تأملات في الآيات: وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء..
طه المراغي | القاهرة
سورة يوسف كالنبع الجاري . تغترف منه ما شئت من البيان المعجز والمعنى الراقي والأدب الجم والحكم البالغة .. ولا يفتأ يتدفق منها صافيا رائقا عذبا لا يصيبه عطب ولا تناله كدرة .
ما ذا تفهم من هذه الآية (وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) ؟
_أفهم أن الرضا عن النفس أصل كل غفلة . فمن ظن في نفسه الحكمة فهو أحمق .. ومن ظن في نفسه العلم فهو جاهل .. ومن ظن في نفسه التقوى فهو غافل .
لذلك لا يكون العاقل عاقلا إلا إذا وضع نفسه موضعها وكسر شوكة الكبر فيها .. فإنما أهلك الكثيرين رضاهم عن أنفسهم وظنهم أنهم مستغنون بذواتهم عن غيرهم .
_ أفهم منها أن أتهم نفسي دائما في كل ما يصيبني من إخفاق في في العمل أو الحياة أو العلاقات الاجتماعية .. ولا أتهم من حولي وما حولي وأشكو الجميع وأغفل عن موضع الداء … ورحم الله أحمد شوقي إذ قال
والنفس من خيرها في خير عافية ..’.. والنفس من شرها في مرتع وخم .
إذا خاصمك الناس وأظهروا امتعاضا منك راجع معاملاتك وأسلوبك واحترامك لهم وتقديرك لشخوصهم .
وإذا فشلت في العمل فلا تتهم الظروف وإنما عدد أسباب النجاح .. ثم انظر .. هل أخذت بها ؟ أم تركت نفسك الأمارة توحي إليك أن الجميع يتربصون بك الدوائر وأن المؤامرة عليك تنوء بحملها العصبة أولو القوة .
أفهم منها أن (كل ابن آدم خطاء ) ولاعصمة لأحد إلا انبيائه المكرمين … وهذا يجعلني لا أحتقر أحدا من أهل المعصية .. فأنا وهو في ميزان واحد .. خطاءون .
ولا أظن في أحد تجردا من الخطأ مهما كان ظاهره .. حتى إن رأيته أتقى الأتقياء وأنقى الأنقياء وأكثر الناس ورعا وزهدا وطاعة .
_ أفهم منها أن أشغل دائما بنفسي وأن أرى تقصيرها وعجزها وضعتها وضعفها وحماقتها وجهلها وأظل أعدد في مثالبها فأنشغل بها فلا أرى عيوب غيري .
وعندها يكون احترام الناس وتقديرهم ومن ثم محبتهم ونيل ثقتهم .
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم .