من يوميات الحزن العادي لـ” بشرى أبوشرار”

وليدة محمد عنتابي | شاعرة وناقدة من سوريا

في مجموعتها القصصية(من يوميات الحزن العادي)تخترق: بشرى أبو شرار عتبات العتمة التي خيمت طويلا على الشعب الفلسطيني في تغريبته المرة والمريرة ، بعيدا عن أرضها التي استلبت وقد تحولت إلى بطاقة لجوء وخيام ينخر فيها الحر والقر، وهموم العيش ولوعة الاحتراق ،حنينا إلى فردوس مفقو؛ بلغة اقتصدت وأوجزت موحية مشيرة في تقنية عالية التركيز لاستقطاب الحدث والدوران حوله في محاولة لاختراقه واستجلاء لخفاياه ، تاركة فسحة مجزية للقارئ لاستنتاج مدلوله ومرماه .

تدبج: بشرى أبو شرار قصصها القصيرة المتشحة بحداد دائم والمشبعة بأحزان لا تنتهي، لتنقل إلينا  عالمها من خلال سرد مختزل مكثف وهموم ضالعة في الحزن، غير أن شمس الأمل بين الحين والحين ما تني تلقي بخيوطها المشبعة بحلم العودة والمنسوجة من وعود التواصل والملتقى ؛ متجاوزة كل انكسار وخسران .

في قصتها الأولى: لا تخافي الغروب .

تحكي لنا كيف تبث الجدة وهي على فراش المرض وقريب الرحيل، أملا في النفس وانتعاشا في القلب ، حين تطوق الحفيدة بذراعيها هامسة(: لا تخافي الغروب) . 

 

 في قصة: يمامة هاربة

تفلت بطلة القصة من شراك حبكت لاقتناص كرامتها بأظلاف مدع ضالع في الصيد والقنص، لتنقل إلينا خلاصة مفادها الحذر وتجنب المطبات المغطاة بالورود.

وفي قصةأحلام متشابهة: تتوارث الأجيال هموم بعضها جيلا إثر جيل وتتشابه أحلامها  في معايشة ذات الهموم والأحزان .

 

وفي قصة : حتحور .

المهداة إلى أمين ريان

تتبدى لنا صعوبة السفر إلى الأم عبرحواجز  وسراديب مظلمة  شبه مستحيلة؛  تلك الأم التي باتت كذبة حزينة وغصة في القلب .

ينطلق السؤال (لماذا) ؟في قصتها /لماذا /من مواجع الصبي الغارقة في شجون فوق احتمال سنواته الغضة  ، ليغرقها أكثر في ظلمات المعاناة وسوء الحال.

في قصة : أوسمة ونياشين  المهداة إلى محمد الذي يسكن آخر شارعها الطويل .

تحكي قصة البطولة مقترنة بالمعاش والمحال على الحياة، وكيف يدافع الفتى الفلسطيني عن أرضه رغم مشاغل عمله موفقا بينها وبين واجبه الوطني .

 

وفي قصة: مرثية الليل:

حوار بين محبين وفرصة وداع قيد الشروع.

في قصة : حارس المرمى:

بين ركام الأحزان وما يشغل بالها  من هموم وهي تستمع إلى المذياع وما سبقه من أخبار؛ يستوقفها خبر وصول الكابتن حارس المرمى والذي يحوز اهتمام ابنها المتابع لمباريات الكرة، بين تداعيات لذكريات دامية.

وفي قصة نهر الجنون: أحزان واصابات و مظاهرات  مشاف غارقة في عتمتها، ونفوس تلهث وراء الطحين ولقمة العيش ، وطفلة فقدت جميع أهلها .

تتساءل الكاتبة في قصتها هذه : (ما سر مستشفى الشفاء في ملحمة شعب وتاريخ وطن  ؟ منه خرجت كل الحكايات الباكية والساخرة .. ) .

وفي قصة: حبة البندورة ، المهداة إلى روح علاء مرتجى؛ تحكي قصة الصحفي الموثق للخبر  وقد زفته صافرات الإسعاف مصابا

 تفترش جسده شظايا القذائف إلى سرير في مشفى، بين محاولات إسعافه وإعادة قلبه إلى النبض وبين هذيانه بأخيه الصغير وحبة البندورة وأمه التي لا تتحرك وأخته التي لاتسدل أهدابها .

في قصة : كنا ثلاثة ؛ المهداة إلى الصبي لؤي،  تحكي قصة صبي تعرض مع اثنين آخرين إلى الإصابة بقذائف غادرة  .

تتوالى العناوين لقصص غارقة في الأحزان اليومية، من ميلاد إلى سجل يا أخي، وحكاية رصاصة، وصديقي، ولأجل الحياة ، إلى بكاء الفجر، وأسماء من مدينتي، وشواهد، وليل مدينتي، وعيون النار، إلى نهر الدم، وياسمين، وكرة قدم، ومحطة  مغادرة ، وامنيات مسافرة   وموعد أخير ، ومن علبة دخان، ومن يقتل الأبيض فينا، ورقائق من ذهب، إلى أثرة الوردة، والبرلمان الصغير،  ودكان صغير  وصديقي الأخير، وحذاء على الطريق، إلى مرايا مشطورة ، وحبات الكستناء، وورود العناب ، وحضور من قلب الغياب،  وفاتورة ، ومن يوميات صباح عادي، إلى حافة غروب، وغبش الضباب ،وعثمان المظلوم، وغاب الصوت ، وهوامش، ومن بقايا الأيام، إلى رماد مشتعل، وما تبقى من اللون الأحمر، ومن يوميات الحزن العادي، وأشواق القهوة، وتداعيات الوجع، وشطر المرآة،  وحضور الغياب وبين وردة الشوك ، وبراعم غائبة، إلى مقامات الروح ، وأوجاع الروح ، وأنشودة الشوق، وعلى ضفاف الروح، وأنشودة الرحيل ، وامرأة مكابرة ، ولحظات الاحتضار، ومحطة أخيرة، إلى موعدرحيلها ، وبقايا امرأة ، وحبال من هواء، وامرأة، ومن قلب العتمة، وإشراقة باهتة، وتتوسد حلما، وحفل عشاء ، وعصفورة، وشدو، إلى صور في مقاطع ، ومقطع يتراءى فيه الصبي الواقف في قرص الشمس الملون (من رأى الصبي الواقف في قرص الشمس الملون بلون كنعان القرمزي يقبض على نارها ويلقي بها في ليل غزة، تنادي  الراحلين الغائبين، ليعودوا كما النار ترهج وتتشظى حمما، ثم تعود تنكفئ على قرص الشمس تذوب في استدارتها وتتلون بالقرمزي، يد الصبي صغيرة لكنها قادرة على أن تضم كل المتعبين المسكونين  بجراح وطنهم الغائب) .

حيث الصبي يمثل الحلم الواعد، والمستقبل المأمول في استعادة ما استلب من حق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى