فقط لأنها امرأة

سجى مشعل |فلسطين

فقط لأنّها امرأة
في تلك المدينة
امرأة، مسّدت أطراف الوحدة قلبها
وألقَت على جفنيها سنوات الجفاء
وتداعت الأيّام حتى تصير ناضجة
تسير في الشّارع أمام العُقلاء
فَيتصيّدها رجال المدينة بأعينهم
ونظراتهم الشّائقة لملاحقة جسدها
في تلك المدينة
امرأة، كشّفت نهديها أيادي الرجال
بنظراتهم صوبها
فقط لأنها امرأة
وفي آخر السّياقِ فتاةٌ مذبوحة
بسكّين مُحدّبة
لثغتها نيران عيون الغاز التي
كانت تطهو الطّعام فوقها
لتُعدّه لرجل لا يشبع
وفي المدينة ذاتها امرأة تموت
صراخا، نحيبا، ووحدة
امرأة تموت لأنّها “نون”
ويعيش في بلادي
القتلة والمجرمون
يتوسّمون الشّرف والبطولة
في القتل، والإعتداء، وتوشُّح
غسلِ العار إزارًا
كم ماتت في مدينتا فتاة
وهي تطهو، وتغسل، أو حتى وهي
جالسة على الأريكة
مُحمّلة بهموم بيت
وعائلة لا تقول شكرا
أمام كلّ التّضحيات التي
تقدّمها امرأة مسكينة
فقدت شبابها
وكلَحَت بشرتها
واسودّ اللّيل تحت جفنيها
لا تسمع كلمة “شكرا”
بل تُقتل وتبقى جثّتها هامدة
وحيدة
لا يقربها أحد

وفي المدينة ذاتها
تموت النّسوة
قتلًا
وضربا
وعُنفا
ليس لسبب إنّما
لأنّهنّ هنّ “نون النسوة”
مفتوح آخرها
مصقول عوارض الفتحة
على رأسها
ويُضاجع جسدَ فتاة قاصر
رجل في السّتين
يُبيح لنفسه إطفاء شهوته
وبأنّ العمر في مُقتبله
وبأنّ النّون خاضعة
مُؤجّلة إلى يوم يأخذها
زوجها إلى بيته
لتعمل خادمة
وتسقي زرعا يَباسا
في أرض بور
في صحراء قاحلة
مَن يدري كيف دَوَت الصّراخات
داخل رأسها
لكنّها لا تستطيع أن تقول “لا”
ليس لسبب إنّما لأنّها “نون”
تعيش في مدينتنا
3-8-2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى