من ذكريات مهنة المتاعب

مصطفى سليمان / سوريا 

كنت أُدرِّس طلاب الثانوية العامة في معهد خاص في اللاذقية ( 1975). وكان بين الطلاب الشباب الفتْية طلاّب آخرون كبار يريدون تقديم الثانوية مع ( الأحرار !!) لتحسين حياتهم المستقبلية. وهذا طموح رائع ومشروع.

كانت القاعة كبيرة تغص بالطلاب . وبابها مفتوح على الصالون . وكان صاحب المعهد، ومديره معاً، جالساً إلى طاولته يتابع أعماله الإدارية والمالية.. كان الدرس في النحو عن ” الممنوع من الصرف” . وفجاة انبرى أحد الطلاب الكبار وقال بلهجة آمرة، قليلة الأدب، وقحة النبرة : عيدْ عيدْ ما فهمت. يطلب الإعادة. قلت له موبِّخاً: أليس لديك ذوق ولباقة وتهذيب لتطلب الإعادة بطريقة مؤدبة؟ قال: هلَّقْ خلِّصْنا.. عيدْ .. عيدْ… قلت له من أنت ؟ وكيف تتفوّه بهذا الأسلوب القليل الأدب؟

قال متبجِّحاً: أنا صائغ الذهب ( فلان )، (متوهِّماً أن اسم عائلته، وذهبه قد (يرهبانني) قلت له: اخرج من القاعة إلى دكانك. واعلم أنك أنت شخصياً وكل ما في محلك من ذهب أرخص عندي من قطعة الطباشير هذه التي بين أصابعي.
وفجأةً دخل المدير صاحب المعهد( الأستاذ المرحوم محمود علي مدير التربية الأسبق) لتدارك الموقف المتأزّم، وكان يستمع إلى الحوار الصاخب وقال للطالب ( الذهبي) بنبرة قويه صارمة : اخرج فوراً كما قال لك الأستاذ. هيّا! بعد الدرس علمت منه أنه دفع له كل رسوم المعهد وطرده نهائياً.

وهكذا خرج الصائغ ( مصروفاً !!) من درس الممنوع من الصرف، وكان يظن أنه ممنوع منه لِعِلَّتين : علّة ذهبه ، واسم عائلته.
لماذا يحدث هذا؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى