قراءة في ومضة للشاعر المغربي حاج محمد ( سيميائية الومضة المخادعة)

باسم عبد الكريم الفضلي / العراق

الومضة :
——–
(( حدثني ربي..
انه كان يوما ملحدا..
فانتهى ألا يرسل أنبياء..))
……………………
القراءة :
———
ظاهر لغة الومضة يوحي ، للوهلة الاولى ، لمن يقرأها بالاتكاء على مدلولات الدوال ( رب ، ملحد ، انبياء ) المختزنة في ذاكرته الدينية ، بكفران كاتبها واساءته الشنيعة للذات الالهية ، ونقول لهم رويدكم وتعالوا معنا لنتعرف على الدلالات المخبوءة في تحتانيةالنص بغية الوقوف على حقيقة ظاهر هذه اللغة.
لنفكك اشارات الومضة لتوليد تلك الدلالات :

ـ الاشارة حدثني : فعل مشاركة بين ( متحدِّث)/ فاعل، و(متحدَّث اليه)/ مفعول به ، الاول هنا (ربي )، والمفعول به (ياء المتكلم )، ولما كان الله ( واحداً احداً / لاشريك له) فهذا ينفي عنه هذا الفعل التشاركي ،والقرآن يخلو تماما من هذا الفعل ومرادفاته عدا فعل القول ( قال الله) وهو فعل لازم ( لايحتاج لمفعول به يستوجب المشاركة، بذا فان فاعل هذا الفعل هو بشري
ـ الاشارةالدالية / رب : مدلولها : سيد ، مالك ، يحدده تضايفها مع مابعدها ففي قولنا:
رب الناس ، رب السماءوالارض ، يتحدد المدلول بالله
اما في قولنا : رب البيت ، فيتحدد بسيده ومالكه
ورب الولد: ابوه ..الخ
وكاتب الومضة ذكر( ربي) وهي اشارة مركبة من / رب + ياء المتكلم
وهذه الياء خصت (رب ) بالاضافة الى ضمير المتكلم فيكون معناها: سيدي او ابي

فتكون مقاربة( حدثني ربي ) : حدثني ابي
اما الاشارة / ملحد اسم فاعل من ألحد ،مدلوله
يحدده حرف الجر بعده :
نقول / الحد الى فلان او الامر : مال اليه
والحد عن او في الامر او الشئ: مال عنه، وحاد ، ومنه / ألحدَ في الدين او عنه : حاد عنه بالشرك بالله
ولم تتحد دلالة / ملحد في سياق الومضة لانقطاعها عن حرف الجر ،، لذا سنؤجل هذا التحديد لما بعد تفكيك الاشارة انبياء
انبياء : ج. نبي وهو المخبر عن الشّيء، نقول :
نبَأ فلانٌ فلاناً نبئاً: اخبره واعلمه اياه
والنبي ايضا هو : المبعوث ،الرسول/ المرسَل ، وهذان الملولان يستدعيان وجود من بعث هذا المبعوث وارسل الرسول
وبتسييق هذين المعنيين:المرسَل/المبعوث من قبل مرسِلٍ/ باعثٍ ما الى أحدٍ او جماعةٍ ما ، ليخبرهم خبراً عنه ( اي عن المرسِل)
وللوصول الى مقاربة دلالية للاشارة(ملحد)، نقوم باحالتها قبلياً على دلالة ( حدثني / الفعل البشري )، وبَعدياً على دلالة ( انبياء/ المبعوثون )،ومن هاتين الاحالتين تتشكل تلك المقاربة لدلالة / ملحد وهي :المائل الى / اي الذي به ميل الى
فتكون المقاربة الدلالية لعموم المقطع(انه كان يوما ملحدا..
فانتهى ألا يرسل أنبياء..):
ان اباه، في يوم ما،كان ميّال الى التوقف عن ارسال مبعوثين ينقلون رسائل عنه لآخرين ( سكت النص عنهم وعن فحوى الرسائل ) وهو سكوت غائي ،مثل سبباً مضافاً لمقاربات معاني اشارات الومضة المتولدة من اعادة تركيب الدلالات التفكيكية،مقاربات ابطلت شبهة كفران الكاتب واكدت ان ظاهر لغة النص هي لغة مخادعة ، وان غائية السكوت عن (الاخرين وفحوى الرسائل )المار ذكرهما آنفاً، هي لإحكام سبك سياق هذه اللغة المخادعة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى