بروتوكولات الحكمة WisdomProtocols
د. ماهر خضر | رئيس منظمة الأمم الحكيمة
www.wisdomnations.org
لَعلَّ البعض مِنَّا يَتَعَرَّفُ لأول مرّة في حياته على مفهوم البروتوكول من خلال البروتوكول الصِحّي الذي فرضته الدول والمؤسسات بعد أزمة كورونا، مثل التباعد الإجتماعي وكل التفاصيل الأخرى. و لَعلَّنا كذلك نتوقف عند الإلتزام الطوعي والكبير بنسبة 80 ٪ تقريبا، نظرا لوعي الجميع وإقتناعهم بأهمية وجدوى هذا البروتوكول ليس فقط للمصلحة الشخصية ونجاة الفرد، وإنما لحماية المجموعة التي فيها نجاتنا.
لكن مفهوم البروتوكول ونجاعته في تنظيم الـمُتَشَعِّبَات رُبّما يتجلّى بصورة أوضح في بروتوكول الإنترنت IP والذي يُنظّم عمل مليارات الأجهزة حول العالم، من تعريفها وتيسير إنسيابية المعلومات والبيانات بينها إِرسالاً وإِسْتِقبالاً وتَحْليلاً. إن بروتوكول الإنترنت Internet Protocol يُعتبر مُعجزة العصر الـمَخْفِيَّة، يعمل بدقة متناهية منذ عشرات السنين، ولو طرأ عليه خلل بسيط رُبّما يَتَدَاعَى له كل الجسد الكوني بِحُمّى الفوضى والإنهيار.
لكن حاجتنا للتفكير في منظومة البروتوكولات تزايدت بشكل مُلِح بعد أزمة كورونا، وإستفاقة العالم على حجم التشابك والترابط الذي يربط مصالحنا مهما تباعدت المسافات واختلفت التوجهات. هذا التّشابُك وهذا التّرابُط يجعلنا نهتم ونُفكر في أدوات لتنظيم كل نقاط التماس والإلتقاء البشري، من مُعاملات وتبادلات وغيرها.
وأمام هذه الحاجة المتصاعدة للتنظيم، قررنا في منظمة أمم الحكمة Wisdom Nations العمل على بناء وصياغة بروتوكولات الحكمة Wisdom Protocols والتي تُغَطِّي كل مناحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية والمالية والثقافية. إن صياغة بروتوكولات الحكمة سوف يكون جهد بشري مُشترك يُساهم فيه عدد كبير من الخبراء حول العالم، كما سوف يتطلب الأمر سنوات عديدة لتغطية كل مجالات التفاعل البشري. لكن نتائجه ستكون عظيمة وفوائده سيلمسها الجميع على كل المستويات الفردية والجماعية والكونية.
وإذا بَوَّبناها في خانة أدوات الضبط، فإن بروتوكولات الحكمة ستكون آلية مُبْتَكَرة للضبط والتوجيه بالحكمة، وبالتالي هي ثورة حقيقية في عالم الإدارة وإدارة الأعمال من ناحية، كما ستُقلص من التباينات والإختلافات على مستوى السلوك البشري من ناحية أخرى. لذلك فإن بروتوكولات الحكمة ستكون بمثابة اللغة الكونية التي يتحدثها كل العالم، ويتصرف وفقها. ورغم أن صفرية الأخطاء Zero Deffect تبدو بعيدة المنال، إلا أن مسار بروتوكولات الحكمة يُؤدي إلى هذه الغاية.
وإذا سَلّمْنا بما تقول به الدراسات مِنْ أنّ 70 ٪ من سُكّان العالم سنة 2050 سيترَكّزون في المُدُن والأوساط الحضرِيّة، فإن الحاجة إلى صياغة بروتوكولات الحكمة تبدو حَيَاتِيّة من أجل الحفاظ على الـمَدَنِيّة والحضارة وزيادة الوعي البشري بالـمُـشترك. بروتوكولات الحكمة Wisdom Protocols سوف تُصبح لغة كونية Universal Language تعكس مُستوى الرُّقي والتّمَدّن الذي وصل إليه الإنسان. وبالتالي فإن بروتوكولات الحكمة، بما هي لغة، ستكون مُتَجَدِّدة تَجَدُّد الحضارة والفعل البشري، وستتفاعل هذه اللغة مع مُستجِدّات تقنية مثل أنترنت الأشياء IOT، والذكاء الإصطناعي AI ، والبلوكتشين Blockchain لخلق مفهوم الـمُدُن الحكيمة Wise Cities.
هكذا نؤسس لمجتمع الحكمة Wisdom Society والذي يأتي على أعقاب مجتمع المعرفة Knowledge Society. هذا المجتمع الجديد الذي يتراءى للوجود بعد أزمة كورونا وتشكل الـمُعتاد الجديد The New Normal، سوف تحكمه بروتوكولات الحكمة Wisdom Protocols، وسنفتح الباب في منظمة أمم الحكمة أمام كل المثقفين والخبراء حول العالم للمساهمة في صياغة بروتوكولات الحكمة Wisdom Protocols، هذه اللغة الكونية الجديدة.
وفي المقال المُقبل سنحدثكم عن مفهوم ”الحكمة المؤسسية Organizational Wisdom “ وما يحمله من خير للمؤسسات والشركات حول العالم.