تَغرِيبةُ السودانيّ الأخير
د. محروس بريك | أكاديمي مصري
بحرُ الهمومِ على الجوانحِ مُطبِقُ
والصمتُ زادٌ .. والترقُّبُ زورقُ
//
لا صرخةٌ تنجي وقد عبَسَ المدى
والموتُ في كل الزوايا مُحدِق
//
ما ضرّنا غَرَقُ البلادِ وكلُّنا
من ألف عامٍ في المصائب يغرقُ
//
لا النيلُ يحنو وَهْو كان حياتَنا
كلا ولا الموجُ المزمجرُ يُشفِقُ
//
وحدي وقد رحل الذين أحبهم
والماءُ موتٌ .. والفؤاد ممزقُ
//
لا نوحَ نادى: اركب معي، وأنا الذي
قد كدتُ من نور الحقيقة أُحرَقُ
//
لو كنت من آل اليهود لقيل: ياااا..
اركبْ … ودمعُ المُغرَقين تَرَقرَقُ
//
ولأنزلوني فوق جُودِيِّ الرضا
ولَغاضَ خوفٌ.. واستطال المشرقُ
//
ولقيل: يا موسى نجوتَ فلا تَخَفْ
وأقام حولي فتيةٌ وتحلقوا
//
أنا لا ألومُ النيل في طغيانه
قد كان يَرفُلُ .. والخطوبُ تُمزِّقُ
//
قومي يفيض على سوايَ حنانهم
وأنا عليهم بالمحبة أُغدِقُ
//
إن ينعموا خلفي فلستُ بنادمٍ
لكنْ أرى موتًا ونارًا تُحرِقُ
//
وأرى أُسارَى في الحديد ونسوةً
وبدار ذُلٍّ أطرقوا وتخندقوا
//
اليوم فاض النيل حتى ضمّني
وغدًا يغيضُ .. فلا بقِيتُ ولا بَقُوا