القصيدة الفائزة بجائزة فلسطين وطن وقضية
شعر: د. جمال مرسي
من جذوة الشعر إلى غزة الصمود واالإباء
مِن جَذوَةِ الشِّعرِ أجَّ الشِّعرُ مُلتَهِبا
في دَاخِلي، يُطلِقُ البُركَانَ والغَضَبَا
===
كانَ الرَّمَادَ الذي يُخفِي بِدَاخِلِهِِ
شَمسَ الحَقِيقَةِ والأَقمَارَ والشُّهُبا
===
رَبَّيتُهُ نِصفَ قَرنٍ فِيَّ ك، أُطعمهُ
مِن سَلَّةِ الحرفِ تِينَ الحُبِّ والعِنَبا
===
أسقِيهِ من مُهجَتِي رَاحاً، و أُلبِسُهُ
مِمَّا أفاءَ الهَوَى أَثوَابَهُ القُشُبا
===
سِرّاً أُقَبِّلُهُ، جَهراً أُدَلِّلُهُ
عُمراً أُبَادِلُهُ الأَقلامَ والكُتُبا
===
حَتَّى نَمَا عَاشِقاً رُوحَ الجَمَاِل وما
أَضفَى الجَمَالُ على أبياتِهِ حِقَبا
===
يَبكِي إذا دَمِعَت عَينُ الجمالِ دَماً
يَشدُو إذا فَرِحَت دَقَّاتُهُ طَرَبا
===
يَرنُو بِمُقلةِ مَفتُونٍ بِفاتِنَةٍ
يُحيلُ قَشَّتَهُ مِن أَجلِهَا ذَهَبا
====
حَسِبتُهُ غَضَّ عَن أَحدَاثِ أُمَّتِهِ
طَرْفاً ، و عَن نُصرَةِ المُستَضعَفِينَ نَبَا
===
وخِلتُهُ شَاخَ أو جَفَّت مَنَابِعُهُ
فَجَاءَ يَصرُخُ : نَبعِي بَعدُ ما نَضَبَا
===
وكَيفَ يَنضَبُ أو تَنأى رَوَافِدُهُ
إنْ أَجدَبَ الرَّوضُ في الأَوطَانِ واستُلِبا
===
أو عَربَدَ الظُّلمُ في أَرجَائِهِ ، فغدا
كالنار ثائرةً إن أُلقِمَت حَطَبا
===
يا غَزَّةَ الخَيرِ: جِئتُ اليَومَ مُعتَذِراً
و الذَّنبُ مِن خَجَلِي قَد شَقَّنِي إِرَبَا
===
أَتَيتُ أَركُضُ نَحوَ البَابِ فِي شَغَفٍ
تَحتَ الجَوَانِحِ قَلبٌ مَاجَ مُضطَرِبَا
===
نَادَاكِ، نَادَاكِ يا بِنتَ الكِرامِ: دَمِي
يَفدِي تُرابَكِ، يَفدِي النَّخلَ والهِضَبا
===
يا من ضَرَبتِ لنا فِي العِزِّ أَمثِلةً
وفِي الصُّمودِ بَلَغتِ الأَوجَ والسُّحُبَا
===
وبِالتَّصَبُّرِ نِلتِ المَجدَ عن ثِقَةٍ
حَتَّى بَلَغتِ الذُّرا فِي عِزَّةٍ وإِبَا
===
فلا رِجَالُكِ ما صَالَ العِدا رَكَعُوا
ولا حِصَانُكِ مَا حُمَّ القَضَاءُ كَبَا
===
ولا صِغَارُكِ والأَلعَابُ بُغيَتُهُم
بَكَوْا، و إنْ حَطَّم البَاغِي لَهُم لُعَبا
===
كانت حِجَارَتُهُم قَوساً و رَاجِمَةً
للهِ دَرُّ يَمِينٍ أَطلَقَت لَهَبَا
===
للهِ دَرُّ شَبَابٍ رُوحُهُم رَخُصَت
حَتَّى يَعِيشَ تُرَابُ الأَرضِ مُنتَصِبَا
===
يا غَزَّةَ الخَيرِ و الأَمجَادِ: أَرَّقَني
أَنَّا غَدَونَا غُثَاءَ السَّيلِ ، وا عجبا
===
لا مُنكِرٌ في فَلاةِ التِّيِهِ مُنتَفِضٌ
كَلاَّ ، و لا مُخلِصٌ فِي أُمَّتِي شَجَبَا
===
ما عَادَ بِي أَمَلٌ فِي أُمَّةٍ عَرَبٍ
باللهِ، بِاللهِ لا تَستَصرِخِي العَرَبَا
===
إنِّي أتيتُكِ يا غزّاهُ مُعتَذِراً
و فِي سِجِلِّ غِيَابِي لم أَجِد سَبَبَا
===
فَلتَغفِري ذَنبَ مَن أَشقَتهُ قَافِيَةٌ
و لتَرفَعِي عَنهُ يا قَطرَ النَّدى عَتَبَا
القصيدة الفائزة تستحق الفوز
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد