جولة في قرية “صراب” قام بها: عبد الله الحكماني
ولاية محوت – سلطنة عمان
صباح يوم الأحد بتاريخ ٢٨/٦/٢٠٢٠م تحرّكت بسيارتي من بيتي في قرية الجوبة بولاية محوت الى قرية صراب وهي بولاية محوت أيضا والتي تبعد عن قرية الجوبة بمسافة ١١٥كيلو جنوبا حيث طريقها هو الطريق المؤدي إلى ولاية الدقم وتقع على شواطيء بحر العرب بعدما تأخذ من الشارع العام يساراً لتجد هذه القرية المندسّة ما بين الجبل والبحر ولا غرابة إن اندسّت فهي تخاف على كنزها الطبيعي البريء من عبث المدنيّة وتطفّلها.
بمجرد سيري في الطريق برفقة عائلية لم نلبث إلا ساعة من الزمن ونحن على اليسار من الشارع العام إلى هذه القرية الصحراوية الساحلية الجميلة أكثر من جدا كجمال معظم قرى سلطتتنا الحبيبة عُمان أخذنا الشارع لمسافة ١٠كيلو ثم دخلنا ما بين جبلين صغيرين للقرية فواجهتنا تلك البيوت بأول حارة من القرية على يمين الشارع خلف مراكز التسوّق بينما اليسار هناك محطة تحلية المياة والمسجد الجامع كما أن الشارع المعبد أخذنا يمينا ليمتد على طول القرية والبيوت تتوزّع على اليمين واليسار من الشارع بداية بالمدرسة التي درّست فيها قبل سنوات أي مابين عامر٢٠١١ وعام٢٠١٣ لمدة سنتين تقريبا قبل أن أنقطع عنها ما يقارب السبع سنوات لذا شدّني التغيير الطاري على القرية خصوصا في العمران إضافة إلى الشارع المعبّد الذي لم يكن كهذا بل نصفه كان ترابيّاً.
أخذنا الطريق مباشرة ما بين ذلك الوادي المملوء بشجرة السمر التي تغطي معظم أراضيه كما أنها تستحوذ على مساحته بين مختلف النباتات الصحراوية وما يثير إعجابك ايضا في هذي القرية أنها تجمع ما بين القرية الساحلية والقرية الصحراوية فهنا أدوات البحر ومتعلقاته وهنا أدوات البرّ ومتعلقاته فتجد السفينة والشباك بجانب حظائر الماشية فأهل صراب هم مجتمع بدوي ساحلي ويجمعون ما بين حرفة صيد الأسماك والرعي إضافة إلى تطوّر هذه القرية الملحوظ وسعيها لأن تصبح مدينة بأدق المواصفات ولا غرابة في ذلك فهي مهيّأة لذلك من نواحٍ عدّة كالكثافة السكانية والوعي المجتمعي والعوامل الجغرافية والاقتصادية وغيرها.
فتستغرب من كثرة المشاريع والمحلات التجارية بها وحتى قوة الشراء حسب ما عرفته خلال فترة دوامي بها واعتقد أن السخاء والجود الذي يمتاز به أهالي صراب حاضراً وماضياً أيضا له دوره في هذا فكما يقول المثل:(اعط ما في الجيب ياتيك ما في الغيب).
بعدما تجاوزنا القرية صعد بنا الشارع تلك العقبة التي تؤدي الى الشاطيء وتسمى(عقبة صراب) وحين نزلنا من تلك العقبة واجهنا الشاطيء الجميل ذو الحركة التجارية النشطة حيث ترى القوارب الصغيرة والكبيرة بمختلف أنواعها أما في عرض البحر أو على الشاطيء وكذلك سيارات نقل الأسماك الواقفة على طول الساحل أمام المواقع المخصصة لذلك حيث المظلات والخيام تنتشر على طول الساحل وينتشر العمال كذلك في جو عملي يبعث السرور في الزائر والأمل في المقيم.
ركننا سيارتنا على الشارع بالقرب من الساحل في مساحة تخلو من العمال جهة الشمال لناخذ بعضاً من الصور التذكارية ونستمتع بالمنظر الجميل الأخاذ حيث زرقة البحر وتأمّل أشعّة شمس الضحى التي يلتحفها وحيث الهواء العليل المتدفّق من هبوب الكوس التي لا تخلف الوعود مع موسمها الحالي المسمى محلّيا في سواحل بحر العرب ككل (الخرْف) ثم واصلنا السير الى عقبة صراب حيث المكان المرتفع الذي يغطيه اللون الاحمر المعدني ويحيط به البحر من ثلاث جهات كأنه يمثّل جزيرة من جمال وسعادة لزائريه وفي هذا المكان لي ذكرى جميلة فكنت في سنتَيّ دوامي آتي إليها وقت المساء ويصحبني:(الكتاب والديو وبسكوت النبيل والورقة والقلم مع الفاضلة العزلة)وفور وصولنا واصلنا التصوير والاستمتاع بالمشهد الى ان انتقلنا الى موقع سياحي ثالث يسمى (بئر الطيّوبة)يبعد عن الساحل المذكور سابقا(خبّة صراب) بحوالي ٥كيلوات جنوبا في نفس الشارع ولكنه ترابياً ويقع ما بين وادٍ وجبل يشد الزائر شاء أم لم يشاء.
ختمنا رحلتنا الصرابية كما أسمّيها بزيارة هذا المكان(بئر الطيوبة) حيث الماء العذب بجانب البحر والذي يثير استغرابك قبل ان تتذكر آية قرآنية حول ذلك كما ختمنا بالاستحمام والشرب من هذي البئر انا وطفلتي لعلها تصبح فيما بعد سبباً مقنعاً لنزور هذا المكان وعاملاً جاذباً.
طبعا تمنيت لو أنّ هذه القرية تحضى باستثمار سواء محلي أو عالمي في مجال السياحة بدرجة أولى والصناعة السمكيةوالحيوانية بدرجة ثانية وإن كانت للحداثة أضرارها ولكن لها فوائدها ايضا وربما هي الأكثر أثراً كما أنّي تمنيت لو أراها ولاية مستقلة وليست مجرد قرية تابعة لكونها تستحق ذلك لأسباب كثيرة فلعلّ وعسى الأيام القادمة ان يتحقق لها كل ما نتمنى وتتمنى.
عبدالله بن سعود الحكماني(كاتب وشاعر عماني)