أين الديار؟

د. أحمد مرسي | مصر

ما كنتُ أدرى أن عمرى

ضاع فى بحر الهوَى

فبكيتُ أطلالا  لحبى

فى غيابات الجوى

وزمانُ عشقى يَكتوى

أَوَّاه من طُولِ النَّوَى

والليلُ يَشْنُقه الضيا

والحبُّ مات أو انطوى

واليومَ أَروى قصتى

والصَمْتُ يحكى لوعتى

والليلُ يقتلُ مُهْجَتى

أتُراها أينَ حبيبتى؟

والقلبُ فى سراديبِ

 العذابِ دون قصد قد هوى

***

كان الظلامُ يحيطنا

وضِيَا الغرامِ يضمنا

والآن أجلس هاهنا

ونزعتُ من قلبى الشَجِىِّ

كلَّ أطيافِ المُنَى

والذكرياتُ كما السنين

 قلبٌ بأمطارالهمومِ قد ارتوَى

كم كنتُ أَسكبُ فى

رحيقِ العِطرِ

أنهارَ الودَاد

ما عاد يُجدى أن نَذوبَ

كما يذوبَ الشوقُ فى

 نبض الفؤاد

كنا بوادٍ فيه أَنَّاتُ الجَوَى

***

والطيرُ يشدو خَائِفًا

والليلُ يسرى تائهًا

والموج يجرى باكيًا

أين الديارُ حبيبتى

والليلُ يغشاه السكوتْ

مازلتُ فى صمتِ الحياةِ

كأنهم وضعوا رفاتى فى قُبورٍ

من سكوتْ

وخُطَايا تجرى بمهجتِى

فلربَّما فى القلب أسرارٌ تموت

ماذا تغيَّر فى الدِّيار كأنها

نُسِجَت بخيط العنكبوت

وظللت أطرقُ بابَها

مثلَ السُّكَارى بعد ليلٍ تاه

فى زمن الغرورْ

صوتُ الندامى شَقَّ

أنفاسى وكاسٌ فى يدِ

الساقى تدورْ

***

أين الغرامُ وكيف ماتت

 كلُّ ألوانِ العُطُورْ

كانَت هنا بعضُ الأغانى

 من بساتينِ الهوى 

 تزهو وترقص تحت

أطيافِ الزهورْ

كان سورُ حديقتى عُشاً

لتغريدِ الطيورْ

قد كان بيتى دُرَّةً بين القصورْ

قد كان حبى رائقاً كالفجرِ

أفراحٌ ونورْ

أسفى على من بدَّل

الجناتِ نارْ

والليل تاه مع النهارْ

أين الديارْ

***

ما عاد يُجدى الإنتظارْ

قد فات وقت الإعتذارْ

ما عاد قلبى يَرْتَضِى فى

الحبِّ ذُلاً وانكسارْ

الهجرُ نارٌ وانتحارْ

لا يهربُ الإنسان من أقداره

وإذا بصوتٍ خَافِتٍ يَهمى

على باب الديارْ

سألتُها هل أنتِ

كنتِ حبيبتى؟

هل كنتِ يومًا فرحتى؟

سكت الجوابْ

مات العتابْ

وظللتُ أبحثُ فى كتابِ

الحُبِّ عن معنى العذابْ

كانت دواويناً لعشقى

مثلما الشهدُ المُذابْ

ما عدتُ أمْلِكُ غيرَ

سَطرٍ فى كتابْ

 ووجدت قصرَ الشوقِ

أشبهَ بالخرابْ

***

فكتبتُ كلَّ قصائدى همساً

على هذا السرابْ

هذا المكانُ قد احتوانا

 بِحُبِّه فوقَ السحابْ

 قد كنتُ أُخْفى لهفتى

وأدارى عنكِ حقيقتى

عند الغيابْ

ما عاد فى قلبى إشتياقٌ

 للزمان ولا المكانْ

حَطَّمْتِهِ وحرقتِهِ

فغدا دخانْ

ما عاد يَنْفَعَنَا البُكا

والله يفصلُ بيننا

يومَ الحسابْ.ِ

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على إبراهيم حسانين إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى