حول كتاب: (تحقيق التراث العربي عند عبد السلام محمد هارون)

 

أ. د. علي يونس | أستاذ بجامعة بورسعيد

 تأليف أ. د. ندا الحسيني ندا – دار العالم العربي – القاهرة 2015م

ملخص

يتناول المقال ما وجده كاتبه في هذا الكتاب من مثالب؛ منها عدم التطابق بين العنوان والمضمون، والإسهاب المرذول، والتكرار، والعجز عن الإبانة، والأخطاء العلمية والمنطقية واللغوية بكل صنوفها، وهزال النتائج؛ ويختم المقال بالدعوة إلى الدراسة الجادة لأحوال الجامعات المتدهورة في مصر وغيرها من البلاد العربية للعمل على معالجتها.

عندما نقرأ عنوان الكتاب واسم المؤلف نتوقع عملا علميا قيما رفيع المستوى؛ فقد اعتدنا أن نجد المحققين من أوسع الناس علما وأشدّهم دقة، ومن يتصدى لدرسهم ونقدهم نتوقع أن يكون كذلك واسع العلم شديد الدقة؛ ثم إن المؤلف أستاذ بإحدى الجامعات المصرية، بل إنه أيضا أمين لجنة الترقية لدرجة (أستاذ مساعد) في تخصص اللغة العربية وآدابها، فهو ليس مؤلفا كسائر المؤلفين، إنه من صفوة العلماء، أو هكذا يُتوقع أن يكون؛ لكن الكتاب -مع الأسف- يخلف ظننا إخلافا مريعا، وفيما يأتي بعض ما يدل على ذلك:

 

– من نافلة القول أن عنوان الكتاب يجب أن يكون مطابقا لمحتواه، لكن الكتاب الذي نتحدث عنه تبلغ صفحاته أكثر من 400 صفحة منها قسم ضخم ليس في صلب الموضوع الذي يشير إليه العنوان؛ فهو يتضمن بابا عن الدرس النحوي عند عبد السلام هارون، تزيد صفحاته على 50 صفحة، وبابا عن المحققين الذين سبقوا الأستاذ هارون والذين عاصروه، استغرق أكثر من 70 صفحة، وفيه أكثر من 20 صفحة عن حياة هارون؛ مولده ونشأته وأسرته ومسيرته المهنية وأساتذته وتلاميذه، وكان الأولى به أن يشير إلى هذه الأمور بإيجاز في صفحتين أو ثلاث. حتى الباب الذي يحمل عنوان (عبد السلام هارون والتحقيق) به 15 صفحة عن نشأته وأسرته وأساتذته ومسيرته المهنية وما شابه ذلك.

وفي الباب الذي أعطاه عنوان (قضايا التحقيق عند هارون بين النظرية والتطبيق) أكثر من 30 صفحة عن التصحيف والتحريف، أكثرها كلام عام لا يخص الأستاذ هارون منه إلا القليل.

ومما لا يدخل في صلب الموضوع حديثه المسهب عن تصويب نحوي سعى إليه هارون لخطأ يقع فيه بعض المؤذنين؛ وفي ذلك يقول المؤلف:”ومن قبيل هذا مكتوب العلامة (عبد السلام محمد هارون) إلى وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية يبين له خطأ بعض المؤذنين في الدعوة إلى الصلاة بعبارة (حيِّ على الصلاة حيِّ على الصلاة حيِّ على الفلاح حيِّ على الفلاح) حيث ينطقونها بكسر الياء مشددة كسرا ظاهرا أو خفيا، وأن ذلك يعد مخالفة شنيعة ولحنا غير مقبول يقرع الأذن في هدأة الفجر، ويغير المعنى المقصود من معنى الكلمة التي يراد بها الدعوة الفصيحة إلى أداء الشعيرة الدينية والإسراع إلى أدائها.وبين وجه الصواب في التلفظ بها، أن تكون بفتح الياء مشددة (حيَّ) إظهارا صريحا واضحا جليا على ما كان عليه سلفنا الصالح من الحرص على أداء اللغة العربية لغة الكتاب العزيز.والحق أن ما يذهب إليه الأستاذ هارون في ندائه هو الوجه الذي نصت عليه معاجم العربية ومصادر النحو؛ ذلك أن نطق حي بتشديد الياء مكسورة صراحة أو خفاء يوجه معناها إلى فعل الأمر، وهذا غير المراد، بينما الصواب أنها اسم فعل أمر تخضع للبناء على الفتح مثلها مثل كلمة (هلم) التي تكون-أبدا- مبنية على الفتح ولا يجوز فيها غيره.فهذا (ابن منظور) ينقل أقوال العلماء وعللهم في توجيه معنى اللفظ، ومنها ما ورد عن الجوهري: (قولهم: حي على الصلاة معناه هلم وأقبل، وفتحت الياء لسكونها وسكون ما قبلها كما قيل ليت، ولعل العرب تقول: حي على الثريد وهو اسم لفعل أمر).وقد أفاض سيبويه الحديث عنها في أكثر من موضع وحدد قواعد هذا النوع من أسماء الأفعال بنية وإعرابا ومعنى، فقال في: (باب من الفعل سمي الفعل فيه بأسماء لم تؤخذ من أمثلة الفعل الحادث… ومنها قول العرب حيهل الثريد، وزعم أبو الخطاب أن بعض العرب يقول: حيهل الصلاة, فهذا اسم ائت الصلاة، أي ائتوا الثريد وائتوا الصلاة.واعلم أن هذه الحروف التي هي أسماء للفعل لا تظهر فيها علامة المضمر وذلك أنها أسماء، وليست على الأمثلة التي أخذت من الفعل الحادث فيما مضى وفيما يستقبل وفي يومك ولكن المأمور والمنهى مضمران في النية.وفي معناها ومدلولها يقول ابن الأثير فيما نقله ابن منظور المصري: (وفي حديث الأذان: حي على الصلاة حي على الفلاح أي هلموا إليها وأقبلوا وتعالوا مسرعين)”. ص352 وما بعدها.

وغني عن البيان أن ما سبق لا علاقة له بمنهج هارون في تحقيق التراث، أما ما ارتكبه المؤلف من أخطاء وسوء تعبير وإسهاب قبيح في السطور السابقة فهو واضح للعيان.

– يبدو واضحا حرص المؤلف على تضخيم حجم الكتاب وزيادة عدد صفحاته، بالإفاضة في الحديث عن أمور ليست في صلب الموضوع كما تقدم، وكذلك باللجوء إلى الإسهاب والحشو والتكرار؛ فهو على سبيل المثال يكتب في تعريف (التراث) وأهمية دراسته 17 صفحة، وفي تعريف (التحقيق) أكثر من 11 صفحة.

والكتاب غاصّبالتكرار؛ ومن أمثلته قوله إن الأستاذ هارون قد راجع وضبط كتابا من كتب التراث وهو في السادسة عشرة، وقد مطَّ المؤلف هذه المقولة ونفخ فيها حتى جعلها أكثر من 13 سطرا (ص147)، وعاد وكرر هذا القصة بألفاظ أخرى استغرقت 14 سطرا (ص181-182) ، ثم عاد وكررها في أكثر من 3 أسطر (ص305)، ثم عاد وكررها في 5 أسطر (ص367).

أما الإسهاب المرذول فلا تخلو منه صفحة من صفحات الكتاب، و للتمثيل على ذلك أكتفي هنا بقوله عن التراث العربي: “تراث أمتنا العربية، الأمة التي شرفها الحق، جل شأنه، بنعمة الإسلام، وزانها بالقرآن الكريم، وأكرمها بالفصاحة والبيان، تراث فياض، يكون ركاما معرفيا متنوعا يختلف حصاده باختلاف الأزمنة والبيئات التي حبته بالرعاية والنماء، نجده في: اللغة والأدب، وفي الدين والتشريع، وفي السياسة وأصول الحكم، وفي العلوم الطبيعية وغير ذلك من العلوم والمعارف ” (ص 181)، وهو كما نرى كلام خطابي يحمل معاني لا تحتاج إلى كلام كثير ولا قليل، فهي مطروحة في الطريق، يعرفها الكبار والصغار والخاصة والعامة، ولا ننسى هنا أن نتساءل عن الفصاحة والبيان؛ هل انفرد بهما العرب؟ أليس لكل أمة لسان وفصاحة وبيان؟

– وأسوأ من ذلك كله ما ينوء به الكتاب من العي والعجز عن الإبانة، والأمثلة لا حصر لها، فلا نكاد نجد صفحة تخلو منها؛ وإليك بعض الأمثلة، وهي قليل من كثير:

–  يتحدث المؤلف عن أسباباختيار هذا الموضوع للدراسة فيذكر منها : ” اقتران مصادر العربية الرائدة في شتى مباحثها باسم عبد السلام هارون… هذا الاقتران اهتدى برغبتي إلى التعرف على سمات الفن الذي وهب هارون حياته لخدمته، والنص على ما تفرد به بين معاصريه… “. ص12.

موضع الشاهد: “اهتدى برغبتي”.

–  يقول المؤلف عن بحثه : “فإن أصاب فلله الحمد في الأولى والآخرة، وإن أصيب بما تصاب به المحاولة الأولى للعمل العلمي من تسرع في الرأي أو شرود في الفكرة أو سهو في القلم أو تحفظ لإصدار حكم، فإني أدعو الله… أن يكون توجيه أساتذتي… هو الكفيل بإصلاح فساده… ” ص16-17.

موضع الشاهد: ” تحفظ لإصدار حكم”.

– ” وما زلناحتى الآن نستلهم في دراستنا إلى دائرة المعارف الإسلامية وإلى المصادر الأجنبية، بالرغم من قيمتها العلمية والجهود المبذولة فيها؛ لعدم وجود نظير لها…”. ص40.

– ” كان أحمد باشا تيمور دقيقا ومتأنيا في تعامله مع المادة العلمية، وأمينا في نقلها، حيث لا تنتهي عنده الفكرة، الأمر الذي يرجح استمرار معظم أعماله العلميةمخطوطة… ” ص109.

موضع الشاهد:”يرجح”.

– ” وتبارى كل منهم في استحداث فهارس خاصة به، مع إضفاء روح الإبداعية على ماهو قاسم مشترك و سابقيهم”. ص109.

– “ومما ينبغي تسجيله، هنا، أن الأستاذ (عبد السلام) كان فريسة العمل العلمي…”. ص136.

كلمة (فريسة) هنا غير ملائمة.

–  ” الحق أن سيرة الأستاذ هارون الذاتية التي ألقيت الضوء على بعض جوانبها، فيها ما يكشف عن تكوينه العلمي البعيد، فهو تكوين لم يدفع إليه دفعا دون رغبة منه، بل تكوين نشأ معه، حيث ينبع من بيت كل أهله علماء”. ص145.

–  “إن عمل الأستاذ هارون في مثل هذه السن على ما أرجح يلقي ضوءا أكبر على سيرته العلمية والتأريخ لها، وشيخوخته العلمية المبكرة”. ص147.

– يقول المؤلف عن كتاب الأستاذ هارون (قواعد الإملاء): “والكتاب على إيجازه؛حيث يقع في سبعين صفحة من القطع الصغير- يعرف الكاتب بما يلزمه من قواعد الرسم الإملائي المختارة… “. ص158-159.

في هذه الأسطر شاهدان : حيث – المختارة.

–  يقول المؤلف في حديث عما احتواه أحد كتب هارون: “يسجل نظرات لبعض الأدباء والأصدقاء إلى تراثه العلمي بشيء من التقدير، وهي نظرات، على نحو ما تؤكد، تمسها بعض المبالغة” ص165.

في الكلام غموض؛ فقد يقصد أنه يسجل بشيء من التقدير هذه الآراء، وقد يقصد: أن في بعضها شيئا من التقدير، وفي بعضها الآخر مبالغة، فهذا الغموض يحول دون فهم المراد. وعبارة  (على نحو ما تؤكد…) فيها أيضا غموض.

–  “وفيما يلي حصرا لمكتبة الأستاذ (هارون) التحقيقية التي تحمل على صدور تراثها اسم (هارون)…” ص167.

–  يكتب عن براعة أسلوبه، وعن مؤلفاته فتضفي عليه جاحظية عصرنا على نحو ما أسبغ عليها من جهد تحقيقي فياض وآخر تأليفي… “. ص175.

– “وتخرج مطبعة الشرق بالقاهرة عام1925م أول كتاب يحمل اسمه، الأمر الذي يرجح عندي التأريخ لمنهج سيرته العلمية بعد ذلك “. ص181.

– ” ورأيا أن التحقيق حينما يتحقق معناه بتأسيس متن الكتاب، يكون التحقيق قد بلغ أوج مرحلته…”. ص184.

– “ومن ثم حاول الأستاذ هارون جاهدا تلمس التسمية الصحيحة للكتاب، متتبعا طرقا متنوعة، منها:1-تجواله في أجواء الكتاب نفسه، فإذا به يعثر على مواضع تختلف في تسميته، فهو: (العرجان والبرصان والعميان والصمان والحولان) أو (البرصان) فقط، أو(العرجان) فقط، فيتحدث عنها حديثا مسهبا، ويتضاءل الحديث عن الحولان والعميان بجدية خافتة وقصد غير مباشر”. ص206.

– يتحدث المؤلف عن نسبة كتاب (العين) للخليل فيقول: “… أورد الإمام (جلال الدين السيوطي) نصوص العلماء وأقوالهم في القدح في نسبة هذا الكتاب إليه، وهي روايات يؤكد بعضها محاولة بعض العلماء الأفاضل في الخروج عن أمانة التأليفبوضع اسم عالم على الكتاب بدلا من صاحبه، ليتوازى الفضل لكليهما، أو لمحاولة إغاظة نفسية تعمدا لموقف غير منشود “. ص208.

– “… غير أني ألاحظ هنا أن أستاذنا (هارون) قد جارى قلمه وفكره في مواضع مما حققه…”. ص268.

هل جارى الأستاذ قلمه وفكره في بعض المواضع وخالفهما في سائر المواضع؟

– ويتحدث عما كان يقوم به هارون من إكمال ما نقص فيما حققه فيقول: “… فلما كان افتقار الكلام إليها، وتمامه بها وتأدية معناه لا يتضح إلا بإثباتها، نص عليها الأستاذ هارون ووضعها بين علامة الطباعة الحديثة”. ص268.

– “والحق أن طريقة (الدؤلي) هذه، إن كانت ميسورة على بعض الكتاب وهم قليلون، الذين تمرسوا عليها وأجروا مسطورهم وفقها، غير أنها على الراجح، لم تبد طيعة لمعظمهم ؛إذ ألجأتهم إلى استعمال لونين مغايرين من المداد ،أحدهما يميز النقط الخاصة بإعجام الحروف ،والآخر ترسم به حركات الكلمة الإعرابية،بالإضافة إلى أنها أوجدت، عند بعضهم، نوعا من التعصب في إباحة استحسان نوع معين من المداد، وقبح لون آخر “. ص272.

– “وفي ظني أن (الخليل بن أحمد)، قد جانبه التوفيق فيما قدم؛ لأن محاولة ضبط حروف العربية بحركات من جنسها يحافظ عليها كاملة…”. ص273.

واضح أن بالكلام التباسا وغموضا في أكثر من موضع.

– ويتكلم عن الزيادات التي توجد في النص المراد تحقيقه فيقول إن الأستاذ هارون “تعامل معها تعاملا يكشف عن تنوع ثقافته العربية وسيطرته عليها؛إذ بها يلتئم الكلام ويقتضيها السياق ويتجه البيت الشعري”. ص304.

– ” تتكشف شخصية الأستاذ (هارون) العلمية العامة من خلال اتصاله بمصادر التراث العربي المتنوع، والتحقيقية خاصة…”. ص367.

موضع الشاهد: (والتحقيقية).

– عاد المؤلف إلى قصة قيام الأستاذ هارون بضبط كتاب تراثي وتصحيحه في سن مبكرة، ثم قال”… مما يُرجع التأريخ لمنهج سيرته العلمية بعدُ، حيث وجدناه يعزف عن العمل الجامعي أكثر من مرة أول أمره، أو تبوئه منصبا إداريا…”. ص367.

مواضع الشواهد متعددة لا تحتاج إلى بيان.

كل ماذكر من أمثلة العيّ والعجز عن الإبانة هو قليل من كثير، فأمثلته أكثر من أن تحصى.

–  وفي الكتاب -بعد كل تلك المثالب- ماهو أفظع؛إذ ينوء بأثقال جسيمة من الأخطاء العلمية والمنطقيةواللغوية بكل صنوفها؛ فمنها النحوي والصرفي والدلالي والإملائي والترقيمي، وكثير منها يؤدي إلى إفساد المعني أو خفائه، وكثير منها يؤدي إلى كسر الوزن في كثير من الشواهد الشعرية؛ وما ذكرته آنفا زاخر بالأخطاء اللغوية كما رأينا، وهذه أمثلة أخرى:

– “ألا قبّح الإله بني زيادٍوحيّأبيهم قَبْح الحمارِ”. ص76.

تضعيف الفعل (قبح) في صدر البيت يكسر الوزن.

– ” ونجى إياسا سابح علالة”. ص91.

الصحيح: (ونجى إياسا سابح ذو علالة) محافظة على المعنى والوزن.

– ” يا عامِ لو قدرت عليك رماضا والراقصاتُ إلى منى فالغبغبِ!”. ص95.

تصحيح الصدر: (يا عام لو قدرت عليك رماحنا)، و(الراقصاتِ) بالكسر لا بالضم.

– “ألم تر جَرْمَّا أنجدت وأبوكم مع الشَعر في قفص الملبد شارعُ”. ص96.

(جرما) دون تضعيف، و(قفص) صحتها (قصّ).

– “واعتنوا بعلامات الترقيم؛ إيمانا منهم بفائدتها في: توضيح النصوص، وتيسير قراءتها وضبط دلالاتها “. ص113.

يتحدث عن جدوى علامات الترقيم ويسيء استخدامها!

– “يأخذ على الباقلاني بعض الهِنَّات فيما ذهب إليه” .ص 121.

الصحيح (الهَنَات) بفتح الهاء، والنون غير مضعفة.

– ” إذا كان الأستاذ هارون لم يكشف لنا عن سيرته العلمية في الست سنوات الأولى قبل عام 1915….”. ص134.

سيرته العلمية وهو يدرس في رياض الأطفال؟! (ولد الأستاذ هارون سنة 1909م كما ذكر المؤلف ص133)

– “…شواهد النحو والصرف والبلاغة التي أضنته كثيرا من الجهد…” ص159. الصحيح: (كبدته كثيرا من الجهد) أو ما شابه ذلك.

– “… والثالث يختص بنقض الأدباء والعلماء لتحقيقات هارون… من مثل ما وجه إليه المستشرق (أنستاس الكرملي)..” ص165.

الصحيح (نقد)لا (نقض)، و(أنستاس الكرملي) ليس مستشرقا، إنما هو عربي عاش في العراق، ولقبه نسبة إلى الكرمل، وهو جبل في فلسطين المحتلة.

–  “ثم كان عرضُ دراستها على أستاذنا (هارون) حيث يشغل رئيسا لقسم النحو والصرف والعروض…”. ص176.

الخطأ واضح.

–  “ويقترح لجنة الحكم من الأستاذين الكريمين: الأستاذ علي الجندي، والأستاذ الدكتور تمام حسان واللذين عقدا امتحانا تحريريا لها…”. ص176.

الواو قبل (اللذين) لا داعي لها.

– “وهي الآن سعيدة تذكر، دائما موقف هذا الأب…”. ص177.

الفصلة التي تلي الفعل لا داعي لها.

– ويقول عن كتاب العين:”وأما القول في نسبته، فلعل جهود القدماء في ذلك تدل على أمانتهم في نقل النصوص وعزوها إلى أصحابها، وأن حسم القضية يعتريها الشك”. ص209.

الصحيح (يعتريه).

– ” فأَهَمَّ الأستاذ هارون بتصحيح العبارة”. ص216.

حرف الجر لا داعي له.

– “أكلتم أرضنا فجرَّدتموهافهل من قائم أو من حصيدِ”. ص239.

ينبغي حذف التضعيف ليستقيم الوزن.

– “يقاسي نداماهم وتلقى أنوفهم من الجِذْع عند الكأس أمرا مذكرا”. ص246.

الصواب (الجَدْع) لا (الجِذْع).

– “يحزنني أن أطفتما بي ولو تنالا سوى الكلامِ”. ص246.

الصحيح (ولم) أو (ولن) بدلا من (ولو).

– ” إن الذين اغتزُّوا بالحر غُرّته كمُغْتزَى الليث في عِرْية الأَشَبِ”. ص246

في البيت عدة أخطاء تفسد المعنى والوزن في الشطرين، والصحيح: ” إنّ الذين اغتَزَوْا بالحر غِرته كمُغْتز ىالليث في عرِّيسِهِ الأشِبِ”.

–  “كأن في رِيقِهِ لما ابتسم”. ص249.

(ريقه) تكسر الوزن، والصحيح قد يكون (ريقته)، وقد يكون (ريِّقه).

– هذا الشطر أورده المؤلف في صفحتين، وضبط كلمة ( معول) بطريقتين مختلفتين، في كلتيهما خطأ: “فهل عند رسم دارس من مِعْوَلِ؟” ص251، “وهل عند رسم دارس من مِعْوِلِ” ص343.

الوزن والمعنى مختلان في كلتا الحالين. والصحيح (مُعَوَّل)،والبيت معروف،ولا أدري كيف يجهله أستاذ دكتور باحث في تحقيق التراث العربي.

– “وأبيضُ يَستسقى الغمامَ بوجهه ربيعَ اليتامى عصمةً للأرامل” ص251.

في البيت أكثر من خطأ كما هو واضح.

– “ولو سألت عنا جنوب لخبرت عشيةً سالت عقرباء بها الدم”. ص248.

الصحيح (عشيةَ) دون تنوين وإلا انكسر الوزن.

– (…فكلمة (لا) متممة لتفعيلة البحر، وهي (مفتعلن)،ومصطلحها السبب الخفيف”٥”). ص267.

قوله: “مصطلحها السبب الخفيف” غير دقيق، والرمز الذى كتبه لا يعبر عن السبب الخفيف.

– “كانت قناتي لا تلين لغامزفألانها الإصباح والأمساء”. ص293.

(الإمساء) بالكسر لا بالفتح.

– “ودعوت ربي بالسلامة جاهدا لِيَنْصَحَنَيَ فإذا السلامة داء”. ص293.

(لينصحني) تفسد المعنى والوزن، والصحيح (لِيُصِحَّنِي).

– “ذكر الربَّاتِ وذكرها سَقْمُ فصبا وليس لمن صبا حلم” ص300.

واضح أنها (الربَابَ) لا (الربّاتِ)، ويلاحظ أن المؤلف جعل التاء مكسورة، وضعّف الباء، ظنا منه أنها جمع مؤنث سالم، ومن نافلة القول أن هذا الخطأ يكسر الوزن ويخل بالمعنى.

– “كان بنو الأبرص أقرانكم فأدركوا الأحداث والأقدما” ص301.

(الأحدث) لا(الأحداث).

– ويقول المؤلف عن آراء اللغويين في الإعراب في فهمه: “وقد فنَّد بعض العلماء اللغويين أدلة كل فريق قديما وحديثا…”. ص314.

والمقصود -كما ذُكر في الهامش- هو د. رمضان عبد التواب، وليس من المعقول أن يفند مثله ماقيل عن الإعراب قديما وحديثا، فالتفنيد يعني الإبطال والتكذيب، والفنَد الخرف، وفي سورة يوسف (… لولا أن تفندون)، لكن (فند) عند المؤلف تعني: فصّل أو بيّن أو شيئا من هذا القبيل، وهو استخدام غير صحيح للكلمة.

– “تناغي غزالا عند دار ابن عامر وكَحْل مآقيك الحسانُ بإثمد” ص343.

ما نقله المؤلف عن هذا البيت يدل على أن الفعل الذي جاء في أول العجز هو (كحِّلْ)، ولذلك ف(الحسان) منصوبة لا مرفوعة.

– “أتوعد عبدا لم يخنك أمانةٌ وتترك عبدا ظالما وهو ظالع” ص356.

(أمانةً) لا (أمانةٌ).

– “يشبِّهون ملوكا في تجلتهم وطولَ أنضية الأعناق والأُمم” ص358.

(يشبَّهون) بفتح الباء مع الشدة لا بكسرها، و(طولِ) بالكسر لا بالفتح.

– “وموقف الأستاذ هارون واضح وصريح في هذه الظاهرة، حيث يرى : وجوب الالتزام بالإعراب في كل تراكيب العربية، وقفا ووصلا، بلا قيد أو شرط، معتمدا في ذلك على التراث العربي، ونص سيبويه هنا شاهد ( هارون) وهو : (وزعم أبو الخطاب أن أزد السراة يقولون : هذا زَيدُو، وهذا عمرُو، ومررت بزيدي، وبعمري، جعلوه قياسا، فأثبتوا الواو والياء كما أثبتوا الألف). ومن ثمّ ينعى الأستاذ هارون على بعض المعاصرين التزامهم لغة الوقف فيما يتطلب الإعراب، الأمر الذي يدل على جهلهم وخوفهم من الانزلاق في الخطأ النحوي الذي يحسنونه”. ص370.

كلام المؤلف كالعادة ملتبس غير مبين، ومارُوي عن أزد السراة يدل على أن الإعراب في فهمه هو أن يكون الوقف بتحريك الحرف الأخير حركة طويلة، قد تكون ألفا أو واوا أو ياءً. وخاصة الناس وعامتهم يعرفون أن الوقف على اللفظ المرفوع وكذلك اللفظ المجرور، يكون بالتسكين. أما كلام سيبويه فلا يصح الاستدلال به هنا؛ فقوله: “زعم أبو الخطاب…” لا يدل على تسليمه بما قال، ولو صح ما قاله أبو الخطاب فمعناه أن هذه لغة شاذة خاصة بأزد السراة، فكيف نجعلها قاعدةً مخالفين ما أجمع عليه الناس؟ أما تعبير (الخطأ الذي لا يحسنونه) فهو إبداع لاأعرف له نظيرا!

– بعد كل هذا الضجيج هل توصل المؤلف إلى شيء ذي بال في مجال علم تحقيق التراث؟ أكتفي هنا بعينة من نتائج البحث كما عرضها المؤلف؛ تتلخص النتيجتان الأولى والثانية من النتائج التي ذكرها في الخاتمة في الأسطر الآتية:

النتيجة الأولى أن كلمة تراث لغةً واصطلاحا تدل على ماخلفه المتقدم من آثار… وصولا إلى مفهومه الشامل وهو كل ما أنتجته الحضارة…في جميع مجالات النشاط الإنساني.

النتيجة الثانية: “… الوئام الوثيق بين علم التحقيق والمخطوط، وأهمية دراسة قواعد نشره، ومحاولة بذل أقصى جهد ممكن في المتون كي يخرج المخطوط في أقرب صورة أرادها المؤلف”. ص369.

هل ترون في ذلك جديدا؟

– وختاما أقول إن القضية ليست قضية هذا الكتاب وهذا المؤلف، القضية هي دلالته على تدهور حال الجامعات والبحث العلمي في مصر وفي بلاد عربية أخرى؛ فهذا الكتاب كان رسالة دكتوراه سجلت ونوقشت في جامعة عين شمس، ونشرها مؤلفها بعد أن حصل على لقب (أستاذ)، وربما راجعها قبيل نشرها فلم ينتبه إلى مافيها من سوءات، وربما لم يهتم بالمراجعة إيمانا منه بأن لا أحد يقرأ، وهما احتمالان أحلاهما مر. وأتمنى أن تُدرس أحوال الجامعات في مصر وفي البلاد العربية عموما دراسة جادة للبحث عن علاج لهذا التدهور، وما ذلك على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى