حمار الشيخ.. المدافعون عن الوطن والمواطن -5-

جميل السلحوت | فلسطين

عندما علم حماري بنيتي زيارة مكاتب احدى المؤسسات غير الحكومية مد أذنيه إلى الأمام ورفع ذنبه ونهق وضرط، فأوجست خيفة،غير أنني صممت أن أنفذ مهمتي رغم أن حماري الحرون رفض الاقتراب من المكاتب الفاخرة التي تنم عن ثراء فاحش، يوحي بأننا شعب لا نعيش تحت الاحتلال، ولا نعاني مشاكل اقتصادية، فغبطت العاملين في هذه المؤسسات على عملهم معتقدا أن مداخيلهم ستكون مرتفعة، فعلى رأي مقولتنا الشعبية (الخير الكثير يصل للجميع) وبينما كانت عصاي تنهال على رقبة حماري الحرون كي نواصل المسير،على عادة بني البشر، فالذي لا يرعوي لأوامر ورغبات مسؤولة يقع تحت العقاب الذي يتراوح بين قطع الأرزاق وبين قطع الأعناق وما بينهما من أمور تشوّه الأبدان والأذهان، وإذا بفتاتين من تلك المؤسسة تخرجان والنكد باد على وجهيهما الحسناوين، فازدادتا جمالا على جمال رغم سوء الحال، ولما علمتا بمرادي ضحكتا حتى بانت منهما النواجذ، وأخبرتاني بأن راتب إحداهن الشهري مائة دولار، وراتب الثانية مائتا دولار، فلم أصدق ما قالتاه خصوصا وأن رأس المؤسسة قد صرح بأن أقلّ الرواتب عنده هو ثلاثمائة وخمسون دولارا، وعندما سمعت براتب رأس المؤسسة تذكرت الأغنية الشعبية التي تقول: وكم من شب بيسوى اتنعشر شب وانا بسوى دزينة.

وأخذت أحسب كم دزينة يساوي راتب رأس المؤسسة؟

 فوجدته يساوي أكثر من ثلاثين دزينة! ولما أخبرتاني بأنهما مهددتان بالفصل من عملهما، لم أعد أعرف كم دزينة سيساوي حضرة الموظف الكبير من جيش العاطلين عن العمل!

لكنني حمدت الله على وجود مثل هذه الكفاءات في شعبي، فلا شك أنها ستعطي صورة للأجانب عن ثراء شعبنا خصوصا العاملين في أعمال الخير ومساعدة الفقراء من خلال أعمالهم الطوعية!

وركبت حماري عائدا إلى البيت وأنا أشتم المتطاولين على العمل الأهلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى