البطة المستاءة والقيم التربوية
ديمة جمعة السمان| كاتبة وأديبة فلسطينية
صدرت قصّة الأطفال”البطّة المستاءة” للأديبة نزهة أبو غوش عام 2019. تقع القصّة التي تزيّنها رسومات منار الهرم نعيرات والصادرة عام 2019 عن دار الهدى للطباعة والنّشر كريم م.ض. في كفر قرع في 24 صفحة من الحجم الكبير، مفروزة الألوان وبغلاف مقوّى.
جاءت القصة بأسلوب ذكي محبب للأطفال، لم تكن الرسالة مباشرة ولا مقحمة، بل تسلسلت أحداثها المشوقة بمهنية عالية، فالكاتبة جدّة، تتقن كيفية جذب أطفالها بأحاديثها الجميلة التي تعالج مواضيع هامة. فليس أنجح من القصة لتعديل سلوكيات الأطفال.
أعجبني رسم شخوص القصة بالحيوانات، فقد وفّقت الكاتبة ببناء شخصية القرد سعدو. إذ كان سعدو سعيدا وهو يأكل الفستق ويغني الأغنية الشعبية على دلعونا، وبعدها دون أن يقصد إيذاء البطة وأبنائها، رمى كيس الفستق البلاستيكي في البركة التي يسبح فيها البط، وإذا بالكيس يغطي رأس فيفي فرخ البط، وقد كاد يتسبب بخنقها.
ارتبكت البطة الأم (بطبوطة) وفراخها، وأخذوا يصرخون خائفين يطلبون النجدة. كان وصف حالة الارباك والقلق الذي اعترى عائلة فرخ البط والحيوانات الصديقة التي أتت مسرعة لنجدة الأم، جميلا ومتقنا أيضا. فتدخل الضفدع الذي كان يقف قريبا من البركة يراقب الأم وفراخها يسبحون في البركة بسعادة، وسحب الكيس بواسطة لسانه الطويل، فأنقذ فيفي، أمّا سعدو، والذي كان يراقب تبعات رميه الكيس في البركة، والذي كاد أن يتسبب بقتل فيفي، فقد خاف واختبأ خلف شجرة السرو.
أعربت الأمّ بطبوطة عن استيائها من تصرف سعدو غير المسؤول، وعندما اطمأنت على ابنتها، قررت اللجوء إلى القضاء لأنها تؤمن بأن القانون عادل وسيعاقب المذنب. فلم تهدد ولم تتوعد بأنها ستأخذ حقها وحق ابنتها بأساليب أخرى غير قانونية. وهذه رسالة أخرى للطفل، بأن عليه ألا يأخذ حقه بيده و وأن لا يواجه العنف بالعنف، بل عليه أن يلجأ للقانون.
وانتهت القصة بأن القاضية (الزّرافة) أصرت على أنّ من يلوث البيئة سينال العقاب المناسب.
ولكن القصة لم تذكر ما هو العقاب المناسب، وهذه أيضا نقطة ذكية للكاتبة، فهي تتيح بذلك فتح نقاش مع الأطفال لاقتراح ما هو العقاب المناسب.
ما أحوج أطفالنا إلى مثل هذه القصص التوعوية، والتي تسهم في تعديل سلوكياتهم بأسلوب سلس ناعم دون أن تحتوي على نصائح وإرشادات مباشرة منفرة للطفل.