جميل السلحوت.. فصل من رواية” المطلقة “
رواية” المطلقة ” ستصدر في الأيام القليلة القادمة عن مكتبة كل شيء في حيفا.
عندما ردّت صبحة القنبع على الهاتف وقالت:
السّلام عليكم.
سمعت صوتا غريبا يقول:
مرحبا مامي.
استغربت الصّوت الأنثويّ وسألت:
عفوا من المتكلّم.
– حبيبتي مامي أنا بنتك ميمونة؟
ذهلت الأمّ ممّا تسمع وقالت:
أنا ما خلّفت بنت بهذا الإسم.
وبصوت مخنّث غريب عجيب قال لها:
– حبيبتي مامي…أنا مأمون كنت ولد، والآن أنا صرت بنت والحمد لله تزوّجني رجل فرنسي، وعايشه معه بسعادة.
جنّ جنون الوالدة وقالت:
قبرت امّك وابوك يا ربّ شو بتقول؟
– حبيبتي مامي سلامتك انت وبابي، ليش زعلانه انت؟ انا بنت من صغر سنّي، لكن انتو ما كنتوا عارفين، بتتذكّري عند ما كنت ألبس ملابسك الدّاخليّة وكنت تضربيني؟ أنا الحمد لله لقيت زلمه فرنسي حبني وستر عليّ.
استشاطت الأمّ غضبا وقالت:
الله لا يستر عليكْ ولا على اللي خلّفوكْ؟ ما بدّي أسمع صوتَكْ مرّه ثانيه.
-حبيبتي مامي…أنا وزوجي جايّين رحلة للقدس، أنا مشتاقه لكم كثير، وحابّه أنا وزوجي نشوفكم ونقعد معكم.
الأمّ حائرة بين ما تسمع وما تعرف:
لا تيجي ولا بدنا نشوفَك، خلّيكْ مقلوع مطرح ما انتَ موجود، لا تحمّلنا العار، ولو جيت هون بذبحوك.
– يذبحوني ليش؟ أنا شو عاملِه؟ كلّ النّسوان بتزوّجن، وفي باريس حبيبي مارسيل أخذني لطبيب وعمل لي عمليّة تحويل، وأنا الآن ستّ مثلي مثلك. والحمد لله تزوّجت، بدّي أعرفِك على زوجي مارسيل! والله اذا شفتيه رايحه تحبّيه، هو بحبني وانا بحبّه، باريس أحسن من البلاد يا مامي، هون أنا عايشه مع زوجي بحبّ ودلال، وبنزور أهله وهمّ بزورونا، في البلاد الشّباب كانوا يتسابقوا عليّ، خلّوني عاهرة، لكن ولا واحد منهم رضي يتزوّجني.
الأمّ: يا كشل راسك يا صبحه! اسمع يا ولد، لا انت ابني ولا أنا امّك، ابني مأمون بعتبره مات،” ومنّه العوض وعليه العوض”، ولا تحكي معنا ولا بدنا نشوفك، انقلع الله لا يردّك ولا يرُدّ اليوم اللي شفتك فيه. وأغلقت الهاتف.
أصابتها نوبة بكاء وحزن شديدين. لم تعد لصبحة شهيّة للطّعام، لم تقل لأحد شيئا عن أسباب حزنها، بقيت تعاني لمدّة أسبوع، بعدها سمعت الأسرة خبرا بثّته وسائل الإعلام جاء فيه:
اعتقلت الشّرطة الإسرائيليّة خمسة شبّان عرب بعد أن اعتدوا بالضّرب المبرح على فتاة فرنسيّة من أصول عربيّة متحوّلة جنسيّا، أثناء زيارتها لمدينة القدس برفقة زوجها الفرنسيّ، في حين نقلت الفتاة المعتدى عليها إلى المستشفى للعلاج.
رافق الخبر على شاشة التّلفاز “فيديو” للحدث، عرف أبناء الأسرة من خلال البثّ التّلفزيونيّ ابنهم مأمون، تململ الأب في كرسيّه وقال والغضب يتطاير من عينيه وهو يلتفت إلى زوجته:
هذه خلفتك يا صبحة! وسقط ميّتا بجلطة قلبيّة وهو يقول يا فضيحتنا!
تناقل المراهقون على موقع التّواصل الاجتماعي “فيديو” الإعتداء بالضّرب على “مأمون” بشكل واسع، قبل دفن جثمان الوالد اجتمعت الأسرة وقرّرت الإعلان في الصّحف عن براءتها من “مأمون”. وممّا جاء في الإعلان:
“تعلن عائلة القنبع في الوطن والمهجر براءتها قانونيّا وعشائريّا عن ابنها “مأمون”. و”لله ما أعطى ولله ما أخذ” ولا حول ولا قوّة إلا بالله.”
عندما شاهدت صابرين وزوجها أسامة وأسرته الخبر على شاشة التّلفاز قالت:
هذا مأمون القنبع كان يدرس معنا في الجامعة، والكلّ كانوا يعرفون أنّه مخنّث.
فقال زوجها أسامة:
لا حول ولا قوّة إلا بالله، اللواط جريمة من الكبائر، وهو أغلظ من الزّنا، فالله تعالى يقول عن قوم لوط:” لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ” الحجر/72- 76،”.
وروى التّرمذي (1456) وأبو داود (4462) وابن ماجه (2561) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ” وصححه الألباني في صحيح التّرمذي.
قالت صابرين: يقول العلماء أنّ هؤلاء يولدون بتشوّه خَلْقيّ، كأن يولد أحدهم بأعضاء ذكريّة غير مكتملة، لكنّه في حقيقته أنثى، والعكس صحيح أيضا.
أسامة: هذا كلام هراء فالله سبحانه وتعالى يقول:” لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ”، وما المثليّة الجنسيّة إلا شذوذ وانحراف وإيغال في التّكالب على ملذّات الدّنيا، وهذا ما جلب الويلات والأمراض كالإيدز وغيره للبشريّة.
تناقلت وسائل الإعلام المحليّة والعالميّة حادث الإعتداء على “ميمونة”، وطالب الاتّحاد الأوروبيّ السّلطة الفلسطينيّة بضرورة سنّ قوانين تحمي المثليّة الجنسيّة، لأنّها تدخل ضمن الحرّيّات الشّخصيّة!
قال أبو أسامة: الدّنيا آخر وقت، “والقيامة قرّبت.”
ضحك رأفت وقال:
الشّذوذ الجنسيّ موجود عبر التّاريخ، لكنّ الغريب أن تسنّ بعض الدّول تشريعات تعترف بالمثليّة، وتسمح بزواج المثليّين، وأن يرث أحدهم زوجه الآخر!
أمّ أسامة تسأل مستغربة:
هل يعني زواج المثليّين زواج رجل من رجل، وامرأة من امرأة؟
ردّ رأفت ضاحكا: نعم هو كذلك؟
الأمّ: أستغفر الله العظيم، هل انقطعت النّساء حتّى يتزوّج رجل رجلا مثله؟ وهل انقطع الرّجال حتّى تتزوّج امرأةٌ امرأةً مثلها؟
وهنا سأل رأفت شقيقة أسامة:
على ذكر المثليّة الجنسيّة ما حكم السّحاق في الإسلام؟
أسامة: جاء في الموسوعة الفقهيّة:
“اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لا حَدَّ فِي السّحَاقِ، لأَنَّهُ لَيْسَ زِنًى. وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ؛ لأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ اهـ.
وقال ابن قدامة: (9/59)
إِنْ تَدَالَكَتْ امْرَأَتَانِ، فَهُمَا زَانِيَتَانِ مَلْعُونَتَانِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:” إذَا أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، فَهُمَا زَانِيَتَانِ”. وَلا حَدَّ عَلَيْهِمَا؛ لأَنَّهُ لا يَتَضَمَّنُ إيلاجًا ” يعني الجماع”، فَأَشْبَهَ الْمُبَاشَرَةَ دُونَ الْفَرْجِ وَعَلَيْهِمَا التَّعْزِيرُ اهـ.
وقال في تحفة المحتاج: (9/105)
وَلا حَدَّ بِإِتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ ، بَلْ تُعَزَّرَانِ اهـ.”
عاد رأفت يسأل:
ما هو التّعزير؟
أسامة: التّعزير هو التّأديب؛ لأنّه يمنع ممّا لا يجوز فعله، وهو واجب في كلّ معصية لا حدّ فيها ولا كفّارة. ويتراوح بين التّوبيخ والتّشهير والجلد والنّفي، حسب الجنحة التي يرتكبها الشّخص وحسب مكانته.