إلى أين
محمد ختاتنة شاعر ومفكر ومخرج مسرحي / الأردن
إلى أينَ يا أمّةَ الغافلينْ
إلى أينَ …
شرَّعتِ بالذُّلِّ بابكِ للعابرينْ
بساقَيكِ مفتوحتَينِ مشاعًا ..
لكلِّ زنادقَةِ الأرضِ …
صُفر الشعورِ ..
وزرقِ العيونْ
إلى أينَ ..
مرمغَ بالوحلِ رايتَنا …
ليلُكِ السَّرمدِيُّ المهينْ
دروبُكِ شائِكةٌ
وحفاةُ العقولِ عليها بوهمِ
التَّكسُّبِ …
يعدونَ ..
يعدونَ …
مستكلبينْ
بغادرِ ضوءٍ
ينادي لشعلتِهِ الأغبياءَ
كسربِ البعوضِ …
إلى حمأةِ النارِ طارَ …
بليلٍ حزينْ
بغدرِ السَّرابِ
إلى لجّةِ الموتِ …
ساقَ قطيعَ نعاجٍ
يؤمِّلُ في عطشِ الرّوحِ للروحِ
شربةَ ماءٍ …
وللذبحِ سارَ …
ولا تدفعينْ
إلى أينَ تسعينَ …
ردّي عنِ العُربِ كفَّ المنونْ
حروبٌ ..
ونارٌ ..
وحمى دمارٍ…
وليلٌ طويلٌ
ولا صبحَ يطلعُ …
كفّي عن الحالمينَ الجنونْ
دماءُ بنيكِ …
سيولا تفيضُ بكلِّ الدروبِ
ولا تبصرينْ
ويسبحُ فيها النِّداءُ المدوّي …
ولا تسمعينْ
يناديكِ يا أمّةَ العُربِ هبّي
أزيحي ضبابَ الشقاقِ اللعينْ
وعودي العفيفةَ …
عودي الشريفةَ …
عودي الحَصان الطَّهور النظيفةْ
وقومي …
استعيدي إبائِكِ
ما بكْ؟
ألا تأبهبينْ ؟
علامَ أضعتِ المفاخرَ فينا؟
وأسلمتِنا لاحتيالِ الطُّغاةِ …
اللصوصِ …
العتاةِ …
أحالوا ثرانا لمستنقعٍ غصَّ
بالغادرينْ
وباعوا بنيكِ بأحلامِهمْ
برضى ترامب …
أمَلهُمْ أنَّهمْ مالكونْ
وأنهُمُ فوقَ تلكَ العروشِ الهزيلةِ …
يبقونَ …
أمّلهمْ أنهمْ خالدونْ
وفينا ارتدوا حلّةَ الزاهدينْ
قياداتُ عهرٍ
تجرُّ بأغلالِها التائهينْ
ذئابٌ بأنيابِ جورٍ …
تسوقُ لوادي الضَّياعِ الجموع
وتغرقهمْ في بحارِ الدموع
ويطربُها رجعُ صوتِ الأنينْ
وباسم انتفاضةِ شعبٍ على الظلمِ
قامت ملايينُنا..
تستعيرُ من الموتِ عزمتَهُ حرّةً …
لا تلين
فبعثرتِها في جنونِ الولاءاتِ …
مزّقتها في متاهاتِ زيفٍ …
بألفِ شعارٍ …
وألفِ رجاءٍ …
وألفِ قطيعٍ منَ الضائعينْ
وحلّقَ في الجوِّ شيطانُ ذعرٍ
وطارَ الرَّصاصُ …
يجندلُ فينا الشبابَ …
الشيوخَ …
النساءَ …
الطفولةَ …
أضحى النهارُ لعتمةِ ذاكَ
الجنونِ الرَّهينْ
فمنْ يرفعُ الجورَ عنّا …
ونحنُ الذينَ استُبحنا
بليلِ التَّشرذُمِ تُهنا
فلا نرتجي في متاهاتِ جورِكِ
رُكنا
وحصنًا من النائباتِ حصينْ
ولا نرتجي في لظى الموتِ …
يهوي علينا بحُمّاهُ ….
في عيشنا المرِّ …
صحوةَ عقلٍ …
تردُّ عن الأرضِ هذا الجحيمَ
وترفعُ عنّا…
سيوفَ المجانينِ في عالمٍ …
باتَ فينا الحزينْ
15/10/2018