عن رواية الخاصرة الرخوة

محمود شقير| فلسطين

يكرّس الأديب جميل السلحوت روايته “الخاصرة الرخوة” لوضع المرأة في مجتمعنا، ولعلاقتها بالرجل من خلال الزواج الذي تُنتقص فيه حقوقها جرّاء المفاهيم الذكورية السائدة في المجتمع؛ هذه المفاهيم التي ترى في الزوجة خادمة لزوجها، مطيعة له، لا يحق لها أن تعانده حتى لو أمرها بأن تقبّل حذاءه وقدمه.

ولكي يحقّق الكاتب أفكاره النبيلة فإنه يستطرد في الحوارات ويتبسّط في السرد ويكثر من الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم، ومن تقديم الأمثال الشعبية المناسبة لعلّ هذه الأفكار تصل إلى الناس الخاضعين لعادات ولمفاهيم متخلّفة، ولفهم سطحي لتعاليم الدين الإسلامي، ولما أُدخلَ على الدين من اجتهادات تنقصها الدقّة والفهم الصحيح لصحيح الدين.

علاوة على ذلك، يلجأ الكاتب إلى تقديم نماذج بشرية مدانة من اللحظة الأولى، موصوفة بالتزمّت حدّ التطرّف كما هو حال أسامة زوج جمانة، أو بالتهتّك والانحلال كما هو حال يونس في علاقاته الشاذّة حدّ التطرّف كذلك. وكأنّي بالكاتب؛ وهو على حق، يبشر بالاعتدال في العلاقة بين المرأة والرجل، وعلى النحو الذي يصون إنسانية كلٍّ منهما سواء بسواء. وقد اعتنى الكاتب بإبراز شخصيّة جمانة بما فيها من اعتدال وتفهّم ومرونة وقدرة على احتمال الأذى من زوجها ومن أمّه التي ناصبتها العداء منذ اللحظة الأولى، وظلت صابرة مصابرة إلى أن أنهت علاقتها الزوجية بطلب الطلاق جراء السلوك غير السوي لزوجها.

في الوقت ذاته، تكشّفت خدعة يونس إزاء صابرين، التي حملت منه قبل الزواج، فتزوّجها للتستر على فضيحة متوقّعة، وحين ولدت طفلتهما طلّقها واستمرّ يمارس تهتّكته وانحرافاته.

ومن دون شك، فإن فضح العلاقات غير السويّة التي تخضع لها النساء، تمهيدًا لوضع حدّ لها وللتخلّص منها، يقدّم خدمة أكيدة لهنّ في نضالهن من أجل العدالة والمساواة، ويسهم في خدمة المجتمع وفي تمكينه من درء الأخطاء والعلل في سبيل النهضة المرتجاة.

كذلك؛ يُسجّل للرواية تطرّقها في إشارات مناسبة لما يعانيه الناس ولما تعانيه القدس من عسف المحتلين الإسرائيليين، وقد جاءت هذه الإشارات في مكانها الصحيح ومن دون افتعال.

غير أن مأخذي على الرواية يتمثّل في تحويل شخصيّاتها إلى أدوات مسيّرة في يد الكاتب؛ يحركها كيفما شاء لكي تخدم أفكاره ورؤاه، وهي مضطرة جرّاء ذلك إلى السير في الخطّ المرسوم لها سلفًا وبكلّ وضوح، لكي تسهل إدانة من هو سلبيّ منها، ولكي يسهل كيل المديح لمن هو إيجابيّ.

وبرغم ما تزخر به الرواية من بعد تربوي أخلاقي مرحّب به ومطلوب، فإنّ شخصيّاتها النمطية تترك أثرًا سلبيًّا على بنيتها الفنيّة، وعلى عنصر الصدق الفني الذي ينبغي توافره على نحو صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
  • أنت
زر الذهاب إلى الأعلى