سوالف حريم .. أين كنا؟ وكيف أصبحنا؟
حلوة زحايكة | فلسطين
ذات يوم من أيام الإضراب الشامل في الانتفاضة الأولى “انتفاضة الحجارة ” وفي عام 1990، وأنا أعمل في صحيفة الفجر المقدسية، انتهى دوامي، وحان موعد عودتي للبيت، كان عليّ أن أنتظر سائق الصحيفة إلى أن يرسل الصفحات الداخلية إلى المطبعة في قرية عناتا، لأنها تأخرت كثيرا، وذلك بسبب إجراءات الرقابة العسكرية في حذف العديد من المقالات في ذلك اليوم.
عندما علم مديري المرحوم أسعد الأسعد “أبو فريد” الذي عاد إلى البلاد بعد غربة طويلة، وتم تعيينه منذ فترة بسيطة، مديرا إداريا للصحيفة، أخبر السائق، أنه سيقوم هو بتوصيلي.
في طريق العودة، تحدثنا بأمور كثيرة، ثم بدأ يسألني عن عائلتي، وماذا يعمل والدي؟ فأخبرته أن والدي استشهد في حرب حزيران عام 1967، وكيف دفن أبي في البيت بسبب عدم قدرة الأهل في الوصول إلى المقبرة، وبعد ستة أشهر تم نقل جثمانه إلى مقبرة القرية، وقد كان داخل بيتنا سبعة عشرة شهيدا، وأنا أشير له على بيتنا القديم.
في نهاية الشهر، عندما استلمت راتبي وجدته مضاعفا، فعدت إلى المحاسب ظنا مني أنه قد أخطأ!
فقال لي: الراتب صحيح لا خطأ فيه،
فسألته كيف ذلك؟
فأجاب: لقد تضاعف راتبك ابتداء من هذا الشهر، بأمر من المدير الإداري أسعد الأسعد! فتوجهت إلى مكتب أبو فريد أشكره.
فرد عليّ: لا داعي للشكر، وأضاف: هذا أقل ما يمكن أن أقدمه إلى ابنة شهيد.
اليوم عندما تمر البلاد في ضائقة مالية، أول عمل يقومون به يشكل عبئا على الميزانية من وجهة نظرهم يقطعون رواتب أسر الشهداء والأسرى. فعجبي ممّا نحن فيه، وأين كنّا؟ وأين أصبحنا؟