خِفّة دافئة
سجى مشعل | فلسطين
أحبّ فكرة أن أكون إنسانًا دافئًا، إنسانًا يَمدُّ يده للنّاس، إنسانًا يحتوي من أمامه، يلمس تعبه، يُخفّف مُصابه، ويُهدّئ من رَوعه، تغريني فكرة أن أتّخذ مقامًا عاليًا في حياة أحدهم فقط لأنّه يحتاجني وقت تعبه، وتُريحني جدًّا جملة “إنتِ غير بالنّسبة إلي، أنا برتاح لمّا نحكي”، وتُعجبني بشراهة فكرة مسح دموع الشّاكين والمُقبلين على حُضني، يهمّني جدًّا أن أكون ملجأ المَكلومين، ووطن قوّة الواهنين، وملجأ تفكيرهم بصوت عالٍ.
ويُريحني بأنّي إنسان يجيء بقلبه صوب مَن أمامه، يجيء بملء روحه ليُقدّم العون، وتعجبني جدًّا فكرة أنّي تنصّلت من ذكريات الأمس، واستطعت أن أكون قويًّا ومُستمَدَّ قوّةٍ لِمَن حولي، وكلّ تلك الكلمات ليست إلّا بدايات أو مقدّمات لأكون مخازن البوح، مُؤتمَن الأوهان، ماسح الجروح، قاطبَ الرّتوقات، وحاملًا على عاتق قلبي بثّ فكرة الفرح في الجِوار، وفكرة الخفّة، وبأنّ الإنسان مهما ثقُل فإنّه سيتملّص من الآلام مهما كثرت، وسيتخلّص من الجروح وستبرأ مهما عدّت ذكراها لكن بالتّدريج، كلّ شيء يحصل بالتّدريج وحده. فأن أصير عونًا للعالمين، ومُتّكأً للعازفين عن الحياة هي الفكرة اللّذيذة بالنّسبة لي، وذلك لأنّ “مَن يسير بين النّاس جابرًا للخواطر، يُدركه الله من جوف المخاطر”، فلو استطعت أن أجبرهم بكلمة وكانت كلّ ما أملك فسأبذلها لأجلهم، ليس لشيء إنّما لأنّي أُقدّم كلّ ما بوسعي على طبق من ذهب، لأقول للعالم إنّ الخفّة لا تحتاج ثمنًا باهظًا، فالكلمة أو الابتسامة أقلّ مجهود يمكن بذله وهما الأغلى بطبيعة الحال، وَذَواتَا قوّة الأثر والمفعول!