سلاما سميح القاسم وداعا سميح.. أسلم عليك سلام أبي الأنبياء
ماجد الدجاني | فلسطين
(قالوا سلاما قال سلام)
استقبلت سميح في أريحا بهذه القصيدة وطلب بنفسه نسخة منها ونشرها في صحيفة كان يرأس تحريرها ولم أجد في رثائه أكثر مما قلته له بين يديه وقد أضفت آخر سطرين
سلام أخ الوزن والقافية
سلام أخ الكلمات المضيئة وجه الظلام العبوس
سلام من السهل والغور والقمة العالية
سلام من النبع والبرتقال المضمخ بالشهد
من خفقات النخيل و موز أريحا المنمل
وصدر القرنطل
ومن شفة الساقية
سلام من الماء في النبعة الصافية
ومن بصمات العصور بتل اريحا
وعين الديوك وقصر هشام
من الملح في شريان بحيرة لوط
ومن رئة الزهر من نغم الطير و الأغنية
سميح
ايا ايها الربذي الجديد إلى أمة غافية
الست ترى الحزن في مقلة الريف
والدمع في أعين البادية
الست ترى الفقهاء على مسرح الأمراء
يؤدون كل الطقوس الدنيئة
في معبد المنعمين
يعيدوننا للوراء بقهة يطلسم كالأحجية
وفي كل زاوية تتمطى الأعاصير
تستفحل الفاشية
والدين أضحى بَعيد سنين التوهج يفقد زيت القناديل
يغدو بعرف الدعاة لوائح تمنع
تسقي العباد الصديد ومن عينيها الآنية
وتقتل فينا الحياة البهاء السناء
وتلبسنا النظرة الخالية
فتغدو كثور مغطى العيون يدور ليغرف ماء من الساقية
الست ترى الأجراء بأردية الأتقياء
وتشكو لمحكمة التفتيش نشكو
ويبقى ابو ذر… زيت القناديل بدر الدياجير
يحيا وحيدا ويمضي وحيدا ويقضي وحيدا
وتنكره الفئة العاصية
وتبقى لنا في الفضاء المعصب ذات الملامح في المدن النائية
ويمضي عليّ لتقتله الفئة الباغية
سميح تجيء الليالي وتمضي
ونبقى نفتش في البيد عن صدفات الكلأ
ولا زال سيف العروبة ينبو
و ينهش صدر اليماني دود الصدأ
ونور السراج انطفأ
وجف الرواء بكل الجداول والماء ولّى
غدونا بكل المعايير دوما نفرق أيدي سبأ
ألست ترانا ارتددنا على عقبينا مرارا
وأنا تداعت علينا ذئاب الشعوب
اتبعنا السراب الكذوب
وقدر العطاء انكفأ
و أن الطحالب غطت مياه العروبة
أن العفونة فاحت
وتنتشر الآن عبر الملأ
فيها ايها الربذي الجديد
أعد للقناديل بعض الزيوت التي سرقوها
أعد للأزاهير ماء السماء وعقد الندى
ليضحك وجه التويج ويعزف لحن العبير لغيد المدى
أما قلت أن الزهور تعاند دبابة
تتحدى مجنزرة المعتدين
و أن سحقوها ستزهر كل البطاح
فيا زهرة الرامة الليلكية
ألمح في ومض عينيك بشرى مخاض النهار
فمرحى يهدهدنا جاء يحمل للحائرين النبأ
رأيتك ذات نهار تكسر خشب الصليب
ونير اليهود وتصفع خد يهوذا
أو تسقي اللصوص من الخل
سمعتك ذات نهار تحاور شمس أريحا
لا تختفي
أما عاهدتك وقالت: على حد سيفك ان شئتني أنطفي
سمعتك تهتف بالقادمين اقرعوا الباب لا تفزعوا ولا تركعوا
فلن يفتح الباب للخائف
هو الموت أحلى الجياد
فهل أرهقتك الجياد
إما كان مهاز هذا الجواد حنين البنفسج والياسمين
ففجر حروفك تحت قطار البغاة
وتحت شبابيك جيراننا النائمين
أحدق فيك فألمح وجه فلسطين يطلع لي
من تقاطيع وجه
المح من شرفات العيون ثرى كفر قاسم والمجزرة
واسمع وشوشة البحر للرمل
اسمع دندنة الناصرة
وبين خطوط الجبين شموخ الجليل ومرج بن عامر
والكرمل الشم يصطاد ماء السماء
يمد الشباك ليقتنص الغيمة الماطرة
أحس السنين العجاف تشد الرحال بعيدا
فيا شاعر الأرض والكلمات اللهيب يحييك منا الوجيب
وبيارة البرتقال وغيد الدوالي
وكل حصى القلط دير القرنطل نهر الشريعة
أشتال موسمنا الشتوي
وأطفالنا في المخيم
أتينا جميعا لنحضن فيك الشطوط المروج الجبالا
تقيم لك النبضات بإضلاعنا كرنفالا
وزيتوننا المستضئ صمودا
فضمد بشاش الحروف الجراحا
وداعا سميح
ستسكن كالنبض أضلاعنا
تفجر ماء قراحا
وتطلع فينا الصباحا
فتستلهم الوطن المستباحا
وداعا سميح
ركبت الجواد الذي قلت:أحلى الجياد
وبعدك نمضى تعض على كلماتك من النواجذ
تحضن منا الزنود السلاحا