مَدينون له
سجى مشعل | فلسطين
كيف نخبر الله بأنّنا مدينون له بأكثر من شكر وعرفان في آن معًا، على ألطافه وأقداره، كيف نخبره بأنّ اتّساع الفؤاد يروح إلى سمائه، وبأنّنا حينما نلمس موضع قلوبنا تحضر اللهّفة إليه، ويحِلّ شوقُنا البازغ _ مثل قمر مُدلهمّةٍ ليلتُه ولا شيء بازغ سواه _ إلى مناجاته، كيف نخبره بأنّ العوض كان أكبر ممّا نتوقّع أو ممّا نُجهّز أنفسنا إليه، كانت نهاية كلّ فَقدٍ وحرمان ذقناه لَوَذانًا بالفرار إليه، كم اتّسعت أفئدتنا وطابت خواطرنا عند سماع آية، وكم سُرّت واستقرّت جوارحُنا عند لطيف قدرِه وبديع صنعه، فنحن نصل في نهاية المطافات إلى قناعة مُفادها بأنّ الله هو الأمان، وبُعده الجحيم، وبأنّ لمساته بألطافه علينا هي اللّمسات الوحيدة الّتي تُشعرنا بأنّا أحياء، وبأنّ لون السّماء قد انعكس في وجوهنا، وبأنّ الشّمس أشرقت في أفئدتنا، وبأنّ السّماء ولو أظلمت ففيها قمر مُستنير، يجلب الرّاحة، ويردّ عنّا رَدَاءة احتمالات الإنطفاء، وشُهب الإله في سماواته تشتعل فينا توهّجًا، قوّة، ولمعانًا، فنذوب خُمرة ونشوةً في عطاءاته، ونحملق في بقايا إنسانيّتنا، ثمّ ننظر في الفضاء، نحن لا نزال بشرًا ويقينُنا يحتاج إلى صناعة لنصل إلى ذروة الإشراق بنوره، ثمّ إنّي أقول في حبّه حيث هو الوحيد الّذي لطالما يغمسنا في ذواتنا من ذروة الدّنوّ في الدّرجة إلى الإرتكاز على مواطن عليا في رحمته: أنتَ إله عظيم!