دلّني يا حلمُ

كمال أبو حنيش / فلسطين 

دُلَّني يا حِلمُ كيفَ سأقتفي أثرَ الدّروبِ
المُفضياتِ إلى البِداياتِ السَّحيقةِ في الزَّمانِ
و عُد بنا نحو الوراءِ
لعلَّني أُشفى مِنَ الشوقِ القصيِّ
و نجّني مِن هاجسٍ يحتلُّ روحي كُلَّما أزف
َ الظَّلامُ
السَّرمديُّ فلا أرى غيرَ المَزيدِ مِنَ العَماءِ
و فُكَّني مِن قَيدِ صمتي كي أُفتِّشَ عَن كلام
ٍ لائقٍ في الأبجديَّةِ
ينتشِلُني مِن حكاياتِ التَّلعثُمِ و الهراءِ
و مُدَّني يا حِلمُ بالعَزمِ المُهِمِّ لرحلتي و أمسكْ
زمامي جيّداً
كي لا أحيدَ عن الطَّريقِ
و هُزَّني كي لا أغُطَّ بغفوتي لأرى السَّديمَ
و لحظةَ الخلقِ البديعةِ في انفجارِ الإبتداءِ
و شُدَّني حتى أعي كينونةَ السِّرِ العظيمِ
و كي أرى كيفَ الوجودُ يفِزُّ مِن وسَطِ الخواءِ
و خلِّني مِن فوق أجنحةِ الهيامِ أشمُّ رائحةَ
الضَّبابِ الأوليِّ
و كي أرى كيفَ الوِلادةُ و الحياةُ تجيء
مِن رحمِ الفناءِ
و مُسَّني يا حِلمُ حتّى أستحيلَ لنُطفةٍ
و تسيحَ في وسطِ الحساءِ
و أبدأ التَّكوينَ مِن عدمٍ لأحيا مِن جديدٍ
و أستحيلَ إلى هواءٍ
كأنّني أمشي بِلا ظِلٍّ يُلاحقُ هيأتي
فأشقُّ درباً في الضَّبابِ يصلني
و أعي المعاني و انبثاقَ الإمتلاءِ
و دُلَّني يا حِلمُ ويحكَ دُلَّني
نحو الطَّريقِ إلى الغَمامِ
يظلُّني ليَكُفَّ كابوسي المخيفَ المُدلهمِّ عن المجيء
و دُلَّ صمتي كيفَ يهجِسُ بالكلامِ و بالرَّجاءِ
فليتني أحظى قليلاً بالسَّكينةِ
و القليلِ مِنَ الإجابةِ عن سؤالِ الإغترابِ
لعلَّني أرنو أمامي باحتفاءٍ
كي أقولَ : بأنَّ لونَ الماءِ من لونِ الإناءِ
الاسير الكاتب #كميل_ابو_حنيش
سجن ريمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى