بعث التعدين والبحث العلمي

مهندس /سيد عوض إستشارى التعدين المصرى والرئيس التنفيذى لشركة بنشمارك للتعدين

هل تعلم أن أكثر من ٩٤ ٪ من مساحة مصر كنوز وثروات مدفونة أغلبها غير مُستَغل بل يكاد منسياً رغم نحن المصريون أول من امتهن مهنة التعدين منذ عصور ما قبل التاريخ (العصور الحجرية وعصر المعادن) وأول من رسم الخرائط الجيولوجية وتشهد على ذلك البرديات الفرعونية القديمة.

تتنوع الموارد التعدينية كماً وكيفاً باتساع الصحراء المصرية الشاسعة من الجنوب حيث مناجم (الذهب، والكوارتز، والفلسبارات، والتلك، والسربنتين، والفيرموكيوليت،) إلى الشمال حيث (موارد الفحم، والحديد، والحجر الجيرى، والرمال الصفراء الذهبية، علاوة على الرمال السوداء، وما تحتويه من معادن ثقيلة ونادرة وثمينة والرمال البيضاء النقية، التى يُصنع منها أجمل أنواع الزجاج والكريستال والطفلات والأحجار الكريمة وأحجار الزينة، والفوسفات، والطفلة الزيتية، والمعادن الحديدية، وغير الحديدية، والكاولين، والأملاح المختلفة، والعديد من المعادن الطينية الغنية بمصادر الثروة).

ولو تحدثنا عن المقومات التعدينية والمعادن فى الصحراء المصرية والتى تعد كنزاً مكشوفاً من تلك الموارد المعدنية والخامات ما انتهى الحديث أبداً.

ولكن ليس أن نعدد تلك الثروات المدفونة هى القضية! بل السؤال الأكثر أهمية وإلحاحا هو: لماذا هى منسية؟ وأغلبها غير مستغل؟ ولماذا رغم كل تلك الثروات والموارد إلا أن المواد التعدينية لاتمثل نسبة ٥٪ من الناتج القومى المصرى؟ ولماذا رغم كل هذه الإمكانيات وصل حجم الاستيراد من الخامات التعدينية مؤخراً بما يعادل ١٧,٥ مليار دولار سنوياً ؟ ولماذا رغم امتلاك مصر حالياً ١٨٠٠ محجراً وحوالى ٤٥٠٠ منجماً لانشعر بالاستفادة القصوى من هذه الثروات؟

وأين فكر صناعة التعدين والقيمة المضافة؟ وأين التشريعات والقوانين التى تجذب مستثمر هذا القطاع؟ وأين مراكز التدريب المهنية لتأهيل كوادر شبابية لتكمل المسيرة؟ وأين مدارس التعدين ولما لايكون هناك بين خريجى المدارس الفنية فنى تعدين كما يوجد فنى لحام وفنى كهرباء وفنى سيارات وفنى تبريد وتكييف؟

لقد تابع كثيرين منكم الضجة البرلمانية المثارة على مدار ستة أشهر مابين بحث الرقابة على منح التراخيص ومابين اللائحة التنفيذية لقانون المحاجر والمناجم وانتهت بفرض رسوم وإتاوات بنسب جديدة على أصحاب المحاجر والمناجم وهذا هو واقع التعدين المصرى وأملى أن يتغير هذا الواقع قريباً خاصة هناك خطوات جادة واستراتيجيات حكيمة من الحكومة المصرية تولى اهتماماً كبيراً بقطاع التعدين لأهميته الحيوية فى دعم الاقتصاد المصرى ودفع عجلة التنمية الشاملة فى البلاد ونحن نستبشر خيراً الأيام القادمة حيث فكر القيمة المضافة وإقامة المجمعات التعدينية العملاقة والإهتمام بمعامل Semi-Pilot وتعديل اللائحة التنفيذية لقانون المحاجر والمناجم وجلب بيوت خبرة عالمية لوضع استراتيجية جديدة للتعدين المصرى.

ولكن ينقصنا أبحاث علمية تطبيقية فلا سبيل لنا لبعث التعدين المصرى من جديد إلا بالبحث العلمى التطبيقى فى مجال التعدين والجيولوجيا وليس بحث علمى مجرد أوراق للترقية توضع فوق أرفف المكتبات ونغلق عليها الأدراج فالقيمة المضافة الحقيقية للخامات والمعادن تقوم على البحث العلمى فهو أملنا فى تعدين يضيف للناتج الإجمالى المحلى ويسد العجز فى تلبية احتياجات السوق المحلية ودعم الصناعة الوطنية المصرية بمنتجات تعدينية عليها عبارة “بكل فخر صنع فى مصر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى