إلا تأكيد على إصرار العدو على فرض سياقاته على القدس وأهلها.

– موقف هاروكي فضح الرواية الاحتلالية وكشف زيف الادعاءات .. وهذا ما نقدّره بدورنا.

في المقابل زار الكاتب العراقي نجم والي إسرائيل وحكى قصة الزيارة في كتابه المترجم إلى العبرية مؤخراً تحت عنوان: “رحلة إلى قلب العدو”.

وشتّان بين الزيارتين فوالي الذي بدا مبهوراً بإسرائيل وأشاد بمثاليتها وهوسه بما رأى .. وهو ما أثار حفيظة رئيس حزب ميرتس، يوسي سريد . الذي سخر مما قاله والي معتبراً آراءه “دليلاً سياحياً”.

ألهذا القدر وصلت الحالة بوالي الذي هاجم المثقفين الفلسطينيين والعرب وهاجم إدوارد سعيد .. معتبراً أن “المثقفين والأدباء والشعراء العرب يسكنون ساحات الحكام / الطغاة ويضطرون لتنفيذ ما يأمر به صوت سادتهم”.

في مقدمته يقول والي: ” سوف أترك موضوع احتلال الضفة الغربية وغزة لشركاء السلام، المثقفين الإسرائيليين”.

أما هاروكي فيقول: “في ناصية القدس، بدون أن أفهم السبب، أخرج جندي إسرائيلي شاب، عائلة كاملة من سيارتها وضرب الأب أمام أطفاله. مرّ بي الألم على طول عمودي الفقري عندما رأيت هذا”.

ببساطة شديدة ندرك حجم الدونية والصغار والنكوص والاستلاب في خطاب والي .. الذي وقع فريسة أموال الاحتلال ودعايته .. فكان مثالاً للسقوط والوضاعة في أعمق أشكالها . وكأنّه نسي وتناسى احتلال العراق والآلاف الذين نخلّهم الاحتلال الأمريكي والصهيوني في العراق .. فبمثل والي يتوالد العلاقمة الجدد، “وقديماً قيل مأرب بالجرذ لقد سقطت” .. فهذا الفأر الثقافي الذي تسلل إلى إسرائيل ساقطاً بين ذراعي الاحتلال وموائده يمثّل عيّنة من الكوبنهاجنيين والمطبّعين الذي يتفشون في جسد الثقافة العربية .. فبمثل والي سقطت العراق وأوغل فيها الوحش الأمريكي بمؤازة إسرائيل وأشياعها كل مخلب أسود وناقعٍ مميت .

إننا في فلسطين نرفع الصوت حتى السماء السابعة في رفض الدور الذيلي الذي يقوم به والي وأشباهه في زيارة العدو وغسل الدم عن يديه ووجهه.

مؤكدين على الدور الثقافي المصري الذي رفض ويرفض التطبيع مع هذا العدو .. على الرغم من اتفاقية كامب ديفيد وحتى اللحظة.. مؤكدين أننا نخوض مع العدو في فلسطين حرب غوار ثقافية .. اللهم فاشهد.

فلا أهلاً بقدوم والي .. ولتعتذر عمّا فعلت ..”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى