أزمة المياه.. الأضرار والعواقب (2)

د. فيصل رضوان| أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية بالوكالة الأمريكية للمحيطات والأجواء (نوا)- الأستاذ الزائر بجامعة سوهاج

يعد سوء إدارة الثروة المائية مشكلة كبيرة اليوم وسبب رئيسى ربما أدى، ويؤدي الآن إلى الفقر المائى عالميا. كما يسبب سوء إستخدام الموارد المائية إلى إهدار الكثير منها،  سواء كانت فى الزراعة المروية بالغمر التقليدى- حيث تحصد متوسط 70٪ من المياه العذبة المتاحة- او نتيجة لعدم كفائة مرافق النقل والتوزيع، حيث تتسرب نسبة كبيرة من المياه السطحية المتاحة الى جوف الأرض أو الى الهواء بالتبخر. و  وبالنظر إلى تضاعف الطلب، كما اشرنا فى مقال سابق— فإن أى إهدار  غير محسوب للمياه، قد يسبب الكثير من “الضغط” على كمية الموارد المائية المتوفرة أكثر من أي وقت مضى.

ولنقص المياه عواقب وخيمة على صحة الإنسان خصوصا، وعلى التنمية الإجتماعية والإقتصادية والبيئة عموما. وهنا نحاول التنبيه الى بعض الآثار السيئة التى نراها موجودة،؛ بل وتحققت وبشكل صارخ فى دول إفريقية كثيرة تعانى من الجفاف.

ربما نفكر فى الجفاف على أنه نقص مباشر في مياه الشرب النظيفة، ولكن علينا أن نعلم أن الجفاف يرتبط بالجوع هو أحد أخطر آثار شح المياه.  لماذا؟  لأن نقص المياه يؤثر مباشرة على توفر المحاصيل والثروة الحيوانية، مما قد يؤدي إلى نقص الغذاء أو زيادة أسعاره، وتفشى المجاعة في نهاية المطاف. 

كما أن نقص منسوب المياه العذبة، يعد سبب رئيسى فى ركود المياه، وزيادة معدلات التلوث الميكروبى والكيميائي وتفاقم المشاكل الصحية الناجمة عن تلوث مياه الشرب. وقد تسبب نقص المياه وصعوبة الحصول عليها فى بلدان كثيرة فى مشاكل صحية يومية، حيث يكون من الصعب على الناس الإستحمام أو غسل ملابسهم أو تنظيف منازلهم بشكل صحيح.

وقد نرى فى أفقر البلدان مائيًا، لا يستطيع بعض الأطفال الذهاب إلى المدرسة وإستكمال التعليم، إما لأنهم مرضى، أو يضطرون إلى المشي لفترة طويلة للوصول إلى مصدر للمياه للحصول على حاجتهم وحاجة أسرهم منها.

كما يُعد الفقدان التدريجي للتنوع البيولوجي، هو أحد الآثار البيئية السلبية الغير مباشرة لندرة المياه. ويحدث الضرر بطرق متعددة منها مثل زيادة الملوحة، وتفاقم التلوث بالميكروبات الضارة،  وفقدان كبير للأراضي الرطبة، مما يعرض النُظم البيئية للخطر.

ومع تزايد أزمة المياه، ربما أصبح الحصول على القدر الكافى من المياه قضية حياة للشعوب وأولوية إقتصادية عالمية،  وأحد الأسباب الرئيسية للتوتر بين الدول، والتي قد تؤدي أحيانًا إلى الحروب – على موارد المياه الشحيحة.