العنف الأسري جاهلية العصر الحديث
نمارق الكبيسي | العراق
بالرغم من التطور الحاصل في عصرنا الحالي من حيث التكنولوجيا، ووسائل الإعلام وطرق التعليم الحديثة، نرى الجهل يسود و بشكل واضح في المجتمع، مصحوبا بقلة وعي بين فئاته، مما يترتب عليه كوارث إنسانية، ومن أحد الأدلة الواضحة على تفشي الجهل في مجتمعاتنا انتشار العنف الأسري.
العنف الأسري هو الوحش الكاسر الذي يفترس فئات المجتمع، ويكسر الرابطة الأسرية ويفكك الأسر المترابطة.
أعادتنا تلك الظاهرة إلى أبشع الصور البغيضة التي حرمّها الله ومحاها الإسلام قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم “من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا”
نحن في نعيش في العصر الحديث ظاهرًا، الجاهلي باطنًا ونرى العنف والقتل والتعذيب النفسي منتشرَا بشكل بغيض وبمشاهد قاتمة.
يعتقد الكثير أن العنف الأسري يقتصر على على الضرب الجسدي و هذا غير صحيح فللعنف الأسري أنواع عديدة منها :-
العنف الجسدي: هو إحداث إصابة جسدية قد تصل إلى توقف بعض الحواس أو الموت في بعض الأحيان وهذا النوع انتشر انتشار واسعا في الآونة الأخيرة وقد تسبب في موت الكثير من الضحايا.
والعنف النفسي: في هذا النوع تتعرض الضحية في إطاره للسب والقذف وتتلقى سيلا من الكلام البذيء والتهديد الذي يسبب العقد النفسية و ويصيب صاحبه بمتلازمة الخوف، ويعد هذا النوع من أصعب الأنواع لأنه لا يترك أية آثار ظاهرة في الجسد و إنما يعمِّق الجراح داخل الشخص المعنف، ومرتبط غالبا بالتقصير في إرواء مشاعر الحب والحنان بين أفراد الأسرة.
أما العنف الجنسي: فهو اقتحام لخصوصية الجسد و يكون إما ماديًا (كزنا المحارم)، أو يكون معنويًا (كالسب بالألفاظ الجنسية الجارحة) وهذا النوع يعد اختراقا للضوابط الأخلاقية والشرعية.
وكل نوع من تلك الأنواع التي ذكرتها أعلاه، لها تأثير كبير في نفسية الشخص المعنف وقد تسبب له الخوف والعقد النفسية وربما اختلال في التوازن العقلي.
ومن الدوافع والأسباب التي تجعل الشخص عنيفًا و قاسيًا وهي (دوافع في أغلبها اجتماعية تتمثل في المعتقدات الثقافية التي يرثها الإنسان من عادات وتقاليد وهنا يعتقد الرجل في المجتمع الذكوري وهو ذو سلطة وله الحق في السيطرة على المرأة أن من حقوقه تعنيف النساء.
كذلك تلعب البيئة والتنشئة الخاطئة وضعف الوازع الديني في نفوس البشر دورا كبيرا تأصيل العنف، و أيضًا هناك دوافع اقتصادية، فإذا ما راجعنا أرقام ونسب التعنيف سنشاهد أنها أصبحت أكثر شيوعًا في هذه الفترة حيث جائحة كورونا تسببت في انحسار المال والاقتصاد في أغلب دول العالم مما أدى إلى فقدان ركائز العمل وكثرة الديون والخوف من الإملاق، وهذا الدافع لا يقتصر على جائحة كورنا أو على الوقت الحالي فقط، فقد كان موجودا منذ بعثة الرسول (صل الله عليه وسلم).
وقد حذر الله منه في كتابة الكريم “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم و إياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرًا”
الدافع الأخير هو الدافع الذاتي والنفسي وينبع من داخل الإنسان بسبب شعوره بالنقص أو لتعرضه لحوادث التعنيف أو رؤيته لتلك المشاهد منذ الصغر، أو قد تكون عوامل وراثية صدرت من الآباء واكتسبهم الأولاد والأحفاد منهم).
ولكن كيف لنا التخلص من هذه الظاهرة :-
يجب أولًا، تشريع قانون ضد العنف واتخاذ الاستراتيجيات وطرق الوقاية وحماية حقوق الإنسان فإذا طبق هذا القانون سيسمح للأفراد العيش بكرامة وسلام بعيدًا عن معترك الخوف والضغط الذي يواجهونه.
ثانيًا، توفير برامج توعوية متعلقة بحماية الأسرة وتوعية الجهاز الأمني وكيفية الوصول إلى موقع الجريمة بأسرع وقت من خلال معرفة المكان الصحيح.
ثالثًا، الحد من البطالة وتوفير فرص عمل للقضاء على الفقر الذي هو من ضمن الأسباب.
و أخيرًا و هي النقطة الأهم هي: ابتعاد الآباء والأمهات عن المشاجرة والنقاشات الحادة أمام الأطفال لأن الأطفال يكتسبون كل العادات من الآباء.
قال أحد العلماء: (استعمال العنف يترك أثرًا في الوجه لا تخطئه العين) كما أكدت الدراسات أن الإنسان المعنف يصبح أكثر انطواء في شخصيته و أسلوبه.